رأي :تاريخ المغرب “و في رواية أخرى…”

محمد ادامغار//

    البعد الامازيغي في تاريخ المغرب مجال أخر مازال البحث فيه مثيرا للجدل لان نتائج بحث علمي رصين ستكسر بالضرورة الكثير من المسلمات التي تمت بها صياغة العديد من الوقائع والأحداث على امتداد زمني طويل وهو مجال إلى الآن انتصر فيه البعد الإيديولوجي والسياسي على البعد العلمي والموضوعي في قراءة تاريخنا القديم والحديث.

 فالمغاربة منذ الاستقلال لم يسمعوا إلا رواية واحدة بدايتها”…سكان المغرب الأصليون هم البرابرة أبناء مازيغ قدموا من اليمن والشام عن طريق الحبشة ومصر…”.

شخصيات كثيرة غابت عن المشهد لم يتداولها المقرر الدراسي ولا حديث عنها في الإعلام العمومي فمن منكم يعرف شيئا عن ” ماسينيسا” و” سيفاكس” و” يوغرتن”و ” تاكفاريناس” و” بوكوس”

و ” بطليموس”و” ابوليوس” ورواية الحمار الذهبي وكذا صالح بن طريف وميسرة المطغري.

 

     إن التاريخ الرسمي والمدرسي يضم الكثير من مناطق الظل التي تستدعي مزيدا من البحث وإبراز مختلف الروايات بصددها.

– الأصل التاريخي للامازيغ

أول سؤال يتبادر إلى الذهن هو مادام هم سكان المغرب الأصليون فلماذا سيكونون قادمين بالضرورة من مكان أخر خصوصا و أن الأبحاث الاركيولوجية تثبت أن بالمغرب دلائل و براهين على مستوطنات بشرية قديمة جدا.

ثم لماذا يطرح سؤال الأصل فقط بالنسبة لبلاد الامازيغ و لا يطرح في مناطق أخرى.

 – دخول الإسلام لشمال إفريقيا

  هنا أيضا لا حديث في المقررات الدراسية و الإعلام عن المقاومة التي ووجهبها” الحكم الأموي” وكثرة الثورات التي ووجه بها وولاتهم بل كل ما روي لنا و بأوصاف قدحية كان عن”كسيلة البربري” و”الكاهنة” ولم نقرا الشيء الكثير عن انتشار مذهب الخوارج في المغرب الأقصى وعن الإمارات التي شكلوها ضد مركز الخلافة في دمشق.

– 12 قرن من الدولة بالمغرب

 هنا تبرز فكرة إيديولوجية بعيدة عن الحقيقة أن تاريخ المغرب انطلق بالتواجد العربي في هذه المنطقة. فهل حقيقة أن المنطقة لم تعرف أي شكل ” للدولة” قبل قدوم إدريس من المشرق وإلا ماذا سنسمي كل تلك الممالك والإمارات التي شكلها سكان المنطقة( نوميديا- موريطانيا…) خلال سنوات ما قبل الإسلام وحتى في فترة ما بعد مجئ المسلمين وخاصة من طرف الرافضين للحكم الأموي.

    – ” الظهير البربري” أو ظهير16 ماي1930

 التسمية هنا تغالط إذ ما علاقة”  البربر” الذي يقصد بهم هنا الامازيغ بالظهير الذي هو ظهير استعماري اسمه الأصلي  ” الظهير المنظم لسير العدالة في المناطق ذات الأعراف البربرية والتي لا توجد بها محاكم شرعية” ونص على جعل سير العدالة في بعض مناطق القبائل الامازيغية تحت سلطة محاكم عرفية تستند إلى قوانين وأعراف محلية امازيغية وفق ما كان عليه الأمر قبل دخول الاستعمار. وظهير 1930 سبقه ظهير 12 غشت1913 وهم التحفيظ العقاري حيث قامت السلطات الاستعمارية بنزع أراضي القبائل الامازيغية الخاضعة للعرف و المستغلة بشكل جماعي والذي بالرغم من الآثار الكبيرة له لم يخلق ضجة مثلما خلقها ظهير 1930.

 

   إن إعادة مراجعة المقررات المدرسية في مجال التاريخ أصبحت ضرورة ملحة بعد الإقرار الدستوري بالطابع المتعدد و المتلاحم “لمقومات الهوية الوطنية المغربية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية – الإسلامية، و الأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية” لان التلميذ المغربي في حاجة إلى معرفة مساهمة أجداده الامازيغ في حضارة الحوض المتوسطي القديم لان التاريخ المدرسي الحالي يجعل الامازيغ القدامى مجرد مستهلكين أو فاعلين ثانويين.

    كما أنه مع تنامي المطلب الديمقراطي تزداد الحاجة إلى رفع الغموض والى تكسير الطابوهات ويحتاج الوطن إلى لجان للمصالحة والإنصاف مع تاريخه القديم وكثير من محطاته المعاصرة التي استمع فيها المواطنون إلى رواية واحدة.

 

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد