أشنكلي : واجبنا اليوم يستدعي منا الالتزام، والتحلي بروح المبادرة من أجل خلق جهة منتجة للثروة

كلمة افتتاح الدورة الاستثنائية لمجلس جهة سوس ماسة

يسعدني في مستهل كلمتي أن أتقدم بجزيل الشكر وعميق الامتنان لأعضاء مجلسنا الموقر، على تلبيتهم دعوة حضور أشغال الدورة الاستثنائية الثانية التي تنعقد اليوم بعد المصادقة على النظام الداخلي، وبعد استكمال تشكيل هياكل مجلسنا، بما في ذلك اللجن الدائمة وكذا الإعلان عن الفرق السياسية.

كما أود الترحيب بالسيد والي جهة سوس ماسة على حضوره معنا، وهي مناسبة أغتنمها، لشكره باسمكم جميعا على مواكبته الدائمة لنا في تنزيل برامجنا التنموية والتي سنكرس من خلالها لمرحلة تجسد المعنى الحقيقي للجهوية المتقدمة المنشودة.

أغتنم مناسبة انعقاد جمعنا المبارك هذا بأن أتقدم بإسمي الخاص، ونيابة عن كافة أعضاء وأطر مجلس جهة سوس ماسة، بتهنئة رؤساء اللجن ونوابهم، وكذا رؤساء الفرق على الثقة التي حضوا بها من لدن زملائهم أعضاء المجلس، وفي هذا السياق، لا بدَّ أن نثمن عاليا الحضور الوازن للعنصر النسوي في تشكيلة اللجن الدائمة، الذي سيشكل لا محالة قيمة مضافة للتدبير الجيد للشأن الجهوي.

وبهذا استطاع مجلسنا أن يكون في الموعد، بإصرار أعضاءه على إدماج بُعد مقاربة النوع في العمل المؤسساتي للمجلس إيمانا منا بمكانة المرأة ودورها الفاعل في عملية الإنتاج، وقدرتها على  المساهمة في النهوض بالمسار التنموي للجهة، وستكون جهتنا، مما لا شك فيه، مثالا يحتذى به في هذا المقام.

إن نجاح مهمتنا التمثيلية هي نجاح للمشروع التنموي لمجلسنا الموقر، وحتى يتحقق هذا المبتغى يتطلب الأمر الانخراط الفعلي لكل أعضاء المجلس والتفاعل اليومي لجميع هياكله بما في ذلك مكتب المجلس واللجن الدائمة والتي ستسهر على التداول في القضايا ذات الصلة بالاختصاصات المخولة للجهة.

وتأسيسا على هذا، أدعو السادة رؤساء اللجن ومن خلالهم كافة أعضاء المجلس إلى الانكباب على عقد اجتماعاتهم للاطلاع على المشاريع التي توجد طور الإنجاز، كل حسب اختصاصه والمهام المنوطة به، من أجل إعطائها نفسا جديدا وبلورة أفكار تستجيب لتطلعات وانتظارات المواطنات والمواطنين بالجهة ولخلق بنكٍ للمشاريع يتم استثماره في إعداد برنامج التنمية الجهوية.

هذا، و في نفس السياق، وترسيخا للديمقراطية التشاركية، التي نص عليها الدستور وكرسها القانون التنظيمي رقم 111.14 المتعلق بالجهات، كنهج استراتيجي مكمل للديمقراطية التمثيلية من خلال إحداث آليات للحوار والتشاور، لتيسير مساهمة المواطنات والمواطنين و الجمعيات في إعداد برامج التنمية وتتبعها، سننكب في قادم الأيام إن شاء الله على إحداث الهيئات الاستشارية الثلاث في إطار مقاربة تشاركية، ويتعلق الأمر ب : الهيئة الاستشارية للمساواة وتكافؤ الفرص ومقاربة النوع، الهيئة الاستشارية للشباب والمستقبل والهيئة الاستشارية للقضايا الاقتصادية.

وسنحرص على أن تكون شريكا مؤسساتيا فاعلا مع مجلس الجهة ومنخرطة في التنمية الجهوية بأفكارها واقتراحاتها وبدائلها التي من شأنها أن تساهم في تتبع السياسات الترابية للجهة.

إن واجبنا اليوم يستدعي منا الالتزام، والتحلي بروح المبادرة من أجل خلق جهة منتجة للثروة ، تستجيب لمتطلبات المرحلة الراهنة الرامية إلى ترسيخ روح المسؤولية لدى كل العضوات والأعضاء وشركاء المجلس وربط ذلك بنتائج وجودة التدبير الجهوي الترابي.

ولتحقيق هذا المبتغى، فلا مناص من رفع هذه التحديات من خلال إشراك كافة مؤسسات الدولة والفاعلين في القطاعين العام والخاص والمجتمع المدني، لتعبئة الطاقات بُــغية كسب رهان تنمية جهتنا، ليس فقط على المستوى المؤسساتي بل على مستوى الواقع والممارسة المقرونة بالنتائج.

فكما تعلمون جيدا، أننا على مشارف تخليد الذكرى السادسة والاربعون لانطلاق المسيرة الخضراء المظفرة، فَبِقَدرِ ما هي مناسبة عظيمة لكل المغاربة، فإن لها انطباع خاص بالنسبة لساكنة جهة سوس ماسة، على اعتبار أن خطاب انطلاقة هذا الحدث العظيم كان بمدينة أكادير.

كما أن الخطاب الملكي السامي، بمناسبة الذكرى الأربعة والأربعون، حمل في ثناياه رسائل كثيرة، حيث ركز على الموقع الاستراتيجي الذي أضحت تحتله جهة سوس ماسة في الخريطة الجهوية، داعيا حفظه الله إلى ضرورة جعلها قطبا اقتصاديا، باعتبارها حلقة بين باقي جهات المملكة. وعليه، فإن الرهان معقود على تنميتها أكثر من ذي قبل من خلال وضع مخططات وبرامج مهمة، تتماشى مع المكانة التي تتبوأها استراتيجيا.

وفي هذا الصدد، فإننا وبكل مسؤولية وأمانة، لن نبخل جهدا في سبيل الاضطلاع بمهامنا على أحسن وجه انطلاقا من الصلاحيات التي خولها المشرع للجهة، والتي تروم خلق تنمية مندمجة شاملة، تراعي العدالة المجالية لأقاليم الجهة.

إن جدول أعمال هذه الدورة يتضمن مجموعة من النقط ذات أهمية بمكان، فعملا بمقتضيات المادة 198 من القانون المنظم للجهات 111.14، فإننا سنعمل على الدراسة والتصويت على مشروع ميزانية جهة سوس ماسة برسم السنة المالية 2022، الذي حرصنا على إعداده مراعاة للظروف الصحية التي حلت ببلادنا على غرار باقي بلدان العالم، التي أثرت سلبا على المالية العمومية عامة والميزانية الجهوية خاصة.

ولهذا، فإننا نتوقع أن تبلغ مداخيل ميزانية الجهة حوالي 804 مليون درهما، ستشكل الموارد الذاتية منها نسبة تقدر ب 7 %.

وعلى هذا الأساس، عملنا على عقلنة نفقات التسيير من خلال تضمينها ما هو إجباري وأساسي، وهذا ما وفر لنا فائضا تقديريا يقدر ب حوالي 686 مليون درهما، وجه أغلبيته لتغطية التزامات الجهة في برامج مهمة ومهيكلة والتي تقدر ب  549 مليون درهما، في حين لم تتم برمجة الباقي منه والذي يقدر ب 136 مليون درهما إلى حين إنجاز برنامج التنمية الجهوية.

هذا، وتجدر الإشارة إلى أن الاعتمادات المبرمجة، همت مشاريع مهمة تخص أساسا:

  • مشاريع تقليص الفوارق الاجتماعية والمجالية بالوسط القروي التي رصد لها مبلغ مالي يقارب 235 مليون درهما؛
  • دعم القطاع السياحي بمبلغ 188 مليون درهما؛
  • دعم القطاع الصحي بمبلغ 21 مليون درهم؛
  • مشروع التهيئة الحضرية بمبلغ 26 مليون درهم؛
  • دعم المقاولات بمبلغ 12 مليون درهم؛

بالإضافة إلى مشاريع أخرى تهم مناطق الأنشطة الاقتصادية ومجالات أخرى ذات الصلة باختصاصات الجهة.

واعتبارا لأهمية دعم الخطوط الجوية الداخلية لما لذلك من آثار إيجابية على دعم النقل والترويج السياحي، نقترح عليكم التداول بشأن تجديد ثلاث اتفاقيات مع الشركة العربية للطيران من أجل تعزيز مجموعة من الخطوط الجوية ويتعلق الأمر ب: (أكادير، طنجة)، (أكادير، الرباط)، (أكادير، فاس) ، مع العلم بأننا مطالبون في هذا الصدد بالعمل بشكل متقن على توظيفها بكيفية تجعلها أكثر نجاعة وذلك لتحقيق مكاسب للقطاع السياحي، في إطار مقاربة تشاركية مع جميع المتدخلين في هذا الشأن، وسنعمل على أن تكون هذه البادرة في إطار عروض سفر متكاملة تضم الايواء والتنشيط بالإضافة إلى خدمات أخرى.

إن مشروع مدينة المهن والكفاءات الذي أعطى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله انطلاقة أشغاله والذي سيصبح جاهزا خلال الأسابيع المقبلة، يعتبر مشروعا مهما بحيث تبلغ طاقته الاستيعابية 3420 مقعدا، وسيؤمن عرضا تكوينيا متنوعا في مجموعة من القطاعات الأساسية، كما أن جهتنا تعتبر السباقة في انجازه مما سيمكننا من تعزيز رافعات التسويق الترابي.

والملحق الذي بين أيدينا يهدف إلى تعديل الفصلين الرابع والخامس من اتفاقية الشراكة والمتعلقين بالتكلفة المالية للمشروع وبالتزامات الأطراف المتعاقدة طبقا للفصل السابع من نفس الاتفاقية وذلك من أجل تعبئة اعتمادات مالية لتمويل أشغال تهيئته الخارجية لتكون هذه المعلمة في مستوى قيمتها التكوينية.

وفي ختام كلمتي، لا يسعني إلا أن أشدد مرة أخرى على ضرورة تحملنا لمسؤوليتنا الكاملة والعمل بكل تفان ونكران الذات، ولن يتأتى ذلك إلا بتكثيف الجهود للارتقاء باقتصادنا الجهوي وتحقيق التنمية المرجوة، والتأسيس لجهوية تشكل أداة حقيقية للتنمية المستدامة والتقدم الذي يرعاه جلالة الملك محمد السادس نصره الله.

باسمكم جميعا، نشكر مرة أخرى السيد الوالي، على مواكبته اليومية في تنزيل البرامج التنموية للجهة وتيسير عمل المجلس، والشكر موصول إلى كل العاملين على إنجاح مهامنا من رجال السلطة والمصالح الخارجية والأطر الإدارية ونساء ورجال الإعلام.

وفقنا الله جميعا لخدمة جهتنا، وتعزيز مسارات التنمية بها، وخدمة بلادنا إلى مزيد من الرقي والازدهار تحت القيادة الرشيدة لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد