في الحاجة للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية

أعاد التعديل الذي تقدمت به الأغلبية الحكومية بخصوص القانون التنظيمي المتعلق بتأسيس المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية والقاضي بتمتيع معهد التنسيق والتعريب باستقلاليته، في مقابل “شبه حل” للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية (ليركام) بضمه لمجلس اللغات.

أعاد النقاش حول مدى وجود نية سياسية حقيقية لدى الحكومة لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، خاصة بعد المصادقة على قانونها التنظيمي.

كما يطرح هذا النقاش طبيعة رؤية الحكومة للغتين الرسميتين للمغرب، وهل ينظر إليهما نظرة مساواة أم نظرة تمييز.

وإذا كانت الصيغة المستعملة في النص الدستوري لم تميز بين اللغتين الرسميتين بعبارات واضحة، ولذلك لم تستعمل عبارتي “اللغة الرسمية الأولى” و”اللغة الرسمية الثانية”، وهو ما سار عليه حكم المحكمة الدستورية في تفسيرها لبعض بنود القانون التنظيمي المتعلق بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، فإن قرار حفاظ معهد التنسيق والتعريب على وضعه السابق في مقابل السعي ل”حل” المعد الملكي للثقافة الأمازيغية” يسير ضد الدستور الذي لا يعترف إلا بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية والمفروض أنه يضم كل المؤسسات السابقة(معهد التعريب و ليركام…) واللاحقة (أكاديمية محمد السادس للغة العربية والمؤسسات التي ستنشأ للإهتمام بالحسانية والعبرية+اللغات الأجنبية…).

ويبقى النقاش مفتوحا في وضعية هذه المؤسسات في علاقتها بالمجلس و في ضرورة التعامل معها على قدم المساواة في تمثيليتها داخل هذه المؤسسة الدستورية، مع تميز خاص للمؤسسات المعنية باللغتين الرسميتين.

وفي خضم هذا النقاش، لابد من التأكيد على الحاجة الملحة للحفاظ على مؤسسة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية من خلال تأويل ايجابي للنص الدستوري وللقانون التنظيمي المتعلق بتأسيس مجلس اللغات، في اتجاه ضمان المساواة بين اللغتين الرسميتين.

وتكمن أهمية الحفاظ على معهد (ليركام) في حاجة الأمازيغية اليوم بعد الإعتراف بها لغة رسمية إلى مؤسسات علمية من حجم المعهد بتراكمه التاريخي والعلمي وما له من دور في تهيئة اللغة ومعيرتها وتطويرها وهو عمل أساسي يجب أن يستمر لكي تلعب الأمازيغية دورها لغة رسمية، ولنا في التجارب الدولية في هذا المجال خير مثال.

فأهمية المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية تكمن في توفره على السلطة السياسية باعتباره مؤسسا بظهير ملكي وله أيضا سلطة علمية بحكم تخصص العاملين فيه وتعاونهم مع الجامعات المغربية.

وهاتين السلطتين تسمحان بتذبير جيد لتهيئة اللغة وتجنب الفوضى في التقعيد والترجمة واختراع الكلمات الجديدة إلى جانب كل الأبحاث العلمية في مختلف المجالات وتشجيع التنشيط الثقافي والإنتاج الأدبي.

ومن هذا المنطلق فكل تقزيم لدور المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية أو حله نهائيا بتذويبه في مجلس اللغات لا يمكن إلا أن يعرقل المسار التصاعدي الذي عرفته تهيئة اللغة الأمازيغية رغم الحاجة الملحة له اليوم أكثر من أي وقت مضى، كما أن ضمان استقلالية بعض المؤسسات عن المجلس والسعي لتذويب مؤسسات أخرى يعطي الإحساس بالتمييز بين اللغتين الرسميتين للمغرب وفي ذلك تمييز بين المواطنين أنفسهم، وهو ما يتعارض وروح الدستور نفسه.

الحسين بويعقوبي

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد