بقلم بوبكر انغير ://
شاءت الصدف ان تجدني الاحداث الارهابية المدانة التي اصابت عمق المجتمع الفرنسي اي مدينة باريس في نونبر 2015 وانا متواجد بمدينة ستراسبورغ الفرنسية عاصمة حقوق الانسان الاوروبية ضمن وفد شبابي مغربي من المنتسبين للمدرسة المواطنة للدراسات السياسية ، لحضور فعاليات المنتدى الدولي حول الديموقراطية حول موضوع مهم واشكالي وهو البحث عن التوفيق بين الحريات والمراقبة أي الى أي حد يمكن للدول الديموقراطية ان تحمي المواطنين وسلامتهم وحقوقهم دون المس بحقوق الانسان في اطار الاجراءات الامنية والاستخبارتية المطبقة ؟
الاحداث الارهابية التي مست فرنسا وقبلها لبنان والمغرب واسبانيا والولايات المتحدة الامريكية وكينيا وتنزانيا و… وبعدها تونس ومالي واللائحة ستطول في المستقبل لاشك في ذلك، اذا لم يسارع العالم الحر الى اصلاح سياساته الخاطئة والتعامل الجدي مع الارهاب بدءا من معالجة المسببات انتهاءا بتجفيف منابعه المعروفة والمخفية. استمرار عمليات الارهاب الدولي تطرح على المجتمع الدولي افرادا وجماعات دولا ومنظمات وعلى احرار العالم عموما من حقوقيين وسياسيين وفاعلين دولتيين اسئلة كبرى ومؤرقة ، من قبيل: هل الارهاب الاعمى الذي يستهدف العالم بكل هذا الحقد والكراهية لايستوجب وقفات نقدية للسياسة العالمية بكل جوانبها السياسية والاقتصادية .. ؟ اليس الارهاب نتيجة لسياسات عالمية خاطئة مطبقة هنا وهناك ؟ اليس ابقاء بشار الاسد في السلطة على سبيل المثال واطلاق يديه بحرية لتتوغل في دماء الشعب السوري خطأ سياسيا كبيرا خصوصا وان بشار الاسد ونظام المالكي في العراق ونظام علي عبدالله صالح في اليمن هم المحتضنون الفعليون والرئيسيون لتنظيم الدولة الاسلامية في العراق وسوريا وهذا الامر معلوم بالضرورة؟. اليس تشجيع الاستبداد وتغاضي الطرف عن بعض الدول العربية الاستبدادية القمعية البترولية التي تربطها علاقات استراتيجية مع الدول الغربية والتي تشجع الوهابية والسلفية والفكر الخرافي الذي يلد ارهابا وتدميرا، اليس التواطؤ معها جريمة ضد الشعوب المتحضرة التي تعيش اليوم الخوف والقلق من جراء سياسات حكامها الخاطئة؟ الم يشجع العالم المتحضر النظام التونسي المقبور نظام بنعلي وازلامه اليوم وهو معروف بقمعه وخرقه لحقوق الانسان ؟ الم يفتح العالم الحر ابوابه الواسعة وساحاته البهية للديكتاتور الليبي المقبور معمر القذافي طمعا في ثروات واموال ليبيا السخية وهو الذي ارتكب المجازر ضد شعبه وتورط في قتل الابرياء في تفجير عدد من الطائرات الغربية في السبعينات والثمانينات ومازال الغرب الديموقراطي الى يومنا هذا بطيئ في ايجاد حل للحرب الاهلية الليبية ولا يكترث للازمة الليبية ولا يريد التدخل الفعلي لانقاذ ليبيا ونقلها الى مرحلة الديموقراطية والمصالحة الوطنية ؟ الم يسمح العالم الديموقراطي الغربي لجنرالات الجزائر بنهب خيرات الشعب الجزائري وايداعها في الابناك الاجنبية والشعب الجزائري يتضور جوعا ويفرخ ارهابيين وبؤساء مستعدون للانفجار في اية لحظة ؟ الم يسمح العالم للجزائر باحتضان منظمة ارهابية وهي البوليزاريو لعرقلة المشروع الديموقراطي المغاربي ومعروف لدى الخاصة والعامة ان البوليزاريو تتاجر بالبشر وتتعامل مع المنظمات الارهابية المنتشرة في الساحل الافريقي ؟ الم يعجز المجتمع الدولي في ايجاد سلام عادل وشامل بين الاسرائيليين والفلسطينيين رغم عدد كبير من المؤتمرات والاتفاقات والمعاهدات المبرمة ؟ اليس في العالم من يستطيع ان يفرض سلام الشجعان بدل انهار الدماء المتدفقة يوميا من المنطقة ؟
في بلدي المغرب الذي افتخر بالانتماء اليه ، يؤسفني ان اسمع ان بعض الانتخاريين من ابناء وطني -وان كان اغلبهم قد ولد في الخارج – ولا يشرف المغرب ان يكون من بين ابنائه من يؤذي غيره بوسائل ارهابية او بغيرها فالمغرب بلد التسامح والتعايش والتعدد وهذا سر بقاءه موحدا ومنيعا . ولكن يؤسفني كذلك ان اقول بأن تعليمنا الحالي لا يمكن ان يعطينا ناشئة متعلمة متشبعة بالقيم الانسانية بل مؤهل اكثر ان يعطينا مشاريع الارهابيين والمتطرفين و الذين يكنون العداء للاخر المختلف دينيا او لغويا او جنسيا معهم ، فالكتب المدرسية المقررة والمواد المقررة واللغة المدرسة بها وهي العربية اسمحوا ان اقول لكم بانها لا تنسجم مع طموحاتنا في تعليم عصري ديموقراطي متشبع بالقيم الكونية، المغرب اذا لم يستطع مراجعة تعليمه ولغة تدريسه ومحتويات مناهجه لايمكن ان ينتج جيلا قادرا على مواجهة التطرف والانغلاق فاللغة ليس اداة تواصل فقط فهي بنية ذهنية وفكرية كذلك . لذلك فنحن كمغاربة لابد ان نفكر بالتعلم باللغات العالمية ولا شك ان بعض ساساتنا واعون بذلك رغم الموانع الايديولوجية والسياسية التي تمنعهم من البوح بذلك . فبتعليمنا وبلادنا عموما تسير بوتيرتين العربية للفقراء وابناء الشعب والغات العالمية للاغنياء وقد سبق للملك محمد السادس في احدى خطبه ان اشار الى هذه القضية ،لذلك يجب ان نصطف الى جانب الملكية المغربية المواطنة الحداثية لانها بكل تاكيد هي حامل مشعل الحداثة والتنوير اليوم بالمغرب مقارنة بمعظم التعبيرات السياسية التي تعج بها الساحة السياسية المغربية والتي لا تستطيع ان تقطع مع مرجعية العروبة والاسلام وهي مرجعية لم تنتج لنا طوال خمسين سنة سوى التخلف والمزيد من العنف والقهر والاستبداد ، اما حكومة بلادي اليوم وهي حكومة العدالة والتنمية فهي حكومة تصريف الاعمال ولا تستطيع انجاز اصلاح منظومتنا التعليمية ولا مسائلة تاريخنا ولا تغيير مناهجنا المدرسة ولغة تدريسنا في أي اتجاه لانها لا تملك الجرأة ولا القدرة ولا الارادة لتغيير البنية الفكرية والسياسية المغربية الحالية لانها بكل بساطة تستفيد من هذه الذهنية الفكرية والسياسية المتخلفة لتحافظ على اصواتها الانتخابية ولو على حساب الوطن .
انغير بوبكر
باحث في العلاقات الدولية
المنسق الوطني للعصبة الامازيغية لحقوق الانسان
Ounghirboubaker2012@gmail.com
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.