تجـريم الإجهـاض.. مشروع أطفـال الشوارع بالمغرب

بقلم : مصطفى الذهبي//

أثير في الآونة الأخيرة نقاش كبير حول تجريم الإجهاض والعلاقات الجنسية الرضائية وكل ما يتعلق بالحرية الفردية خاصة بعد الضجة الكبيرة التي خلفتها قضية الصحافية “هاجر الريسوني” والتي أفرج عنها ومعها المتابعين في الملف بعفو ملكي والذي كان بالدرجة الأولى لاعتبارات إنسانية وفي الوقت نفسه كانت رسالة من جلالته الى من يهمه الأمر، والأمر هنا يهم أساسا تيارين تيار حداثي يضم في صفوفه مثقفين وناشطين جمعويين يتقدمهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان.

في المقابل هناك تيار بأفكار رجعية وقناعات سخيفة ترسخت في أذهانهم ولن يزيلها عنهم لا المنطق ولا العقل بل هي اعتقادات يصممون على أنها من الثوابت الفقهية في مجال الدين وهذا التيار وللأسف له موازين القوى لتحكمه في دواليب الدولة وتتناقض مع فضائحهم الجنسية المدوية سواء الصادرة من أشخاص من حزب العدالة والتنمية أو الدراع الدعوي التوحيد والإصلاح فهم ضد الحرية الفردية التي هي من أبجديات الديمقراطية فهو يدعون الطهرانية مع أنهم يقترفون الفحشاء والمنكر كما هي في مصطلحاتهم فواقعة القياديين في حركة التوحيد والإصلاح بالشاطئ واللذان تم ضبطهما متلبسين بعلاقة جنسية رضائية لم يطبق عليهما القانون المعمول به فيما يخص الفساد خاصة ضد السيدة لأن السيد استفاد من تنازل زوجته في ملف الخيانة الزوجية.

هذا القانون سبق وأن وضعه السيد الرميد حين كان وزير للعدل وها هو الآن وزير لحقوق الإنسان فأي حقوق للإنسان دون الحرية الفردية وحرية المعتقد فكيف لوزير بحقيبة حقوق الإنسان ورئيسه يقول في كتابه عن واجب استجابة المرأة لزوجها في المعاشرة الزوجية مهما كانت الظروف وإلا تعرضت للعنة الملائكة إلى الصبح خاصة إذا نام غضبان وها هو الرجل نفسه لمح برفضه لمقترحات وضعها المجلس الوطني لحقوق الإنسان بمجلس النواب وفي مضمونها عدم تجريم العلاقات الجنسية الرضائية وعدم تجريم الإجهاض لأن التجريم سيدفع النساء إلى عمليات الإجهاض السري رغم مخاطره الصحية والقانونية مما سيؤدي إلى ارتفاع فاتورته النقدية والصحية فيتعذر على جل النساء القيام بها خاصة المعوزات منهن    ويحكم عليهن بالاحتفاظ بحمل غير مرغوب فيه فيتخلين عنه عند الولادة بالشوارع ان لم يكن بالمزابل وكأنه كائن غير إنساني.

وهذا التخلي عن فلذات كبدهن بالشوارع لانهن امهات خارج ما يطلق عليه الشرعية، فتجنبا للمعاناة التي سوف تلقاها الأم صحبة جنينها الذي سيصبح لا محالة من أطفال الشوارع فهن يتخلين عليهم مجبرين وبكل مرارة .حتى لا يصبحن امهات عازبات يتحملن لوحدهن شقاء وعذاب تربيتهم.

إن الصحافية هاجر الريسوني كانت ستقضي سنة سجنا ستحول حياتها ومستقبلها إلى جحيم على فعل لم تؤدي به أحد بل تجنبت مولودا غير مرغوب فيه كان سيخلق لها التعاسة على طول الحياة وأنها وإياه سيؤديان ثمن ذلك إلا أن تجريم عمليات الإجهاض تم تشريعه من طرف وزير ينتمي إلى الحزب الذي سيقود الحكومة منذ 2011 والذي يستمد أفكاره ومعتقداته من مرجعية سلفية.

إن المغرب والمغاربة هم تحت رحمة حزب يقود الحكومة ومن ورائهم الدرع الدعوى بأناس يدعون الطهرانية وفضائحهم الجنسية مدوية لن يسمحوا بالحرية الفردية وكذا  عمليات الإجهاض والمعاشرة الجنسية الرضائية وخير دليل على ذلك ملف الصحفية هاجر الريسوني الذي قام عمها بسب الفتيات والنساء اللواتي ساندنها بالوقفات والاحتجاجات من أجل إطلاق سراحها والسيد الريسوني كان رئيسا لحركة الإصلاح والتوحيد هذه الحركة كانت إلى جانب السيد بنكيران ضد القانون الإطار للتربية والتكوين الذي ينص على تمكين أبناء الشعب من دراسة المواد العلمية باللغات الاجنبية متهمين المؤيدين لها بالعمالة والتبعية للاستعمار في حين أن أبناؤهم يدرسون بالبعثات الغربية ، وعند مرور القانون الاطار بالبرلمان قدم رئيس فريق الحزب استقالته من رئاسة الفريق احتجاجا على اعتماد القانون الإطار المذكور وقد سبق للسيد نفسه الذي يشغل عمدة مدينة فاس أن دعا إلى فصل النساء عن الرجال في صالونات الحلاقة ولنتصور انه قد تمكن من ذلك فسيدعو لا محالة إلى فصل الرجال عن النساء في الأعراس والحفلات فكيف لأناس من هذه الطينة ان يشرعوا قوانين لمغرب حداثي ومتطور في العقليات والأفعال، فالراحل البصري كان رخص لحزبهم بمزاولة السياسة وكان هدفه هو ضرب الحداثة والحداثيين وقد سبقها تعريب المواد العلمية ليبقى الشعب عاجزا عن التفتح والانفتاح على العالم، لأن الانفتاح سيفضح أفكارهم الرجعية وتعاليمهم المتجاوزة.

وللإشارة فالحزب الذي يقود الحكومة سبق وأن تزعم مظاهرة مليونية ضد مدونة الأسرة معاكسة لمظاهرة مليونية مؤيدة للمدونة المذكورة التي تضمن بعض حقوق المرأة والأطفال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد