إنزكان: تاماينوت تنظم ندوة وطنية حول “الحركة الأمازيغية في المغرب: المسارات والممكنات”..

ظلت الحركة الأمازيغية في المغرب حركة فاعلة دينامية قادرة على الاشتغال في مساحات مدنية وتطوير الخطاب حول قضايا التعدد اللغوي والتنوع الثقافي، وقد تمكنت من إرساء التعدد كواقعة مؤسسية، وأسهمت في خلق شروط إنتاج المعنى التاريخي، والتي انتقلت بالأمازيغية من مهمل ثقافي وسياسي واجتماعي إلى موضوع وورش للتفكير من قبل رؤى مختلفة ومن مواقع متعددة، لقد تمكنت الحركة الأمازيغية من جعل الأمازيغية تنتقل من موضوع عرضي في الاجتماع المغربي إلى قضية تقع في تقاطعات الفكري والسياسي والمعرفي والمدني والحقوقي؛ لتمنحها بذلك وضعها الاعتباري الملائم في الفضاء العمومي وفي الخطاب المؤسسي.

لكن الحركة الأمازيغية بوصفها تسمية لمجمل الديناميات الفكرية والثقافية والحقوقية والإبداعية الرامية للنهوض بوضعية الثقافة الأمازيغية والإنسان الأمازيغي لم تكن فاعلة فحسب، ولم تكن بمنأى عن اشتراطات ومقتضيات السياقات الثقافية والسياسية والاجتماعية ومجمل السياقات المحايثة التي يتحقق فيها أثرها، ولم تكن مفارقة للواقع الاجتماعي وما يشهده من تحولات، كانت جدلية التأثير والتأثر بادية في آلياتها وفي بنيتها، ومن ذلك ما تسرب من المخيال الثقافي بوجه عام من توصيفات الأزمة وما يتصل بذلك من قضايا استكشاف المخيال ذاته للحاجة إلى التجديد والتحديث والبحث عن البدائل واجتراح الممكنات والاستناد في ذلك إلى عامل التفكير لاستشراف المستقبل، وبقدر ما يتصل ذلك بسياق كوني عن أفول السرديات الكبرى وما تلا ذلك من بروز مخيال النهايات، وسريانه في مختلف مستويات الحياة الإنسانية، لكنه يعكس في جانب منه اختبار النجاعة وقياس الآليات في تحقيق الأثر الاجتماعي من موقع قدرة الفكر على الفعل والاستشراف.

لم تكن الحركة الأمازيغية منعزلة عن هذا المخيال والذي انبثق في صيغ مختلفة؛ من بينها صيغة القول باستنفاد العمل المدني لوظائفه، والحاجة إلى الانتقال إلى مسارات أخرى، ومنها ما يتصل بنقد الآليات الترافعية والحاجة إلى تجديدها وتكييفها مع اشتراطات الألفية الجديدة، ومنها ما يركز على سؤال المرجعيات والخلفيات الفكرية من منطلق إعمال حفريات نقدية في الخطاب وفي مخيال الحركة الأمازيغية، ومنها ما يطرح أسئلة التشبيك وبناء الالتقائيات بين مكونات الحركة الأمازيغية من جهة وبين مكونات الحركة الحقوقية والمدنية الديموقراطية من جهة أخرى.

هي صيغ متعددة لرؤى، تتقاطع في استنادها لدينامية نقدية مزدوجة للذات وللسياقات المحايثة للفعل الأمازيغي، وتتغيا في أشكالها الواعية المؤسسة على حس مقارن بين الحركة الأمازيغية؛ حاضرها وماضيها وبين الحركة الأمازيغية وغيرها من الحركات كما في أشكال بروزها الحسية بناء قاعدة للفهم تمكن من فعل تسمه النجاعة.

إنها أيضا مساءلة لراهن حركة تُعتبر من أهم الحركات التي ظهرت في مغرب الاستقلال، بلْ وُصفت على أنها أعادت التوازن للعقل المغربي، على مدى أكثر من نصف قرن نجحت هذه الحركة في توسيع قاعدتها الجماهيرية عبر جمعيات وطنية و محلية نشيطة في المدن والقرى في ربوع الوطن وعبر إنتاج علمي غزير تم من خلاله رج البداهات عن الهوية والذاكرة والتاريخ والتراث والمستقبل، فتمكّنت بواسطتها من خلق شروط تشكيلة خطابية مغايرة للسائد سواء لدى السلطة أو الأحزاب السياسية والنقابات أو المجتمع المدني، وقد نجحت الحركة الأمازيغية عبر خطابها المُعتمد على “قوّة الحجة” و ليس “حجّة القوّة” في تحقيق شرعية مطالبها وإحقاق عدالة الاعتراف معتمدة الحوار والنقاش الجاد والمسؤول الذي أدى للاعتراف الرسمي بالأمازيغية منذ 2001 واعتبرت “لغة رسمية” للدولة ومكونا جوهريا من مكونات الهوية الوطنية في دستور 2011.

وعليه فإن الندوة التي تزمع منظمة تاماينوت فرع إنزكان، مساحة للتفكير في ممكنات العمل المدني الأمازيغي وراهنه، تراهن على كشف النقائص والأعطاب ومساءلة الذات قدر رهانها على اجتراح البدائل الكفيلة باستدامة الفعل الأمازيغي من أجل فعلية الحقوق اللغوية والثقافية والحق في الموارد، فضاء مفتوح للمناقشة في عالم تطبعه الأزمات، إنه تأسيس لالتقائيات مدنية قادرة على تطوير آليات الترافع بما يتلاءم والتحولات التي يعيشها المغرب المعاصر، إنها أيضا مساحة بديلة لتأمل المسارات المتعددة للفعل الأمازيغي في المغرب وإبدالاته.

إنها محاولة عصف ذهني قادر على رج المسلمات والبداهات وبما به نفكر في فعلنا المدني والثقافي، وذلك وفق المداخل الآتية التي تعد منطلقات للنقاش:

جاذبية الفعل المدني الأمازيغي للشباب وسؤال الأجيال: مقاربات ورؤى

الفعل المدني وخطاب الأزمة ومخيال النهايات: تشريح حالة الحركة الأمازيغية

أسئلة تجميع الحركة الأمازيغية : قراءات نقدية في المنطلقات والرهانات

الحركة الأمازيغية والحركة النسائية: التقاطعات والالتقائيات

الحركة الأمازيغية والحركة الثقافية الأمازيغية في الجامعة: حدود العلاقة وممكناتها

واقع الفعل الجمعوي الأمازيغي وتحديات الهجرة إلى العالم الرقمي: من الفعل إلى رد الفعل.

المشاركون في الندوة :
حسن ادبلقاسم
أحمد عصيد
محمد امدجار
أحمد أرحموش

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد