الوالي زينب العدوي : الدستور الجديد يتعدى منطق الإنصات والحوار مع المجتمع المدني الى تحقيق المشاركة الفعلية

كلمة السيدة والي جهة سوس ماسة في لقاء جهوي هام الذي نظمته الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني، يوم الاحد 22 نونبر 2015 بمدينة اكادير،  حول موضوع ” الديمقراطية التشاركية و الحكامة “: 

الوالي وينب العدوي
الوالي وينب العدوي

بداية أود أن  أرحب بكافة الحضور الكريم في مدينة أكادير عاصمة جهة سوس ماسة القادمين للمشاركة في أشغال هذا اللقاء الجهوي الهام المنظم من طرف الوزارة المكلفة بالعلاقات مع البرلمان والمجتمع المدني  حول موضوع ” الديمقراطية التشاركية و الحكامة “،  الهادف إلى مواكبة و تقوية قدرات الجمعيات و تعزيز حكامتها لتمكينها من الاضطلاع الأمثل بأدوارها المرتبطة بتفعيل و ممارسة الديمقراطية التشاركية ، المخولة لها بمقتضى التشريعات الجديدة و على رأسها دستور المملكة ل 2011.

و يشكل هذا اللقاء فرصة سانحة لتبادل الآراء و الأفكار حول كيفيات ضمان ممارسة الديمقراطية التشاركية من طرف جمعيات المجتمع المدني بشكل يتماشى مع مبادئ الحكامة الجيدة و ربط المسؤولية بالمحاسبة و خدمة المصلحة العامة و المساواة بين المواطنين في الاستفادة من خدمات المرافق و التجهيزات العمومية. أن النظام الدستوري لمملكتنا السعيدة يقوم إلى جانب الديمقراطية التمثيلية على الديمقراطية التشاركية و فصل السلط، و توازنها و تعاونها، و على مبادئ الحكامة الجيدة، و ربط المسؤولية بالمحاسبة.

 و هنا، وجب التذكير على أن بلدنا في إطار المسار الديمقراطي الذي يعرفه و الأوراش الكبرى التي عمل صاحب الجلالة الملك محمد السادس ،نصره الله و أيده، على إطلاقها منذ اعتلائه عرش أسلافه المنعمين، لاستكمال مسيرة الإصلاحات التي عرفها المغرب في ميدان حقوق الإنسان و الديمقراطية المحلية منذ العقد الأخير من القرن الماضي، أرسى مبادئ و قواعد دستورية لديمقراطية تشاركية تضمن الإشراك المباشر للمواطنين و كافة مكونات المجتمع المدني في تدبير الشأن العام، دون إغفال إدماج مختلف الفئات الهشة و إقرار المساواة بين الرجل و المرأة وفق مقاربة تسعى إلى  تحقيق الديمقراطية التشاركية المواطنة و التنمية المستدامة للمجال و تجاوز الفوارق بين جهات المملكة عبر تفعيل نموذج الجهوية المتقدمة للتدبير الترابي.

أيها  السيدات والسادة ،

إذا كانت الديمقراطية تفرض نفسها اليوم، في كل بلدان العالم، باعتبارها الشكل الطبيعي للتنظيم السياسي والمظهر السياسي الملائم لتحقيق العدالة الاجتماعية و ضمان كرامة المواطن، فلابد من التأكيد على ضرورة تدعيم الديمقراطية التمثيلية و تبني الديمقراطية التشاركية المواطنة  المبنية على الإشراك اليومي للمواطنين في تدبير شؤونهم و انخـراطهم في مسلسـل البناء الديمقراطي و التنمية المستدامة وترسيخ مبادئ التشاركية  وفق الآليات القانونية المقررة.

أن دستور 2011 و القوانين التنظيمية للجماعات الترابية أقرت  عدة مقتضيات بخصوص أشراك مختلف الفاعلين الاجتماعيين في تدبير الشأن العام من خلال :

  1. إعداد القرارات والمشاريع لدى المؤسسات المنتخبة و السلطات العمومية، و كذا في تفعيلها وتقييمها” .
  2. و في أعداد السياسات العمومية عبر هيئات التشاور المحدثة لهذا الغرض فمثلا: مجالس الجهات و الجماعات الترابية الأخرى ملزمة بأن تضع آليات تشاركية للحوار و التشاور لتيسير مساهمة المواطنين و المواطنات و الجمعيات في إعداد برامج التنمية و تتبعها… و يمكن للمواطنات و المواطنين و الجمعيات تقديم عرائض الهدف منها مطالبة المجلس بإدراج نقطة تدخل في اختصاصه ضمن جدول أعماله.”

وبالنسبة لإشراك المواطنات و المواطنين، فقد نص الدستور على أن: ” للمواطنين و المواطنات الحق في تقديم اقتراحات في مجال التشريع

و تقديم عرائض إلى السلطات العمومية

و يبدو هنا جليا على أن الهدف الذي يبتغيه الدستور الجديد يتعدى منطق الإنصات والحوار مع المجتمع المدني لتحقيق المشاركة الفعلية في عمليات إعداد و تنفيذ و تتبع السياسات العمومية.

أيها  السيدات والسادة ،

التأطير الدستوري و القانوني موجود، يبقى الأهم و هو الحرص على توفر هذه الجمعيات على الكفاءات و القوى القادرة على تحمل هذه المسؤوليات و اقتراح الحلول البديلة و الطرق الفعالة لتحقيق الأهداف المنشودة، مما يطرح مسألة تكوينها و إعادة تكوينها باستمرار وجودة حكامة أجهزتها و تكريس قيم خدمة الصالح العام لديها.

  • كما أن هذا الإشراك يجب أن لا يؤدي إلى خلق نوع من التصادم أو التدافع غير البناء بين مكونات الديمقراطية التشاركية الممثلة في هيئات المجتمع المدني و مكونات الديمقراطية التمثيلية الممثلة في الهيئات المنتخبة.
  • الإشراك يجب أن لا ينبثق تعقد و بطئ في عملية اتخاذ القرارات
  • الإشراك أيضا يجب أن يتدارك كل انجرار لبعض الهيئات للدفاع عن مصالح شخصية أو فئوية أو عن مصالح قوى ضغط مهما كانت طبيعتها.

أيها السيدات والسادة،

إن فعالية الإشراك ترتكز على أربع عناصر:

– إشراك هيئات و جمعيات المجتمع المدني في السياسات العمومية يجب أن يراعي الإطار المجتمعي المغربي و ركائزه و مرجعيته و خصوصياته الثقافية  و الاقتصادية و السوسيولوجية إلى جانب خصوصيات المجال الترابي.

– كما يجب أن يأخذ هذا الإشراك بعين الاعتبار مساهمة مغاربة العالم في بلورة السياسات العمومية التي تهمهم، نفس الشيء بالنسبة للأجانب المقيمين بصفة قانونية و دائمة بالمغرب بعد أن خول لهم الدستور بمقتضى الفصل 30 المشاركة في الانتخابات المحلية.

-كما أن هذا الإشراك يجب أن يتم تدريجيا و بأشكال مختلفة تبعا لطبيعة المجال و حساسيته و سياق تطبيقه.

– الإشراك يتطلب تنظيم جمعيات المجتمع المدني في شبكات جمعوية متكاملة تتوفر على الكفاءات اللازمة و تقوم بتدبير شؤونها وفق مبادئ الحكامة الجيدة، و هو ما يهدف إليه هذا اللقاء الذي نحن بصدده اليوم.

و لا تفوتني الفرصة للتنويه بما راكمه المجتمع المدني من خلال مساهمته الفعالة في برامج المبادرة الوطنية للتنمية المستدامة.

أيها السيدات والسادة،

إن الحضور القوي لمختلف الأطراف الفاعلة في هذا الملتقى لهو تأكيد واضح وجلي على انتظارات تفعيل  الديمقراطية التشاركية،التي مافتئ صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده يؤكد على أهمية انطلاقها باعتبارها رافدا من روافد التنمية ببلادنا.

وفي الختام أجدد الترحاب بالحضور الكريم في مدينة الإنبعاث “أكادير”  التي أراها إن شاء الله انبعاثا لحكامة جيدة لمجتمعنا المدني في ظل التوجيهات السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله و أيده.

                              والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد