في بلد توارت فيه كل أشكال التعبير عن إشكالات المجتمع من مجموعات غنائية هادفة، و مجموعات مسرحية فاعلة، و كاريكاتورات فنية معبرة، و إحتجاجات شعبية مؤطرة،و أحزاب ونقابات مترجمة لإنتظارات الشعب، و سلطة وأمن فقدوا ادوارهم الراسخة في ذهنية المواطنين، و ملكية راقية في خطبها بعيدة في تنزيل شعاراتها،
في دولة أدركت أهمية الجهوية ومرتبكة في تنزيلها، و دستور عجزت عن ترجمته إلى مشاريع قوانين تفعيلية، و مؤسسات من كثرتها عاجزة عن ترجمة الإرادة الملكية،
وفي وطن يؤجل قضاياه الحدودية، و تائه في تقطيعه الترابي، و نظامه الإنتخابي،
في مغرب القرون بالتاريخ، ومغرب المؤسسات في تجاربه، ومغرب الإستثناء في ممارسته وحسن تدبيره لأزماته،
… نعيش اليوم بلا أفق للتغيير، كل سياساتنا ردود أفعال، وكل رهاناتنا تأجيل أزمات بدل مجابهتها ومواجهتها،
… نعيش حيفا في القانون، و عوزا في الموارد، و تخبطا في المخططات، و تسيبا في ممارسة الحريات، و تهاونا في أداء الواجبات،
… كل شيئ يتغير من حولنا، مر الربيع العربي في محيطنا، وإكتفينا بأغراس في مزهريات سميناها الإستثناء المغربي، وإستكنا إلى أمن أصبح كل مبتغانا، وإقتصاد هش رأس ماله ريع و إقتصاد غير مهيكل يضمن الإستقرار ولقمة العيش لكنه لا يحقق الأمان إتجاه المستقبل…
إختزلنا الصحة في ” بيتادين” ،والتعليم في فك الحروف، و الأمن في الريادة في محاربة الإرهاب،
إختزلنا الدين في حجاب الموضة، وفي خطب الجمعة، وفي صلوات الإستسقاء، و زيارة الأضرحة والتبرك بالأولياء،
نفاخر بشواهد فقدت قيمتها العلمية، و بلباس بعلامات عالمية لكن مغشوشة، و بأكل واطعمة لا تتوفر فيها الشروط الصحية، لكن كثرتها تصبح علامة خير وصحة،
نعم، نحن أمة، وطن، دولة، شعب، بلد، كل رأس مالنا ترقيع و تمييع وتضييع فرص وغياب تشجيع…
تقول تونس انها ديمقراطية ونحن لازلنا نمضمض الإنتقال الديموقراطي، و لبنان بمظاهراتها الواعية تتلقى وعودا بحكومية ثورية، ومصر العسكرية تبني المنشآت و المواطن ينتظر جني ثمار الصبر،
جزائر الشهداء تتطلع لبناء دولة المؤسسات، وليبيا التائهة في البحث عن بناء الدولة،
حري بنا اليوم ان نؤسس لحراك فكري، ونستلهم من محيطنا دروس المستقبل، ان نعبر ونبدع و ننتج و نبتكر أساليب بناء المستقبل،
مغربنا ليس على ما يرام، وليس في صالح أجيالنا القادمة ان نستكين إلى حبات المسكنات التي نجرعها كل يوم…
مغربنا يستحق منا ان ننتفض فكريا و ممارساتيا وان ننخرط في رهانات وشعارات بقيت حبرا على ورق،
نستطيع التغيير لكننا ننسى ونتناسى:
لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم.
فهل تعتبرون؟
سيدي علي ماء العينين
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.