السيد ناصر بوريطة..هدوء وسط العواصف

يوسف الغريب

لم يعد العمل الدبلوماسي المغربي يقبل سياسية الكرسيّ الفارغ منذ عودة المملكة إلى منظمة الإتحاد الإفريقي..ليسجّل هذا الحضور القويّ للخارجية المغربية في كل الملفات ذات الصلة بالمصالح الحيويّة للبلاد.. وسط عواصف مفتوحة على كل الجبهات الأفريقية والأوروبية والأسيوية، يناور في بعض الملفات ويفاوض في الأخرى.. ولا يخشى التصعيد أو التأزيم

من الصحراء إلى ضمان التوازنات الحيوية في أوروبا وإفريقيا، يبصم الأداء الدبلوماسي على واحدة من أشد الفترات حساسية ومفصلية حقق فيها العقل الدبلوماسي المغربي نتائج مبهرة جعلت العالم ينتبه وإعجاب إلى مغرب اليوم ودوره الإقليمي والدولي جعلت وزير الدفاع الإسباني قال خوسي بونو وزير الدفاع السابق ورئيس البرلمان السابق لإسبانيا خلال مداخلة له في ندوة حول منتدى التنمية الاقتصادية يومه الثلاثاء 28 شتنبر 2021 :

(.. بأن للمغرب دور أساسي في مكافحة الإرهاب، ويجب على إسبانيا أن تتعامل معه باحترام ويجب أن تكون جارا جيدا وبأن تتوخى الحذر في معاملتها مع المغرب لأنه أصبح قوة إقليمية لا يستهان بها.. وعلى إسبانيا دراسة مبادرة الحكم الذاتي الذي اقترح المغرب كحل وحيد ونهائي للنزاع في الصحراء)

هو تصريح اليوم ومن الجار الشمالي الذي غيّر لهجته بتسعين درجة قبل أشهر قليلة.. يشهد وبما لايدع أدنى شك أن القرار الدبلوماسي المغربي إذ تكمن قوة صناعته من حيز ضيق مشمول بالسرية وواجب التحفظ،.. فهو يخرج إلى آفاق رحبة، كي يخاطب العالم بكفاءة وخبرة ومهارة.. يختزلها هذا الوجه الصبوح.. الرجل الديبلوماسي الماسك بكل الخيوط، الهادئ بشخصية متزنة وأنيقة، واحد من جنود الديبلوماسية الوطنية الأستاذ ناصر بوريطة ابن “تاونات ” حيث الهدوء ونظافة البيئة ورائحة الزيتون وسط جبال الريف الشامخة..

من هناك نحو السجاد الأحمر واثق الخطى نحو تدشين افتتاح.. أو وسط الفرقاء للصلح والتصالح.. وبينهما هذا التعدد اللسني في المرافعات والترافع عن الوطن ومقدساته ومصالحه العليا.. بهدوء الواثق.. و جرأة الموقف وابتسامة المنتصر..

نعم هو خاتم لكل عمليات الفريق تحت قيادة عاهل البلاد.. لكن ختامه مسك عندنا نحن المغاربة..

وعلقم مرّ عند نظام العسكر الجزائري درجة أنّه ذكر بالإسم في بيان وزارة الخارجية قيل شهرين واصفة إياه بالماكر والخبيث..

ومنذ ذلك الوقت وأبواقهم لاتترك فرصة دون الإشارة اليه بالشتم والسوء حتّى أن هناك من يشترط عودة العلاقات بين البلدين بتغيير ناصر بوريطة من منصب وزارة الخارجية المغربية..

نعم..هناك من يحلم بإعادة سيناريو المغرب مع اسبانيا ذات أزمة بن بطوش..

من حقهم أن يحلموا.. وأن يتخيّلوا كما يشاؤون..

لكن أن لا ينتبه زعيم حزب سياسي ضمن المثلث الحكومي إلى ذلك أثناء مقابلة معه بقناة ألمانية ففي ذلك ما يدعوا إلى الكثير من الاستغراب والدهشة.. وهو يجيب على سؤال الصحفي الذي تساءل عن بقاء ناصر بوريطة من عدمه في تشكلة الحكومة المقبلة.. فيأتي الجواب بأننا لم نفتح بعد المشاورات حول الحقائب.. دون أن ينتبه الزعيم إلى أن اختيار بوريطة دون غيره من الحقائب مرتبط أساسيا بالازمة بين ألمانيا من جهة الذي صرّح في وجهها بالقول.. ( ليبيا ليست كعكعة..ولن نساهم في إحياء مؤتمر برلين الإستعماري)

دون أن ينتبه الزعيم السياسي إلى انتظارات نظام جار السوء في عدم تجديد الثقة في الأستاذ ناصر بوريطة.. كى تخرج الأبواق بعد نصف ساعة بعناوين مثل المغرب يرضخ للقوة الضاربة.. ويطرد ناصر بوريطة)

هي وزارة سيادة في بلد يناضل من أجل استكمال بقية أراضيه في الشمال بعد إغلاق قوس الصحراء خلال هذه العشرية الأخيرة..

وهو وزير من صلب المجتمع المغربي وخريج مدرستها.. وتدرّج في مختلف إدارتها الديبلوماسية…

هو ناصر بوريطة الذي نسج الخيال الشعبي صوراً معبرة عن حبّهم وتقديره له..

من بينها :

( أن مغربيا شاهد بوريطة قرب محل طاحونة دقيق يشرف على جمع النخّال لإرساله إلى لعمامرة الجزائري..)

وآخر يقول :

( حين يردّ عليك السلام يكون قد فتح قنصلية بالصحراء المغربية.)

بهذا الحس التنكيتي يخلد المغاربة أبطالهم..

وبالحس الوطني نقول :

إنّ من أجمل وأبلغ صور الجدارة السياسية هي الجمع بين نظام الديموقراطية الانتخابية بقاعدتها الشهيرة “صوت واحد لشخص واحد”، والنظام القائم على الموهبة والكفاءة في اختيار قيادات المرحلة بملفات إستثنائية..

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد