تكريم برنامج “مبعوث خاص” نافذة نطل من خلالها على هموم وقضايا الأمازيغية المتعددة

أزول بريس – مهدي مالك //

مقدمة متواضعة  :

ان وظيفة الاعلام بشتى انواعه هي الاخبار و التوعية و نشر قيم مجتمع معين الثقافية او الدينية حيث ان هذا الاعلام قد مر بمراحل عديدة في هذا العالم الكبير منذ الازل الى الان لان الانسان بطبعه يحب التجديد و التطور في كل تفاصيل حياته حتى في معتقده الديني .

ان الاعلام ببلادنا لا يختلف كثيرا عن العديد من دول المسلمين حيث ان المغرب  منذ استقلاله الشكلي اصبح ذو هوية مشرقية مع بعض جرعات التغريب اظهارا ان السلطة كانت مرحبة للتعايش الثقافي و الديني في اطار العروبة و التاويل الوهابي للدين الاسلامي رسميا منذ سنة 1979 بمعنى كان الاعلام الرسمي اي الاذاعة و التلفزة يشجع التعريب و التغريب معا في نفس الوقت مع ترسيخ التدين الوهابي بشكل رهيب في مجتمعنا منذ ذلك العهد خدمة لسياسة ابادة الامازيغية بشموليتها .

منذ انطلاق الحركة الثقافية الامازيغية سنة 1967 و هي تناضل من اجل رد الاعتبار للامازيغية كلغة و كثقافة و كقوانين عرفية في المدرسة المغربية و في الاعلام المتاح انذاك اي الجرائد الحزبية او الاذاعة و التلفزة المغربيتان حيث كان من المستحيل وقتها ظهور برنامج ناطق  بالامازيغية في التلفزة المغربية او في القناة الثانية في عهد الراحل الحسن الثاني على الاطلاق اي لقد كان اقصاء فضيع بالنسبة للثقافة الامازيغية في الاعلام البصري حيث اتذكر بشكل قليل برنامج كنوز الذي كان يقدمه الدكتور عمر امرير منذ اواخر السبعينات كما قالوا لانني ولدت في سنة 1983 بالدار البيضاء اي لم اعاصر فترة السبعينات و الثمانينات بل وجدت في بيتنا اشرطة الفيديو مسجلة من طرف الوالدين لبعض حلقات برنامج كنوز و بعض السهرات الغنائية الامازيغية في اوائل التسعينات.

ان برنامج كنوز كان محاولة بدائية لاظهار الثقافة الامازيغية على شاشات التلفزة المغربية منذ اواخر السبعينات الى ما بعد خطاب اجدير بسنوات حسب السياق المتاح لتناول الثقافة الامازيغية في عهد الراحل الحسن الثاني اي الثقافة الشعبية بمفهومها الضيق للغاية حيث كانت السلطة تحاصر هذه الثقافة باعتبارها حاملة لقيم اصيلة مثل الديمقراطية و العلمانية و اسلامنا العقلاني حيث لو ظهرت هذه القيم في العقود الماضية في اعلامنا الوطني لاختصرنا الطريق لترسيخ الامازيغية كاحدى اسس البناء الديمقراطي و الحقوقي ببلادنا .

قد يفهم البعض من خلال كلامي هذا انني احطم الدكتور عمر امرير الذي اكن له كل الحب و الاحترام باعتباره له السبق في اثارة الثقافة الامازيغية كموضوع للبحث الجامعي في مدينة فاس و ما ادرك ما مدينة فاس في منتصف السبعينات حيث ان الكل يعرف رمزية فاس السلبية بالنسبة للامازيغيين و للامازيغية بعد اختراع اكذوبة الظهير البربري و قراءة اللطيف في مساجدها و في مساجد الرباط  و سلا الخ بمعنى ان الدكتور عمر امرير له اسهامات قيمة في مجال البحث و في مجال الاعلام المكتوب و البصري حيث يقدم برنامج حضارة المدن على القناة الامازيغية حاليا .

الى صلب الموضوع  :

مهما قلت في حق برنامج مبعوث خاص للاستاذ عبد الله بوشطارت لن استطيع الاحاطة بكل جوانب هذا البرنامج الاستثنائي في تاريخ التلفزيون المغربي منذ انطلاقته سنة 1963 حيث ان ابن قبائل ايت باعمران قد استطاع ان يؤسس لبرنامج شامل لهموم القضية الامازيغية ليس في المغرب لوحده بل في  تونس و في ليبيا بعد سنة 2011 و في اسبانيا و في فرنسا و في ايطاليا اي ان هذا البرنامج هو من صنف التحقيقات باللغة الامازيغية .

ان قناة تامزيغت كانت حلم جميل بالنسبة للحركة الامازيغية منذ اوائل التسعينات بحكم انطلاقة تجربة افلام الفيديو الامازيغية بمنطقة سوس و تهميش الامازيغية بكل حمولتها الثقافية و الدينية و السياسية  اعلاميا انذاك حيث ان قناة تامزيغت ولدت في فاتح مارس 2010 بفضل نضال مختلف مكونات الحركة الامازيغية الثقافية و الفنية و السياسية حيث كان الاستاذ عبد الله بوشطارت عضو مؤسس في الحزب الديمقراطي الامازيغي المغربي و هذا الرصيد السياسي قد اهله ليكون نافدة على واقعنا كما هو عبر برنامجه الناجح حيث اهتم في رصد واقع بوادينا التي مازالت تعيش في عهد ما قبل التاريخ من غياب اسس الحياة الكريمة من الطرق و المدارس و المستشفيات كاننا نشاهد بلد اخر غير المغرب الذي نعيش فيه و يحاول ان يعطي القيمة المضافة لشهادات سكان هذه المناطق المهمشة منذ سنة 1956 و يساءل المسؤولين عنها اي على هذه المناطق .

و كما اهتم هذا البرنامج في ابراز تاريخ الامازيغيين في اسبانيا و في ايطاليا حيث في العقود الماضية كان يستحيل ان تظهر الامازيغية بحمولتها التاريخية على التلفزة المغربية و على القناة الثانية لان وقتها كانت اكاذيب الحركة الوطنية هي الغالبة على اعلامنا الوطني بشكل مطلق كاننا كنا في السعودية حقا لان خرافات الحركة الوطنية ان الامازيغيين ليس لهم اي بعد تاريخي او ديني سواء في المغرب او في جنوب الصحراء الافريقية او في اسبانيا حيث اننا في هذا السياق لسنا مثل الوهابيين الذين مازالوا يحلمون بفتح اسبانيا لسبي الجميلات و ارسالهن الى الخليفة الخ من هذه الافكار الهادمة لسماحة ديننا الحنيف في الصميم ..

ان برنامج مبعوث خاص يعد مدرسة حية للاعلام الوطني بكل لغاته و لهجاته لانه يرسل رسائل صادقة مفادها ان الامازيغية هي قضية جامعة لكل ما هو سياسي و اقتصادي و ثقافي و ديني منذ الاستقلال الى الان حيث ادرك هذا جيدا و طالما دافعت منذ سنة 2012 في مقالاتي عن حق الامازيغيين في تاسييس حزب ينطلق من مرجعيتنا السياسية الامازيغية .

و خلاصة القول انني اتمنى التوفيق للصديق العزيز عبد الله بوشطارت في هذا المسار الرائع ..

توقيع المهدي مالك.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد