أشنكلي : لا تنمية إلا بإرساء حكامة ترابية جيدة توحد الجهود وتضمن الالتقائية والانسجام

في دورة مارس 2023 لمجلس جهة سوس ماسة

كلمة الرئيس كريم أشنكلي

يطيب لي في البداية أن أعبر عن خالص امتناني للسيدات والسادة الأعضاء على تلبيتهم دعوة حضور هذا الاجتماع الذي يندرج في إطار الدورة العادية لشهر مارس 2023 كما أرحب بالسيد والي الجهة والسادة عمال عمالة وأقاليم الجهة لتفضلهم بالمشاركة في أشغال هذا اللقاء.

كما أغتنم هذه الفرصة لأَسْتَبِقَ الحدث وأتقدم بأطيب المتمنيات إلى النساء بصفة عامة، وإلى السيدات عضوات وموظفات إدارة الجهة والوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع وشركتي التنمية الجهوية للسياحة ومن خلالهن إلى جميع نساء الجهة بمناسبة عيد المرأة الذي يصادف 08 مارس من كل سنة، متمنيا لهن كامل التوفيق والسداد.

إن هذه الدورة تنعقد وبلادنا تعيش دينامية لرفع التحديات الناتجة عن تسارع الأحداث العالمية من جهة وضرورة مواصلة تنزيل مسلسل التنمية الذي أرسى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله دعائمه الأساسية الهادفة إلى توفير إطار للعيش الكريم لكافة المواطنات والمواطنين من جهة أخرى.

ومن هذا المنطلق، فإننا مسؤولون جميعا كل حسب دوره عما تَم أو سيتم القيام به من أجل كسب هذا الرهان التنموي الذي لن يتحقق في تقديري إلا بإرساء حكامة ترابية جيدة توحد الجهود وتضمن الالتقائية والانسجام.

وتماشيا مع هذه الرؤية الطموحة، فإننا نسعى إلى أن تكون هذه الدورة مُؤَطَرَةً بكل هذه العوامل السالفة الذكر، مع ضمان ديمومة الاستراتيجيات التنموية التي تَبَنَتْهَا المجالس المتعاقبة، وكذا مواصلة النهج الذي اعتمدناه في الدورات السابقة.

وإيمانا منا بأن الشراكة والتعاون آلية ضرورية لتنزيل سليم للحكامة الترابية، فقد حرصنا على أن يتضمن جدول أعمال هذه الدورة مجموعة من مشاريع الاتفاقيات التي نصبو من خلالها إلى جعل الجهة رافعة للتنمية، حيث تبلغ قيمة هذه المشاريع ما يناهز 856 مليون درهم تساهم من خلالها الجهة باعتمادات مالية تصل إلى حوالي257 مليون درهم موزعة على ثلاثة سنوات.

وعلى هذا الأساس، فإن ما تم اقتراحه للتداول ينسجم والمهام الموكولة للجهة والمتجلية أساسا في التنمية المستدامة والمندمجة بكل أَبْعادِها المختلفة.

وهكذا، اقترحنا في ميدان التنمية الاقتصادية، مشاريع تهم القطاعات الاقتصادية الأساسية للجهة والتي تروم في مجملها الى إنعاش السياحة في المناطق الخلفية والترويج لها، ناهيك عن دعم الاستثمار في الصناعة وتربية الأحياء البحرية من خلال منح حوافز مالية للمستثمرين في هذا المجال، بالإضافة الى الاقتصاد التضامني والاجتماعي الذي يكتسي أهمية كبيرة بالنسبة للجهة، وهو نفس الاهتمام والعناية التي حَظِيَ بها البحث العلمي في اقتصاد الماء الموجه للقطاع الفلاحي، وكذا دعم المقاولة الفلاحية، باعتبارهما مبادرتين نَأْمَلُ أَنْ تُشَكِلاَ  انطلاقةً جديدةً لدعم تنافسية هذا القطاع الحيوي.

ودعماً لسياسة إعداد التراب، فقد ارْتَأَيْنَا وَضْعَ إِطَارٍ يسمحُ بِدَعْمِ التدخلات الرامية إلى تزويد العالم القروي بالماء الصالح للشرب من خلال رصد غلاف مالي يفوق 69 مليون درهم على مدى ثلاث سنوات، وسيتم إعداد برنامج بشأنه مع السلطات الإقليمية، والفاعلين الآخرين لضمان التكامل بين البرامج الأخرى ذات الصلة بهذا القطاع، وفي نفس السياق فإن اقتراح إِحْداث مرصد جهوي للديناميات الترابية سيمكن من تأطير المجال واستشراف مستقبله ومواكبة تطوره من أجل اتخاذ القرارات الصائبة الكفيلة بتعزيز جاذبيتة ودعم تنافسيته.

أما عن الميدان الاجتماعي، فإننا نتوخى أن يعتمد مجلسنا الموقر شراكات مع القطاعات الحكومية المعنية والقطاع الخاص لدعم الجهود المبذولة لفائدة الفئات الهشة، وخاصة الأشخاص في وضعية إعاقة، وكذا تأهيل النساء للإدماج المقاولاتي، فضلا عن إنعاش التظاهرات الرياضية والثقافية والعلمية، ناهيك عن دعم المصالح المكلفة بتوفير السكينة والأمن والطمأنينة.

وبخصوص الميدان البيئي، فإننا نقترح أن نعمل وفق التوجه العام للدولة فيما يخص دعم المشاريع المهيكلة، التي تهم التطهير السائل والحماية من الفيضانات والحد من مخاطرها البيئية، مساهمة في تعزيز البعد البيئي للتنمية.

أما عن الميدان الثقافي، فإننا سنتدارس اتفاقيات من شأنها استكمال بناء وتجهيز بعض المؤسسات الثقافية، علاوة عن دعم بعض المبادرات الهادفة إلى تشجيع القراءة وتقوية قُدُرَاتْ مدبري الشأن الثقافي.

وبخصوص التكوين والتكوين المهني الذي يعتبر من اختصاصاتنا الذاتية، فإننا نسعى إلى وضع الإطار الأنسب لتيسير تكوين المنتخبين والمساهمة في إحداث معهدين للتكوين المهني، إيمانا منا بأن توفير الأُطر المتخصصة يُشَكِلُ إِحْدَى نقاط جلب الاستثمار المنشود.

أما عن الجانب المالي، فإننا نسعى للتداول في العمليات المالية اللازمة لتنفيذ المشاريع المبرمجة، من خلال تحويل المخصصات إلى الوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع، وتعبئة القروض الرامية لتمويل برنامج تقليص الفوارق المجالية والاجتماعية.

إنني على يقين تام بأنكم ستتفاعلون بالإيجاب مع هذه النقاط، لكونها تندرج في إطار التوجه العام الذي رسمناه لأنفسنا منذ بداية هذه الولاية، وكلنا أمل في اعتماد برنامج التنمية الجهوي في أقرب وقت.

وأغتنم هذه الفرصة، لأحيطكم علما بأنني أسارع الزمن لإخراج هذه الوثيقة إلى حيز الوجود، كما أنه في ذات الوقت لا أُريد التسرع، بغية أن يكون المشروع الذي سأقدمه لكم في مستوى طموحاتكم ويتقاسمه الجميع، ومع ذلك أُخْبِرُكُمْ أنني قطعت أَشواطاً مهمةً في إعداد هذا البرنامج بتعاون مع المكتب وبتنسيق تام مع السيد الوالي وله منا بهذه المناسبة جزيل الشكر.

كما لا تفوتني الفرصة لأعبر عن تطلعي لمساندة السادة العمال في هذا الإطار، لما لهم من دور أساسي في ضمان الانسجام والالتقائية مع برامج الجماعات الترابية الأخرى والمصالح الإقليمية للدولة على مستوى العمالات والأقاليم.

وبهذه المناسبة، أشد بحرارة على يد السادة رؤساء المجالس الترابية على تفاعلهم الإيجابي مع مختلف الحاجيات الترابية رغم محدودية امكانياتها، وسأعمل جاهدا لكي تكون انشغالاتهم في صلب برنامج التنمية الجهوية، علما أن نجاحنا في هذا التمرين، رهين بانخراط الجميع في الرؤية التنموية التي نحن بصدد بنائها، لأنها ستكون منا وإلينا، مما يفرض علينا التحلي بالواقعية اللازمة لإعداد عمل قابل للتنفيذ.

لابد لي أَن أُعَبِرَ عن ارتياحي التام للعمل الذي تقوم به كل مكونات مجلسنا، من مكتب ولجان وفرق وكافة السيدات والسادة الأعضاء، مما يُجَسِدُ وَعْيَ الجميع بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقنا، وأشكر السيد الوالي الذي لم يتوانى لحظة في مواكبة أعمالنا ودعم كل المبادرات الرامية إلى ممارسة اختصاصاتنا، والشكر موصول كذلك إلى السادة العمال الذين يساندون كل خطواتنا كما أشكر السيدات والسادة رؤساء المصالح الخارجية، نساء ورجال الإعلام على تفاعلهم الإيجابي، وأشكر أيضا أطر إدارة الجهة والوكالة الجهوية لتنفيذ المشاريع وكذا شركتي التنمية الجهوية  للسياحة على المجهودات التي يبذلونها لتنزيل مقرراتنا على أرض الواقع.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد