بخصوص “الانفصام الذي تعاني منه الجزائر…”

f74ad95c-dc1b-4853-9587-6482d6e444eaبقلم: عماد بنحيون//

من المعقول جدا أن يُستفز المثقف عربي، المنتمي إلى لبنان الأبية، أجمل الدول العربية، بلد الذوق والجمال،والفن والإحساس، التي عانت طويلا من ويلات الحرب والعنف والاحتلال وعدم الاستقرار، من حال عداء دولة  لدولة جارة تنتمي إلى منطقة تتواجد على نفس الضفة، التي تعتبر الأكثر جذبا وطلبا من سكان العالم، ضفة تتميز باعتدال مناخها وتنوع تضاريسها وحسن خلقة أصحابها، عرفت بمهد حضارات العالم وأقدمها، إنها ضفة البحر الأبيض المتوسط، يُستفز، لأنه كيف أنهم لا يتمتعون بجوار بعضهم البعض ولايستغلون تكامل خيرات بلدانهم ولاينعمون بالاستقرار ولا يتشاركون الأفراح  كتشاركهم للغة والدين، و لا يساهمون في بناء اتحادهم المغاربي، وهما الدولتان القويتان في الاتحاد؟ وكيف يسعى نظام إحداهما إلى تقويضه و خلق النقم والفتن في بلدانه، وزرع التشرذم وتشتيت أقطاره وهدم القيم الذي ما بعده نذم.

لما قرأت مقاله المعنون بجريدة “العرب” تحت: “الانفصام الذي تعاني منه الجزائر…”  وتساؤله الحكيم حول “ما الذي يريده النظام في الجزائر من خلال استقبال بوتفليقة لمحمد عبدالعزيز الذي تحدّث بعد ذلك عن الدعم “اللامشروط” للجزائر لجبهة “بوليساريو”؟ تساءلت بدوري ما سر هذا الموقف الغريب، المعاكس للتيار،”من  قائد “مريض”؟ وهل هذا الرئيس في حاجة إلى أن ينبهه مثقف عربي حر من دولة ناضلت طويلا من أجل الاستقلال  وتعرف حقا معنى الحرية؟ أم أنه ليس قراره وهو في حكم المغلوب على أمره؟

لقد تنبه هذا الكاتب، في مقاله، إلى شيء مهم جدا، وهو أن “الحاجة أكثر من أيّ وقت للاهتمام بالداخل الجزائري من جهة، والحرب على الإرهاب من جهة أخرى”. واعتبر أن يجد الرئيس في ظل وضعه الصحي وقتا  لملاقاة “البوليساريو” يعطي فكرة عن حال الانفصام التي تعاني منها الجزائر، ووصفه  بأنه انفصام مع الواقع، وهروب منه، كل هذا لا يمكن اعتباره إلا  وعيا من الكاتب وكل عاقل، أن مسؤولية الرئيس هي الحفاظ على خيرات البلاد وحمايتها  وتوفير ظروف العيش الكريم للمواطنين أولا، وليس محاولة فك عقدة شخصية أو غير شخصية تشكلها دولة أخرى لا تعنيه إلا إذا كان في سبيل التعاون والتآزر بهدف توفير رغد العيش للشعبين.

رأي هذا المثقف لم يكن دون سند، بل كان رأيا  اتكأ فيه على أن “الرجل” قد سبق له أن رفض طلب مقابلة مجموعة من الشخصيات الجزائرية المعروفة بقربها منه وبعلاقتها القديمة به، مضيفا أن بوتفليقة يستطيع الخروج  بجمل قصيرة، لكنّه لا يستطيع الذهاب إلى أبعد من ذلك في التعبير عمّا يدور في ذهنه، واعتبر  أن ” تجاوز النظام الجزائري كلّ هذه المعطيات. بالنسبة إليه لا معركة تعلو على المعركة مع المغرب”. مما يشير، بكلّ بساطة، إلى: ” أن عقدة المغرب ما زالت تتحكّم بالنظام الجزائري الذي يرفض أن يتعلّم من تجارب الماضي القريب، بما في ذلك أن قضية الصحراء المغربية لم تعد مطروحة كما كانت عليه في الماضي”.

وأختم هنا بسيميائية الصورة الكاريكاتورية المرفقة بالمقال، لتكون عبرة لمن لا يعتبر، التي أعتبرها  كانت ناجحة في تصوير  جبن وجهل أحدهم يحمل على ذراعه “شارة علم الجزائر”  الذي يوجد حبيس مستنقع لم يستطع بعد  الخروج منه،لم يكلف نفسه عناء  محاولة التخلص من المخاطر المحدقة به، كل همه هو استعمال بيدق من صنيعته يحمل دمية مشتعلة بملامح صحراوية، يريد بواسطتها إحراق  جزء من شجرة خضراء يانعة شامخة تحمل “شارة علم المغرب” لكن، دون فائدة.

Imad.benhayoun@gmail.com

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد