ليلة سقوط الإخوان
بقلم إسماعيل المالكي
لم يكن أحد يتوقع السيناريو الذي حدث للإخوان المسلمين المغاربة، حتى أشد المتشائمين لم يكن يرجح ذلك، فكيف لنا أن نقول لشخص ما إن حزبا حكم مدة عقد من الزمن ونال 125 من المقاعد في قبة البرلمان خلال إنتخابات 2016، افل نجمه اليوم ونزل ل 13 مقعدا، أمر سيصدم حتما أي شخص، لكن ما الذي جعل العدالة والتنمية يتراجع بهذا الشكل الكبير؟
يجب أن نعرف أولا الظرفية والعوامل التي جعلت العدالة والتنمية، يترأس الحكومة لولايتين، فقد تزامنت فترة انتخابهم مع الاحداث التي تعرفها البلدان المجاورة من احتجاجات ومظاهرات، بالاضافة إلى الاستفتاء على دستور المملكة لسنة 2011، وايضا معارضتهم الشديدة التي عرفوا بها، حيث قدم الحزب نفسه كقوة سياسية تملك كل الحلول لما يعانيه الشعب المغربي من مشاكل مادية واجتماعية. هكذا أعلن الحزب في برنامجه الانتخابي لعام 2011 مالي:”ان تصورنا في حزب العدالة والتنمية للمجتمع المنشود يقوم على التطلع إلى بناء مجتمع متوازن ومستقر ومتضامن ومزدهر، قوامه طبقة وسطى واسعة مع نظام تضامني يحقق العيش الكريم لفقرائه ويوفر الأمان وشروط الفعالية والمسؤولية الاجتماعية لأغنيائه”. وقد بشّر الحزب ، عبر برنامجه، بسلسلة من الأهداف المغرية بمجرد تصدره للانتخابات وقيادته للحكومة “إن حزب العدالة والتنمية وهو يخوض الاستحقاقات الانتخابية بعزم وتصميم على كسبها، يتقدم للشعب المغربي بمقاربة جديدة ترتكز على ثالث خيارات:
- جعل الدولة في خدمة المواطن والتأكيد على مركزية الإنسان باعتباره محورا وهدفا لبرامج التنمية.
- إطلاق المبادرة وتحرير طاقات الإنسان المغربي في التنافس والإنتاج والقطع مع اقتصاد الريع والاحتكار.
- إرساء نظام فعال في التضامن والتوازن الاجتماعي وتصحيح الفوارق والعدالة في توزيع الثروة”.
ومع كل هذه العروض المغرية، لم يجد المغاربة امامهم سوى حزب المصباح، وذلك لما عانوه من كذب الوعود الانتخابية المقدمة سابقا من قبل بعض المرشحين، فقد اكتسح الاخوان الانتخابات بأغلبية ساحقة، بمجموع 107 مقعد في قبة البرلمان، وبالرغم من أن معظم الوعود الانتخابية المقدمة من قبل الاخوان المسلمين لم تطبق، إلا انه حظي بفرصة ثانية، بالرغم من أن سقف انتظارات المغاربة كان اكبر بكثير من إرادة أصحاب الاسلام السياسي.
كانت سنة 2016 مفصلية في المسار السياسي لحزب المصباح، اذ حظي بثقة المجتمع من جديد لقيادة الحكومة، واصلاح ما يمكن اصلاح، ولعل هذه الولاية تكون سبب إلتزام البيجيدي بوعوده الانتخابية التي اخذها على عاتقه امام المغاربة والعالم، حصل خلالها الحزب ب 125 مقعدا في قبة البرلمان، فلم يستغل المصباح فترة ولايته احسن استغلال، خاصة أنه جاء وفق إرادة شعبية محضة، فلم يلتزم بوعوده مع الشعب، فكان العقد المبرم بين الجانبين لم يحترم من قبل حزب، وهو ما جعل المواطن يصاب بالاستياء من التدبير غير المعقلن للاخوان.
انهيار وسخط شعبي على المصباح:
النتائج التي حصل عليها الحزب خلال الانتخابات التشريعية لهذه السنة ما هي إلا دليل على عدم الرضى عن المسار الذي اتخذه خلال ترأسه للحكومة، بالرغم من أن اشد المتشائم لم يكن يتوقع تلك النتيجة، فما جعل المواطن لا يثق بالحزب ذو المرجعية الاسلامية، عدم إلتزامه بالوعود الانتخابية التي كان قد اعطاها للمغاربة، وكذا التسيير الغير المعقلن منذ ترأسه للحكومة، وما أعقبها من قرارات ما زلنا نجتر ويلاتها إلى الآن، والتي تشهد على عدم النضج السياسي للإخوان ومن بينها:
ترسيخ نظام التعاقد في القطاع التعليمي بالمغرب، حتى بتنا نشاهد مظاهرات متكررة للأساتذة طوال العام، وكذا تحرير سعر البترول، وكانوا سائرين نحو رفع الدعم عن غاز البوتان، وهذا جزء من الكثير، كلها عوامل ساهمت بفقدان ثقة الناخبين، والدليل على ذلك عدد من المرشحين لم يرحب بهم في معظم الدوائر الانتخابية خلال الحملة الانتخابية الاخيرة، وقس على ذلك.
برهن الإخوان المسلمين المغاربة، فشلهم في قيادة الحكومة، فلم يسبق لاي حزب ذو مرجعية اسلامية نجح في المهام السياسية الموكولة إليه إلا نادرا، فالاسلام السياسي الذي يتبناه هؤلاء لا يعدوه إلا أن يكون خدمة للمصالح الشخصية للبعض، بينما قليلون من يهتمون بمصالح العباد، مخطئ من يظن ان حزب الإخوان قد انتهى، بل العكس بعض من قيادته من انتهت أما الحزب باق ومستمر في الممارسة السياسية.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.