أزول بريس _ يوسف الغريب //
تعود رفقتي بأهل هذه الدار إلى بداية تسعينيات القرن الماضي .. وقد عدت توّاً من تطوان لأجد أحد أعمدة هذا البيت الدافيء سيدة بعجينة سحرية من الكبرياء والرقة والحنان والحب والاحساس والطاقة والغيرة على النفس والجوار…
سيدة لم تخلق الا كنوار الشمس متجهة بوجهها نحو بحر أكادير باحثة عن أفق جديد ينير دروب مدينتها التي علمت من حروفها أن لا تخشى احتراق الشمس… لأن البرد قاتل والصمت مميت…
والبوح ليس عصياناً بل إيماناً بنورانية اشعة الشمس و ضوئها الساطع العادل..حتى على من لا صوت له..
حين نزلت إلى الأرض جالست البسطاء بتواضع كبير… ورافقت الكبار بأنفة وكبرياء
كان قدرها أن ترافق الماء.. وتدبيره على العطشى كرئيسة مكتب تدبير المياه بمصلحة المياه التابعة للمديرية الإقليمية لتجهيز.. واكتشفت بحدسها أن جذور الحياة لا تروى إلاّ بقطرات من الحرية والكرامة.. فانخرطت في البحث عن مجاريها بالترافع النقابي من جهة كأول قيادية طليعية سنوات الجفاف والرصاص.. وعزّزت مكانتها بالاصطفاف إلى جانب القوات الشعبية والمستضعفين.. وتكلمت باسمهم في منصات جماعية واطارات جمعوية… وبادرت مع الشباب لإنقاذ ما يمكن إنقاذ من بقايا مدينة..
في كل هذه المحطات كانت الرفيقة فاطمة زعاف مجهزٌة بشفرات حادّة، لا بل حادة جدا، تنبش تربة الموروثات العفنة وتجرف أحجار المجتمع الملطّخ بالنفاق.
مؤيدوها كثر، لكن خصومها أكثر. وهل يُقابل الصادح بالحق بيدين مفتوحتين؟
أبداِ فالظلمة من شأنها أن تُلفت النظر في مهرجان الضوء ، أكثر مما يُلفت الضوء نفسه
تقف دائما في ما يسمّى عند العسكر بمنطقة “الموت” وسط المقاتلين.. من الأطراف.. والإرادات والميول والاتجاهات ، تحارب بالكلمة والرأي والحجة والهدف والاحترام والحب للجميع مهما اختلفت المشارب والميول وتقطعت السبل وتنافرت..
تبحث عن عنوان لالتقاء كل الأيادي والأصوات والقلوب والحناجر والأقلام على طاولةٍ واحدة من أجل غرضٍ واحد هو بناء هذا البيت الكبير الفسيح الواعد ، كجزء من حلم كبير لإعادة بناء العالم على أسس سليمة جميلة عمادها الحب والفهم والاحترام والتنوع..
حين تفتح قلبها تجد هوية مستقلة سياسياً وأيديولوجياً وإن بنفسٍ يساريٍ شفيفٍ مستحبٍ مستساغٍ دافئ منضبطٍ متعقل واقعي ، يذكر بالاشتراكية الديموقراطية المسالمة المتواضعة في طموحاتها .
يساريتها أقرب إلى إصلاح البيت منه إلى هدمه بالكامل…كعنوان لأخلاقية جميلة وحضارية وعقلانية ومسالمة ، كجواب على أخلاقية الآخر الدموي العدواني الهمجي الظالم ..
هي أنت في يوم عيدك ، ماضية للأمام بخطوات واثقة لا تنظر للخلف بتاتاً ، كي تخلعي عنك كل ما علق بها من وثنيات ومعتقدات خاطئة عبر السنين ، وما فرض عليها من قيود وما تكبلت به من عصبيات جاهليه ، مؤمنةً بحقوقها التي حفظتها لها كل الشرائع السماوية ، ومتسلحة بكل ما اوتيت من قوة وعلم ومعرفة الى الأمام بلا تراجع يحذوها الأمل وثقة المدافعة عن الحق … والبوح به..
إليك انت سيدتي.. وإلى كل مناضلات العالم :
باقة ورد..
وبوصلة غد مشرق وآمن.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.