نظمت العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان بشراكة مع المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، يومه السبت 13 فبراير، 2016، بالخزانة الوسائطية بكلميم، ندوة جهوية شكلت انطلاقة مشروعها حول: “الأهداف الإنمائية لما بعد 2015، باعتبارها فرصة لتحقيق المساواة، تحت عنوان: ” الأهداف الإنمائية لما بعد 2015، أي سبيل لتحقيق المساواة “. وقد عرفت حضورا متميزا تجاوز المئة و الأربعين فردا (اكثر من 140)، إذ حضر أشغالها عدد من المهتمين و الباحثين في الموضوع، و ثلة من المسؤولين عن تدبير شؤون المنطقة حيث عرفت الندوة حضور كل من السيد باشا مدينة كلميم وقائد المقاطعة الثانية والمندوب الجهوي للتخطيط وممثلي قطاعات وزارية مختلفة كالفلاحة والثقافة وممثل المجلس الاقليمي لكلميم وممثل المجلس الجهوي لجهة كلميم واد نون وممثلي المجالس المنتخبة بمعظم جماعات وبلديات الاقليم. كما عرفت الندوة حضور متميز للمجتمع المدني القادم من كل مناطق الجهة وخاصة من اسا الزاك وتغجيجت وتيمولاي وبويزكارن وافران وادي ايت حربيل و مدينة سيدي افني وسط مدينة كلميم وعرف اللقاء كذلك تغطية اعلامية متميزة من طرف وسائل الاعلام المرئية كالتلفزة الجهوية للعيون ومنابر صحفية ورقية والكترونية.
اِفتتح رئيس العصبة السيد: بوبكر أنغير أشغال الندوة بكلمة ترحيبية، رحَّب من خلالها بالضيوف الكرام الوافدين من مناطق مختلفة، و بالأساتذة المحاضرين و(هم الدكتورة نادية التهامي استاذة جامعية وعضو منتدى الانصاف والمساواة وعضو الديوان السياسي للتقدم والاشتراكية والاستاذ توفيق البرديجي رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الانسان بمنطقة كلميم-طانطان والاستاذ خالد العيوض المختص في قضايا التنمية والبيئة والاستاذ عزيز صديق الباحث في القانون المدني والاسرة) ، كما نوَّه بالحضور المكثف لمثقفي المنطقة، مبرزا السياق الدولي و الوطني الذي جاءت فيه هذه التظاهرة: فرغم تحقيق المغرب تقدما ملموسا في تحقيق جملة من الأهداف الإنمائية للألفية في صيغتها الاولى اي الاهداف الثماني للتنمية (2000-2015)، ورغم أن الدستور الجديد لسنة 2011 يؤكد على المساواة و المناصفة و نبذ كل أشكال التمييز، إلا أن فئات مجتمعية كبيرة ـ تشكل النساء غالبيتها ـ ظلت على هامش التنمية، حيث مازالت النساء عرضة للعنف بأشكاله المختلفة، و مازلن يعانين اللامساواة بل وحتى الإقصاء و التهميش على مستويات عدة، لذلك وجب البحث عن سبل تفعيل الأجندة العالمية للتنمية لما بعد 2015، وفق مقاربة تضمن تحقيق المساواة و مقاربة النوع الاجتماعي. ليتم بعد ذلك الانتقال إلى كلمة الجهة المنظمة و التي ركزت على كون حيثيات اختيار الموضوع لا تنحصر في كون المناصفة و المساواة يقعان صلب اهتماماتها فقط، بل أيضا إدراكها للفشل النسبي الذي طال تحقيق أهداف الألفية، وبالتالي فالمشروع يهدف إلى تعبئة كافة تنظيمات المجتمع المدني للانخراط في تحقيق الأهداف الإنمائية 2015- 2030. ثم كلمة للسيد رئيس اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان كلميم طانطان، فممثل المجلس الإقليمي لكلميم، فممثل المجلس الجهوي لكلميم واد نون، و الذين شكروا العصبة الأمازيغية لحقوق الإنسان على الدعوة، وعلى دأبها تنظيم لقاءات ناجحة، سواء على مستوى اختيار المواضيع، أو اختيار المشاركين، بل وحتى طبيعة الحضور الكريم، كما أكدوا على كون حقوق الإنسان منظومة شمولية لا تقبل التجزيء، متأصلة في البشر دون اعتبار لاختلافهم، فإذا كان المغرب معروفا بقيمه المتجذرة، ليس على المستوى الافريقي فقط بل على مستوى عدد من البلدان التي تعيش احتقانات و صراعات ناتجة عن عدم قبول الآخر المختلف، فإن جهة كلميم واد نون شكلت نموذجا لهذه القيم؛ إذ شكلت مجالا لتعايش الأديان، وحوار الثقافات، وانفتاح الساكنة على الآخر، ولكافة أشكال التسامح التي جعلت التعدد و الاختلاف عنصر قوة لا موطئ قدم فيه للتطرف و العنصرية.
اِبتدأ السيد توفيق البرديجي بصفته رئيسا للجنة الجهوية لحقوق الإنسان جهة كلميم طانطان المشاركات بعرض اعتبر فيه الأهداف الإنمائية من بين أهم الانتصارات التي حققها المنتظم الحقوقي؛ فقبل 2015 تم العمل على تحقيق الأهداف الثمانية و المرتبطة بالحقوق الأساسية: القضاء على الفقر، وتعميم التعليم الابتدائي، وتعزيز المساواة بين الجنسين، و تخفيض معدل وفيات الأطفال، و تحسين صحة الأمهات، و مكافحة فيروس ومرض الإيدز، والملاريا وغيرهما من الأمراض، و ضمان الاستدامة البيئية، وإقامة شراكة عالمية من أجل التنمية. غير أن درجة تفعيل هذه الأهداف تبقى متفاوتة بين الدول؛ ففي المغرب مثلا بُذلت مجهودات جبارة تُوجت بصدور نصوص تشريعية و هيئات متخصصة، لكن مجال المساواة بين الجنسين مازال في حاجة إلى عمل كثير؛ فمجال العلاقات الأسرية يستوجب مراجعة النصوص التشريعية بناء على قراءات تقييمية لمدونة الأسرة خاصة في جانبها المتعلق بتطبيق القرارات،
أما السيد خالد ألعيوض خبير التنمية المستدامة فقد كانت مقاربته مبنية على تجارب تنموية واقعية، مدعمة بصور توثيقية، إذ بدأ في حصر إشكالية التنمية في أننا نفكر كونيا و نشتغل محليا، وبناء عليه فالتنمية لا يمكن أن تتحقق إن لم تنطلق من المواقع الصغرى كالقرى و الدواوير و الأحياء الشعبية، ممثلا لذلك بالفقر. لينتقل بعد ذلك إلى سرد تجربته في جهة سوس ماسة درعة، والتي انطلقت بحكم الحاجة سنة 1992 أي قبل ظهور الأهداف الإنمائية للألفية؛ وبموجبها تم تحقيق جملة من المكاسب نحو: فك العزلة، و تجاوز اشكالية التزود بالماءـ هذه المهمة الشاقة الموكولة إلى الفتاة القروية والتي تجبرها على قطع مسافات كبيرة محملة بأثقال لا طاقة لها بها ـ، و الرفع من نسبة تمدرس الفتاة، إضافة إلى ظهور رياض الأطفال و المركبات الثقافية، وارتفاع نسب محاربة الأمية، وخلق مستوصف للقرب (رغم إشكالية الأطر) … لينهي مشاركته بمقترحات من شأنها تحقيق تنمية فعالة مثل: تثمين التجارب الناجحة، و العمل على التكوين المستمر، و إفشاء الديموقراطية المحلية داخل الجمعيات، و تأطير الشباب، و إشراك المرأة، و تشجيع الشراكات.
الدكتورة نادية التهامي عضوة المكتب التنفيذي لمنتدى المساواة و المناصفة بدأت عرضها بتعريف الأهداف الإنمائية لما بعد 2015، ثم تطرقت سبل تحقيقها وطنيا، إذ أشارت إلى أنه من المفروض أن تنفق الدول الأعضاء المتقدمة ما نسبته 0.7 بالمائة من الدخل القومي الخام لفائدة الدول الفقيرة حتى تتمكن من تحقيق هاته الأهداف في أفق 2015. وباعتبار المغرب من بين هاته الدول فقد عمل على استحداث جملة من الإجراءات التشريعية و المسطرية، من خلال الشروع في القيام بعدة إجراءات وتدابير تهم جل القطاعات الاجتماعية التي تحقق غايات الأهداف الإنمائية؛ ففي التعليم ظهر الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ثم المخطط الاستعجالي، وأخيرا التدابير ذات الأولوية. كما عرفت الصحة تحسنا في ظروف الولادة، و إحداث التغطية الصحية وإجباريتها، ومحاربة الأمراض الفتاكة لذى الأطفال. أما بخصوص المساواة بين الجنسين فقد تحدثت الدكتورة عن خطة إدماج المرأة في التنمية2003 و عن دستور2011 في علاقته بمشروع قانون مكافحة العنف ضد المرأة، ومشروع مرسوم يخص إحداث مجلس للمرأة (هيأة المناصفة)، وعن خطة إكرام. لتنتقل بعد ذلك إلى تناول معيقات تحقيق الأهداف الإنمائية (المساواة نموذجا)، فمنها المتعلق بالتعليم كارتفاع نسبة الأمية، والتضحية بالفتاة ليستكمل الذكر تعليمه… والمتعلقة بالمجال الاقتصادي، وبالجانب النفسي السلوكي، وبالجانب السياسي المرتبط بالسلطة. لتختم مشاركتها بالتأكيد على التنشئة الاجتماعية كمدخل أساسي، وعلى الإرادة السياسية كمرتكز جوهري، لتحقيق المساواة المنشودة، و بمجموعة من المقترحات مثل: تطوير وتعزيز خطاب الأحزاب حول المسألة النسائية، و تشجيع العائلات بناتهم على المشاركة في كل مجالات الحياة، و نشر ثقافة الوعي والتحسيس بأهمية الأدوار التي تلعبها المرأة…
الأستاذ عزيز صديق ـ الباحث في الشؤون القانونيةـ كان عنوان مشاركته: الأهداف الإنمائية لما بعد 2015: خيارات أم تحديات؟ وقد أطرها بإشكالية تساءل من خلالها عن حدود ضمان أهداف التنمية المستدامة حياة كريمة ل 9 مليار شخص (في أفق 2050) بموارد محدودة و بتغيرات مناخية متسارعة. لينتقل إلى الحديث عن الاتفاقيات و القمم ذات الصلة بالتنمية المستدامة، ثم التفصيل في أهدافها السبعة عشر، مبرزا حاجة العالم إلى تنمية مستدامة مقرونة بنقلة إيكولوجية قصد القضاء على الأسباب الجذرية للفقر، و تحقيق المساواة، و النمو الاقتصادي، و الإنصاف بين دول الشمال و الجنوب، و الحد من تدهور البيئة، و من التناقص المستمر للموارد الطبيعية، و التغيرات المناخية، و توالي الأزمات. كما تطرق الأستاذ إلى أهمية مقاربة النوع الإجتماعي داخل خطة التنمية المستدامة، وذهب إلى أنه لا يمكن الحديث عن التنمية بمعزل عن إدماج المرأة فيها، لينهي عرضه بمناقشة تحديات تحقيق أهداف التنمية المستدامة، و منها: تباين التقدم بين الدول، و تغير المناخ إضافة إلى تدهور البيئة يقوضان ما أنجز من تقدم و الفقراء هم الأشد تضررا من ذلك، و تفاقم انبعاث الغازات ( حولي 1/3 الكائنات الحية قد تختفي في المستقبل القريب)
تم إغناء النقاش من خلال التفاعل الإيجابي لعدد كبير من الحاضرين سواء في شكل ملاحظات أو إضافات أو أفكار نوردها على الشكل الآتي:
- تحقيق الأهداف الإنمائية لما بعد2015 مرتبط بإشكالية الموارد المالية لدى الدول النامية، مما يدفعها إلى تسول التمويل لدى الدول المتقدمة.
- تمويل الدول النامية لا يكون إلا بشروط تمليها الدول المتقدمة بما يفضي التحكم في سياساتها الداخلية، فالذي لا يمول نفسه بماله لا يمكنه اتخاد قراراته.
- إشكالية التنمية المستدامة في المغرب مدخلها سياسي ثقافي.
- تحقيق المساواة رهين بالقطع مع كل ما يكرس ثقافة الميز، بما فيه الإعلام و الشارع و المدرسة.
- ضرورة التعامل بحس نقدي مع المعطيات الرقمية التي يتم التصريح بها.
- إشكالية التنمية تستوجب الحسم في اختياراتنا كمجتمع: هل نريد بناء مجتمع حداثي، أم نريد البقاء رهيني الوضع الحالي؟
- التنمية تستوجب إشراك الجامعة، و الاستفادة من أبحاثها.
- ضرورة العمل على أن يتجاوز السياسيون النظر إلى الفاعل الجمعوي كمشروع منافس سياسي.
- ضرورة إعادة النظر في الشراكات، بما يضمن فاعليتها و عقدها مع تنظيمات نشيطة ذات كفاءة و خبرة.
- الانخراط في تحقيق الأهداف الإنمائية لما بعد 2015 يجب أن يكون عن قناعة، لا تنفيذا لتوصيات هيئات دولية.
اما اهم الخلاصات والتوصيات التي خرجت بها الندوة والورشة المتعلقة بحقوق المراة في اطار الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع اشكال التمييز ضد النساء فهي على الشكل التالي :
*الاعتراف وتقييم المجهودات المبذولة من طرف النساء والرجال في مسلسل بناء التنمية بشكل عادل
* ابراز المساهمة والفعالية المتساوية للنساء والرجال في البرامج التنموية وكذا تقييم مساهمة المراة في العمل المنزلي وتأثير ذلك على الناتج الوطني الداخلي
*العمل على مناهضة العوامل العميقة الكامنة وراء الفوارق الموجودة بين النساء والرجال سواء في الحصول على نفس الفرص والحقوق ومكانة كل منهما بالمجتمع.
*العمل بارادة قوية من اجل تحقيق الانصاف والمساواة بين الجنسين في الولوج الى الخدمات العمومية والموارد المالية واسباب العيش والتحكم فيها
*الاخذ بعين الاعتبار ضرورة تغيير العقليات والذهنيات المتحجرة والتموارثة والتي تعتبر المرأة اقل من الرجل . مع ضرورة التركيز على ادوار الاعلام والتنشئة الاجتماعية والمدرسة والاسرة على تغيير هذه التصورات النمطية الخاطئة عن المرأة .
*تاهيل وتقوية قدرات النساء اجتماعيا واقتصاديا وثقافيا وسياسيا من اجل السماح لهن بالقيام بادوار طلائعية بناء التنمية المستدامة والاستفادة من خيراتها.
انجز التقرير الاستاذ السالمي عبدالله.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.