إيحاحان: ارض معطاء يتواصل تأخرها عن الركب.

أزول بريس

على مرمى حجر من دوارنا يوجد سد ازرار، ويمكن لأي من سكان إنكنافن أن يشاهد وادي أجنضا وأيت واضيل، رافدي السد، وهي ممتلئة على امتداد كيلومترات بالماء، نراه ولا وقع له على معاناتنا بسبب غيابه.

في منطقتي يواصل الناس ركوب دوابهم، مثل آبائهم الأولين لجلب ما تستطيع حاويات الزيوت ومختلف المواد نقله، وكلما خل الصيف، نضبت الآبار التقليدية وتضاعفت المسافات، وكأن الزمن توقف هناك منذ عقود.
رغم غنى تلك المناطق: زيت اركان أضحى اللتر الواحد منه يكلف أربعة أيام من عمل مياوم، وأضحى كيلوغرام من نواه يباع ب 13 يورو في السوق المحلية، وزيت زيتون من أجود الأنواع، وعسل يطلب في كل الأصقاع، وخروب كانت حباته ترمى، ليتواصل ارتفاع ثمنه حتى بلغ ال 50 درهما للكيلوغرام الواحد، وماعز من أجود الأنواع، ولوز… وتربة إيحاحان تنبت كل المغروسات والمزروعات، كما تتوفر منطقة إيحاحان على مواقع سياحية خلابة وشواطئ تأسر العقول والألباب.
ينهض أبناء إيحاحان بحصة الأسد من العاملين بقطاع الصيد البحري في الأقاليم الممتدة من الصويرة إلى حدود المملكة الجنوبية، ويحضرون بقوة في كل الموانئ، ويسيرون مئات المراكب أَو يمتلكونها، وتتحول مراكز تمنار وسميمو وأيت آمر… خلال كل مناسبة إلى مراكز تجارية ضخمة يضخ فيها رجالات البحر الحيحيون الملايير، لتتحول تلك المراكز إلى سالف عهدها مباشرة بعد انصراف الجالية الحيحية والتحاقها بالمراكب.
وتمتد قبائل الساحل على شواطئ من أجود الواجهات البحرية بالمغرب، في تاغازوت، إمي ن وادار، أعروض، إمسوان، تيمزكيدة أوفتاس، تافضنا، سيدي حماد السايح، سيدي مبارك، سيدي عمر، سيدي كاوكي… دون ان تستثمر كما يجب لتنمية المنطقة.

إن كبوة إيحاحان عائدة لإيحاحان أنفسهم، لضعف التعليم، للعزوف عن المشاركة في النهوض بالمنطقة، أو/والانصراف للانخراط في ما يسيء لها ويسهم في استمرار تخلفها عن الركب، وكأنها جزيرة محكوم عليها بالفقر والتهميش شمال سوس وصحراء ينموان بسرعة.
فمتى سيفهم إيحاحان أنهم وهبوا مناطق قليل نظيرها، كثيرة مؤهلاتها؟

ومتى سيفهمون عبارة مسكوكة موداها أن ما حك جلدك غير ظفرك
Inna wuccn ur tti iqqwDi amr tiDaRin
ومتى سيبذلون كل جهدهم لتعليم أبنائهم وبناتهم، فنسب التمدرس بمناطقنا متدنية جدا، ومتى سيقلعون عن كل ما يضر بمناطقهم من سلوكات وممارسات ويحيطوها بالحب كجزء من وطن يمنحهم أسباب البقاء.؟

إن مسقط الرأس وتامازيرت والوطن مات من أجلها من خلفونا هنا حتى نعيش عليها الآن، فكيف يسمح البعض منا لأنفسهم ببيعها بثمن بخس دراهم معدودات، تختفي كما يختفي الدخان وسذ الظلام، ويواصل الفقر والتاخر زحفهما.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد