من نكون ومن تكونون

سمير وعلي//

مناسبة إطلاق حملة الخروج من الجامعة العربية ، التي اجتاحت شمال إفريقيا عبر مواقع التواصل الإجتماعي ، تساءل العديد من الذين يجهلون تاريخهم واصلهم ومن يكونون ، لما الخروج من الجامعة العربية !! من نكون إذن ؟؟ وحتى هؤلاء الذين يتحدثون الأمازيغية (البعض طبعا) يقولون نتيجة لجهلهم نحن أمازيغ عرب دون أن يعون ما يقولون ..

هذه النظرة الخاطئة كانت نتيجة سياسة التعريب التي نهجتها أنظمة شمال إفريقيا منذ عقود من الزمن في محاولة يائسة منها لطمس هوية شمال إفريقيا وبناء هوية جديدة على أنفاضها .. لهذا وغيره نود التذكير لعلى الذكرى تنفع المستعربين و لعلى بفعلنا هذا نوضح للكثير الذين يجهلون من هم ومن يكونون ، ولا يعرفون عن تاريخهم غير ذلك الفتات الذي حشو به ادمغتهم وهم صغار .. فقد أثبثت كل الأبحاث التاريخية وكل الدراسات الموضوعية والعلوم من حفريات وجغرافيا والعراقة والاناسة واللسانيات وغيرها أن كل الأساطير التي قيلت أن أصول الأمازيغ كلها توجهات خاطئة بدأ بالأصل الميدي والهندي والغاليون والأصول الشمالية والقوقاز والاطلنتيد والفارسي والكنعاني والأصول القرسطية وأصول أخرى من العصور القديمة. أن الامازيغ هنا وجدوا في شمال افريقيا موطنهم الأم وكل محاولات نسبهم إلى أقوام أخرى كلها محاولات فاشلة أظهرت عجزها أمام الحقائق الدامغة والبراهين التي لا يمكن إثبات عكسها ..

كما أن الزعم كون اللغة الأمازيغية لها قرابة للمصرية (شامبوليون) والهلينية (بيركولون) والسومرية والباسكية .. إلخ كلها ادعاءات لا أساس صحي لها وعارية من الحقيقة .. وسبب هذا الإختلاف هو عظامة هذا الشعب الأمازيغي الضاربة جذوره في التاريخ قرون وقرون قبل الميلاد.

فالامازيغ إذن ( الأمازيغ تعني الإنسان الحر النبيل ) هم أصحاب إقليم شاسع يغطي الربع الشمالي الغربي من القارة الأفريقية من البحر الابيض المتوسط إلى جنوب النيجر ومن المحيط الأطلسي إلى مشارف النيل أي أثنى عشر بلدا .. تجمع بين سكانها اللغة والتاريخ والعرق .. لهم نفس التقاليد والعادات .. حافظوا عليها منذ أقدم العصور إلى اليوم رغم كل محاولات التذويب والغزو .. ولغتهم هي الأمازيغية (أوال أمازيغ) أي الكلام النبيل ، تلك اللغة التي لازالت متداولة فيما بينهم للوقت الحاضر رغم التعريب والتهميش .. وحرفهم هو تيفيناغ ذلك الحرف الذي يعود إلى قرون وقرون قبل التاريخ بل وأقدم حرف للكتابة من البحر الأبيض المتوسط إلى النيجر ..

أفلا تنظرون إلى أسماء الأماكن والجغرافيا !! إلى نمط العيش والتقاليد واللباس والأكل والمجوهرات والزخرفة ووو … كل ما في الأمر أن مجموعة من البدو لا تتعدى في أكثر تقدير 200000 ألف شخص هربوا من بطش الشرق في القرن الحادي عشر الميلادي خصوصا من قبائل بني هلال وبني معقل وبني سليم ، إستقبلهم الأمازيغ وأحسنوا ضيافتهم ووفروا لهم الحماية ، وتعايشوا معهم دون أي مشاكل .. والسؤال الذي يطرح نفسه كيف يعقل لهذا العدد القليل الهاربة من الغزاة أن تعرب هذا الاقليم الشاسع المترامي الأطراف ؟

سؤال مشروع، لكن الحقيقة أن مشكل التعريب لم يكن بتلك الحدة إلى في بداية الإستعمار الأوربي لدول شمال افريقيا وتعاون المستعمر مع أنظمة الحكم بشمال افريقيا والحركات ( اللاوطنية ) ” المغرب نموذجا ” من أجل تذويب الثقافة الأمازيغية والانتقام من مقاومة الأمازيغ للاستعمار ومن ثم سن سياسة التعريب بعد الاستقلال التي سعت إلى تعريب البشر والحجر والشجر ..

كما استفحلت كارثة التعريب أيضا بانضمام هذه الدول إلى ما يسمى الجامعة العربية واعتبار الدول الأمازيغية دول عربية !!! واليوم بعد كل هذا الطمس ومحاولة إقبار الامازيغية لغة وهوية وحضارة وتزوير تاريخها ونسب العلماء وعظماء الأمازيغ للمشرف ..

تشرق شمس الأمازيغية من جديد بفضل أبنائها الذين يحاولون نشر الوعي وتصحيح التاريخ والتصالح مع الذات وإعادة الإعتبار لهويتنا الحقيقية ، فالأرض أرض الأمازيغ وهي المحدد والمعيار ، وهو الأمر الذي فطنت له الدولة ( المغربية مثلا ) وهاهي تسارع الزمن من أجل إنتزاعها من أصحابها .. عموما النشطاء الأمازيغ في الطريق الصحيح لتصحيح التاريخ وإعادة الإعتبار للذات الأمازيغية التي لن تموت .. فافريقيا للأفارقة ولا يجمعنا بالمشرق شئ.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد