على هامش عرض شريط (غزية) لنبيل عيوش التِّيه..من قبل ومن بعد !

 

يوسف غريب

لا أبالغ في العنوان فمنذ إعلان عرض شريط (غزية) لنبيل عيوش بما يرافق إنتاجات هذا المخرج عادة من نقاش وجدال ..حتى تاه كل واحد منا في البحث عن دعوة الحضور بين الجهات المنظمة للعرض السينمائي الأول بقاعة ريالطو ولأول مرة كما روج لذلك …نعم وخلال يومين تحولت هذه الدعوة إلى امتياز جعلت أغلب المهتمين وعشاق السينما يفشلون في الحصول على هذه الورقة السحرية التي استنفذت فبل بداية العرض بيوم واحد وينتصرون لكرامتهم عوض التوسل هنا وهناك…غير أن المفاجئة والمرء يتابع توافذ المحظوظين إلى قاعة السينما عشية انطلاق الشريط ليلاحظ أن توزيع الدعوات تم بطريقة وأسلوب حفلات الأعراس والسهرات الغنائية بحضور تجمعات عائلية وبأطفالها القاصرين جعل الجهات المنظمة تسقط في خرق قانوني يمنع أقل من 16سنة من مشاهدة الشريط حسب قرار للمركز السينمائي المغربي بل وإحراج أخلاقي بين أفراد العائلة داخل القاعة لما تحمل بعض المشاهد من جرأة في التصوير …
ويستمر التيه والضياع في البحث عن الخيط الرابط بين هذا الزحمة التي عجت به القاعة وبالضجيج والصفيرالذي عادة ما ينسب إلى جماهير كرة القدم وبين حرمان وإقصاء أغلب المهتمين وعشاق المشهد السينمائي. ..هي حيرة لم نخرج منها إلا بعد حضور السيد الوالي لندخل مع مسارات أبطال عيوش في البحث من جديد عن الرابط بينهما في هذا السقف الزمني الذي يبدأ سنة 82 بعبد الله مدرس بإحدى القرى بورزازات الذي لم يستطع أن يتحمل القرار المركزي القاضي بتدريس المواد باللغة العربية عوض الأمازيغية كما كان… وفر هاربا منهزما بعد تعويضه بمدرس آخر عروبي كما يقدمه الشريط …بعدها أي بعد 33 سنة سنجد نا أنفسنا بالبيضاء ومع أبطال جدد من(سالمة) وصراعها مع حريتها الفردية وموانع مجتمعية. …إلى (جو ) اليهودي الخائف على انقراض الأقلية اليهودية بالمغرب…وصولا إلى ( حكيم ) وطموحاته في خلق مسار نجم غنائي وموقف الأب المتدين ….والشابة (ايناس) في الجمع بين تدينها ورغبات جسدها اليافع ..
هي مسارات لحيوات أبطال تدفع المشاهد إلى بذل مجهود مركز كي يقتنع بأن الرابط بينهما هو القمع والاضطهاد وإن اختلفت أسئلتهما ومطالبهما المجتمعية …وهذا ما يفسر طبعا توظيف بعض من مظاهر الاحتجاجات التي عرفها المغرب في المدة الأخيرة .
نعم لقد استمعنا بجودة الصورة ومستوى تقنية التصوير ..الإضاءة والصوت وغيرها …لكن أستطيع القول بأن شريط غزية في نهاية المطاف هو مجموعة أشرطة قصيرة لاشكالات وقضايا مجتمعية تحتاج إلى نقاش أعمق ودقيق ومستويات معرفية أخرى يتجاوز الرؤية السطحية التي عولجت بها في الشريط ..فاضطهاد اللغة الأمازيغية لا يمكن اختزاله فقط في المدرسة المغربية والنقاش في البلد لا يضع اللغة العربية نقيضا لها وهذا ما يدفعنا إلى القول بأن الرسالة ليست بريئة على الإطلاق خصوصا إذا استحضرنا تلك المطالب الداعية إلى التدريس بالدارجة …وربطا مع باقي التيمتات الأخرى في الشريط والتي يبقى المخرج وفيا لها كالدفاع عن الحريات الفردية من حسد المرأة إلى المثلية وغيرها والبعيدة عن اهتمامات المواطن المغربي المناضل من أجل وطن يضمن العيش الكريم ويحترم ثقافته وتقاليده وهويته المتنوعة والمتعددة الروافد …وهو عيش حياتي بصيغة المطلب الشعبي الجماعي بكل إطارات الحيوية وليس قرارا فرديا وحالات معزولة كما قدمته أحداث الشريط …. وهو ما جعلني أودع قاعة السينما بقاعة أن هذا الشريط لا يمثلني لأننا بقدر ما نرفض الانغلاق والتزمت تحت أي مبرر ديني وأخلاقي بقدر ما نفرض وبالمطلق التمييع والوقاحة تحت يافطة الانفتاح.
تائهون بالفعل بين المتعة الفنية لشريط القاهرة السرية وأدواتها التعبيرية البليغة في إيصال الرسالة الفنية ومن تأطير الناقد نور الدين الصايل …وبين شريط يتخذ الجرأة حد الاستفزاز وسيلة لخلق الاستثناء والشاذ
كان ذلك خلال اسبوع وبنفس القاعة ومع جمهور مختلف لأن العرض بدون دعوة الامتياز

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد