نخلد هذه السنة الذكرى المئوية لميلاده (فاتح يناير 1923- 9جوان 2007) : انه رائد السينما الافريقية بدون منازع، يحظى باحترام وتقدير ومحبة كل عشاق ومهنيي السينما بقارتنا.
حضرت مرة بجوهانسبورك (جنوب افريقيا) تجمعا ضخما للسينمائيين الافارقة والاسم الوحيد الذي كان يحظى بالإجماع عند ذكره هو سامبين.
بواكادوكو (بوركينا فاسو) مكة السينما الافريقية هناك ساحة بمركز المدينة تحمل اسمه.
كان صديقا للمغرب وللراحل نورالدين الصايل. ومعجب جدا بتجربة المركز السينمائي المغربي. قال لي يوما بمكتبه بدكار بحضور ناقدين سينمائيين افريقيين كبيرين: “طالما هناك المركز السينمائي المغربي فأنا لست في حاجة لأوروبا” (جملة لها أكثر من مغزى مع ما يجري حاليا).
انه هكذا دوما منذ نعومة أظافره: صريح ومشاغب (طرد من المدرسة مبكرا لأنه صفع المدير) ومتمرد. فثائر متبنيا الماركسية. عصامي التكوين. كان عاملا وعاطلا وجنديا. ثم كان التحول عندما هاجر سرا الى مرسيليا والتحاقه بالنقابة العتيدة الكونفدرالية العامة للشغل وبالحزب الشيوعي. هناك سيحصل لديه نقلة في وعيه. سينتقل من الفردانية الى التاريخانية. سيكتشف أهمية العمل الجماعي من أجل تحقيق الانعتاق الجماعي. سينخرط بحماس في تنظيم العمال المنحدرين من المستعمرات وحرص على تكوينه الذاتي. فشرع في الكتابة مبكرا. ونشر القصص والروايات أشهرها “عامل الميناء الأسود” سنة 1956.
وسرعان ما سيكتشف أهمية السينما. وبفضل علاقته بالناقد السينمائي الشيوعي جورج سادول (أحد أكبر مؤرخي السينما العالمية) سينتقل الى موسكو ليتلقى تكوينا هاما ينضاف الى خصاله الفكرية والإنسانية جعلت منه سينمائيا أصيلا. منجزا لسينما منحازة للجذور (أغلب أفلامه مقتبسة من رواياته). سينما يمكن مقاربتها من زاوية المصطلح الخطيبياني (نسبة الى عبد الكبير الخطيبي) “النقد المزدوج”: نقد الذات ونقد الاخر.
أفلامه تنطلق من التقاط علامات التحول الناجم عن الهزة التي سيحدثها الصدام بين كيان متميز ومتعدد بالآخر القادم من بعيد محملا بتمثلات جاهزة.
ورغم ما سمحت له السينما من تحقيقه من شهرة عالمية ففيلمه “سوداء من,,,” (1966) يعتبر من أفضل مائة فيلم في تاريخ السينما (حسب آخر إحصاء للمجلة الامريكية “أصداء وأضواء”)، أقول رغم دلك بقي مؤمنا بأن الأدب هو ألأهم.
يقول بهذا الصدد :” في الوضع الراهن بإفريقيا حيث الأمية منتشرة بكثافة تبقى السينما أكثر فعالية من الأدب, بفضل أمسية سينمائية واحدة يمكن أن أتواصل مع عدد من الناس أكبر بكثير مما يحققه امام مسجد أو قس بكنيسته أو سياسي في تجمعه. غير أن السينما تجعلنا أكثر غباء: تقلص من حجم أفقنا وتحد من خيالنا. في حين مع عمل أدبي نحن أكثر حرية. نلمس الورق. يمكن أن نعود الى الخلف…ان نتوقف…أن نستأنف. الادب يجعلنا نشعر بالأشياء. شخصيا أفضل الأدب على السينما”، (من تصريح لإحدى القنوات التلفزية الامريكية).
التعليقات مغلقة.