عبد الاله خنيبة: بين التكريم و”التكريم”…

على هامش الأيام المسرحية بالمركز الثقافي “مولاي الحسن ” بتارودانت

مازالت غرائب الساحة الفنية في المغرب متواصلة، وما شهده الإنتاج الدرامي في شهر رمضان من تفاهات وما واكب ذلك من ردود أفعال متباينة وجدال عقيم أحيانا ما يزال صداه حاضرا إلى الآن. وربما لكثرة الغرائب التي يحبل بها الوسط الفني المغربي، لم تعد تثير استغراب، المتلقي المغلوب على أمره، ولا الفاعلين في هذا المجال على اختلاف مواقعهم، بالرغم من أن بعضهم يتقمصون دور البطولة في كثير من تلك الغرائب ، وكأن لسان حال الجميع يقول: “دات الصويرة على هز البحر‘‘…
إلا أن بعض ما يحدث في ساحتنا الفنية، الحبلى بالمتناقضات والمفارقات، يفرض الوقوف عنده، لاقتناص ما فيه من مواقف درامية وكوميدية يعجز منتوجنا ” الفني” على تحقيقها… ومن هذه الوقائع، المضحكات المبكيات، ما حدث لي مع أحد الزملاء الممثلين جمعني معه بلاطو التصوير، في طقوس معتادة للتعارف سألني عن المنطقة التي أنحدر منها، فذكرت أنني من مدينة تارودانت. كم كانت دهشتي كبيرة لما أخبرني أنه لا يعرف مدينة تارودانت المعروفة بتاريخها العريق ومجدها الضاربة جذوره في الحضارة المغربية…
وجدت نفسي أمام مسؤولية تعريف زميلي الممثل بمدينة لها علي، وعلى غيري من أبنائها البررة، أفضال كثير، تفرض علينا، من باب رد الجميل، التعريف بها كل في مجال تخصصه…
هكذا شرعت في تعريف زميلي الممثل، بجزء بسيط من تاريخ الحركة المسرحية بتارودانت، باعتباري من الفاعلين في الحقل المسرحي بالمدينة منذ سبعينيات القرن الماضي. فذكرت له أن المسرح ظهر في المدينة في إطار حركة المقاومة وانتعش بعد الاستقلال، وكانت العروض المسرحية تقدم في إطار الاحتفال بالأعياد الوطنية وخاصة ذكرى عيد العرش. ومن الفرق المسرحية الرائدة في هذا المجال فرقة “الأمل للمسرح”… وقد عرف المسرح في مدينة تارودانت، كغيرها من المدن المغربية، ظاهرة مسرح الهواة مع فرقة “الشعاع ” التي كان لها دور كبير في الحركة المسرحية على الصعيد المحلي والجهوي والوطني حيث توجت بعدة جوائز جهويا ووطنيا. كما مثلت المغرب في مهرجانات مسرحية على الصعيد العربي والدولي واحتلت مراكز متقدمة فيها، كما توجت بجوائز مرموقة نظير أعمالها المسرحية المتميزة. ومازالت إلى يومنا هذا تواصل عطاءها المسرحي المميز… وفي خضم حديثي ذكرت له أسماء بعض الفاعلين المسرحيين من المدينة سواء الذين قضوا نحبهم أم ممن ما يزالون على قيد الحياة…
وأنا أتابع عبر وسائل التواصل الإجتماعي، كغيري من عامة الناس، برنامج الأيام المسرحية بالمركب الثقافي “مولاي الحسن” بتارودانت بمناسبة اليوم الوطني للمسرح، فوجئت بأمرين:
– الأول عرض مسرحية قديمة سبق أن عرضت في إحدى القنوات العمومية وهي ” ضيف الغفلة” لفرقة تانسيفت. وكان الأجدر بالمشرفين على الحقل الثقافي عرض مسرحية جديدة لفرقة من جهة سوس ماسة، أو بالأحرى عرض مسرحية جديدة لإحدى فرق مدينة تارودانت…
– الثاني تكريم مجموعة من الفنانين ليس فيهم واحد من المنتمين للحقل المسرحي بالمدينة، وما أثار دهشتي أن من بين المكرمين زميلي الممثل الذي لا يعرف المدينة ولا ما له علاقة بها… ولا أقول هذا الكلام تعصبا ولا تقوقعا حول الذات ولا لغرض شخصي، ولكن التكريم للمقربين أولى… أو أن التكريم بالعربية الفصحى من نصيب الأجانب عن المدينة وفنانو المدينة نصيبهم ” التكريم” بالدارجة كما “يكرم” الخبز الذي لم يعد صالحا للاستهلاك تحت أشعة الشمس…
أدون هذه الكلمات وأنا أسمع زميلي الممثل المشهود له بحسن الخلق يتساءل في حيرة: ” إما خنيبة كذاب وإما المنظمين الذين كرموني ذاكرتهم مثقوبة…”
Peut être une image de 1 personne et plein air
Omar Halli, Sadik Elaissari et 102 autres personnes
50 commentaires
J’aime

 

Commenter
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد