بْراكْسِيس أمازيغي

oublihالحسين أبليح//

      لم تتحق بعد المسافة الضرورية للنظر في جاهزية التجربة السياسية الأمازيغية لإعمال معاول النقد والتفكيك وإعادة البناء، بالنظر لحداثتها قياسا بالزمن 1 (T1)، الذي يعود إلى 30 يوليوز 2005، وأخذا بعين الاعتبار ما يعتمل بالجسد الأمازيغي إلى حدود اليوم، والموحي بتواتر زمني خطي في اتجاه الحل.

     بيد أن عدم رسو التجربة / التجارب على بر، لا يجوز أن يمنع بتاتا الحُفُول بأقانيم تضع المنظومة الأمازيغية في مواجهة أسئلة المستقبل. ومن ثم، هذا النزوع إلى الانهمام بمتابعة انعكاس الفكر الأمازيغي على أرض الواقع وفي تصادي الواقع مع الفكر، في محاولة ليست تقف عند تأصيل لمفهوم البراكسيس-praxis  La كما أرساه أنطونيو غرامشي(*)، بل تشرئب إلى معانقة تفعيله وتَبْيِئَته في أرض أمازيغية، مع الأخذ في الحسبان ، أن النظرية الماركسية ، حاملة جينات البراكسيس والمتفردة دونا عن النظريات الإنسانية الأخرى، بالترابط الجدلي بين الفكر والواقع، سقطت في براثن معرفية وبنيوية تتجلى في عدم الاكتراث، في الكثير من الأحيان، بإعطاء الأولوية للواقع على الفكر، وهو ما تشهد عليه مخطوطات كارل ماركس 1844 ” لم يعد المطلوب قياس الواقع على الفكرة، بل تفسير الفكرة على الواقع”(**).

      ومهما يكن من أمر، فقد بات من مهام الفاعل الأمازيغي اليوم، أكثر من أي وقت مضى، أن يسعى جهده لإقامة الفكر الأمازيغي على رجليه بالإمساك بتلابيب العلاقة الجدلية بين الإنسان والطبيعة، كيما تكون بمكنته – ومن خلال تلكم العلاقة – تغيير شروط وجوده بواسطة “الفعل الاجتماعي”.

      إن محاولة قراءة الفكر الأمازيغي برؤية جديدة، يمكن أن تشكل الفارق، سيما في مجتمع من عيار المجتمع الأمازيغي المعاصر المتسم بتعقد بناه، والذي لا يمكن التعامل مع الانسان داخله كحقيقة قصوى نظرا للتغير الشديد الذي يعرفه عكس المجتمعات البدائية المطلقة والمجانبة للتغير السريع.

     لا بد من تلمس بعض من خطى تالكوت بارسونز في سعيه لوضع إطار مرجعي لنظرية “الفعل الاجتماعي”، وهكذا، يمكن المَتْح من مساعي بارسونز لإرساء منهج يتغيى فهم وتفسير الظواهر الاجتماعية التي يحبل بها المجتمع الأمازيغي في تعدديته. ويمكن، في هذا الصدد تحديد خطة عامة تتألف من العناصر التالية:

  • وضع إطار مرجعي؛

  • وصف الواقع الأمازيغي في ضوء الإطار المرجعي السالف؛

  • تنسيق جملة القضايا العاكسة للعلاقات القائمة بين الظواهر كما تتمظهر في الواقع؛

  • ربط هذه القضايا في إطار نسق.

        وإذا كان هَدْي بارسونز ليس هو الهُدى المنشود من لدن الفاعل الأمازيغي الممسوس بأقنوم “التغيير”، على الأقل نظرا لعدم قدرة بارسونز على مواجهة قضايا الصراع والتغيير ومتغيراته – والمتقاطعة حتما مع القضية الأمازيغية -، لحساب قضايا التوازن والتكامل – والمجانبة حتما للقضية الأمازيغية -، فإن تكييف نظرية بارسونز مع تحديات قضية/ قضايا الأمازيغية، ليس من مسلك أرثودوكسي بحت، بل تملي دواعي استدماج واستيعاب الفكر الإنساني النظر في باقي المحاولات الرامية إلى تطوير مذهب بارسونز خصوصا إسهام نيل سميلسير في رأب صدع وظيفية بارسونز باستيعاب دراسة “التغير”.

    ——————

    (*) يرجع الفضل لغرامشي في إدخال مفهوم البراكسيس إلى حقل التداول السوسيولوجي والثقافي.  

(**) كارل ماركس: مخطوطات 1844. تر: إلياس مرقص. سلسلة أصول الفكر الاشتراكي / 7. منشورات وزارة الثقافة. دمشق 1970. ص:33.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد