“أنو” ن سيدي بولفضايل (بئر) : كنز يحتاج للإهتمام

يعلم المهتمون بأن مصادر المياه ” عين، واد، بئر،…” من أهم أسباب الإستقرار البشري في منطقة ما، ولذلك ارتبط تأسيس عدد من المدن كتزنيت باكتشاف عين، فنسجت حوله الأساطير. ومن هذا المنطلق، فمن المرجح جدا أن استقرار السكان بدوار سيدي بولفضايل (إقليم تزنيت، على الساحل الأطلسي بين أكلو و ميرلفت)، قد يكون مرتبطا بوجود “أنو (بئر)” قبل أن يظهر ضريح (مجهول التاريخ) أعطى اسمه للدوار كما ارتبط به البئر أيضا، بل إن الدواوير المجاورة كانت إلى عهد قريب تستفيد هي أيضا من هذا البئر، حتى بعد أن إلتجأت العائلات لحفر “تانوطفي/مطمورة)، لخزن مياه الأمطار، فكانت هذه الأخيرة تستعمل للشرب ومياه البئر لباقي الاستعمالات (الغسيل، سقي الحيوانات والماشية،….).

بئر سيدي بو الفضايل
بئر سيدي بو الفضايل

لا أحد يعرف تاريخ هذا البئر، وإن كانت بعض المؤشرات تبين أن الإدارة الفرنسية استعانت به، بعد إصلاحه ووضع آلة هوائية لجلب المياه، مازالت موجودة لكنها معطلة. كما يبقى السؤال مطروحا إن كانت الإدارة الفرنسية هي من حفرته أم لا؟ أم أنه كان موجودا فأصلحته.

فإلى حدود بداية القرن الواحد والعشرين كان هذا البئر المصدر الأساس للماء، قبل أن تعرف المنطقة تحولات كبرى منذ تعبيد الطريق الساحلية الرابطة بين أكلو وكريزيم، صاحبها مرور شبكة المياه الصالحة للشرب سمحت بتخصيص مكانين (ساقية) لتزويد سكان الدوار بالتناوب بالماء.

ومع توالي سنوات الجفاف وسيرورة التمدن التي تعرفها المنطقة وتراجع عدد العائلات التي تكسب الماشية، تراجع دور البئر شيئا فشيئا، وأصبح عرضة للإهمال، فقل صبيبه بسبب ركام الأحجار التي أغلقت ينابيعه وكذا القنوات الحاملة لمياه ” الخطارات”، ولم يعد يستغله مؤخرا بشكل أساس إلا بعض الرحل لسقي العشرات من الإبل التي أصبحت تجوب المنطقة.

وبفضل النقاش الدائر حاليا حول أزمة المياه وما قد ينتج عنها مستقبلا من شح في هذه المادة الحيوية، عاد تفكير ساكنة الدوار إلى بئرهم التاريخي، فبادرت جمعية جلب سيدي بولفضايل للتنمية الاجتماعية والتعاون وحماية البيئة بتحسيس الساكنة بأهمية الحفاظ على هذا المنبع الحيوي.

قرر شباب الدوار في إطار عملية تيويزي تنظيف البئر من ينابيعه، وإفراغه من الأحجار المتراكمة وكذا تنظيف “الخطارات”، والعمل على تغطيته لحمايته من سقوط الحيوانات الضالة.

لقد تفاجأ الجميع بعمق البئر و حجم المياه المتدفقة منه، والتي بإمكانها أن تستجيب لحاجيات الساكنة لمدة طويلة، لأنه يبدو أن مصدر الماء يأتي من فرشة مائية تحت أرضية غنية جدا، ومن شأن الاهتمام بهذا البئر تحويل محيطه لواحة خضراء، من شأنها جلب السواح، خاصة وأن موقع البئر يوجد بين الجبال.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد