الحسين بويعقوبي
……..
أتناء كل حملة انتخابية تجتهد الأحزاب السياسية لوضع برامج تستجيب لتطلعات المواطنين وعلى أساسها تسعى للحصول على ثقتهم و كسب أصواتهم. ومن هذا المنطلق نتساءل هل المطالب الأمازيغية مطروحة على أجندة السياسيين وهل يعتبرونها رقما مهما لاستمالة الناخبين ثم ما المنتظر من الأحزاب السياسية على المستوى المحلي والجهوي للدفع بالحقوق الأمازيغية إلى الأمام؟
لنتفق مند البداية على أن الكثير من البرامج الانتخابية متشابهة و يصعب التمييز فيها بين اليمين واليسار كما أن الكثير من الأحزاب لا تفرق بين الشعارات و البرامج المقدمة في إطار الانتخابات التشريعية ذات البعد الوطني و تلك التي تقدم للمواطنين في إطار السياسات المحلية والجهوية.
وعلاقة بموضوعنا فإطلالة بسيطة على برامج بعض الأحزاب (لصعوبة الاطلاع على برامج كل الأحزاب في كل الجماعات و الجهات) تعطي الانطباع بان الأمازيغية لازالت تدخل في دائرة اللامفكر فيه و ليست هما سياسيا أساسيا لدى الأحزاب المتنافسة بل، حتى بالمنطق البراغماتي، لا تعتبرها حتى محركا للجماهير ومن شان إثارتها كسب تعاطفهم.
وفي حالة حضور الأمازيغية فذلك لا يتجاوز البعد الرمزي وفي اغلب الحالات يكون مرتبطا بمستوى وعي والتزام المرشح محليا وعلاقته النضالية بالقضية الأمازيغية وهذا ما يفسر كون نفس الحزب يتعامل مع الأمازيغية بطريقة مختلفة من جماعة لأخرى ومن مرشح لآخر يتراوح بين الحضور الباهت و الإقصاء التام.
إن هذا التذبذب في التعامل مع الأمازيغية لا يمكن تفسيره إلا بكون 50 سنة من النضال الأمازيغي والمتوج بتحقيق بعض المكاسب كان أهمها الاعتراف الدستوري بالأمازيغية لغة رسمية سنة 2011 لم يواكبه اهتمام جدي داخل الأحزاب السياسية بهذا الموضوع مما جعل مواقفها ذيلية لا تتجاوز مستوى التعبير عن حسن النية. ولذلك لم يبلوروا أي تصور لكيفية تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية لا محليا ولا وطنيا. فبذل أن تكتب برامج الأحزاب بالأمازيغية أيضا باعتبارها لغة رسمية تكتفي الأحزاب بكتابة اسمها بالأمازيغية، حتى أصبح دلك”موضة” العصر ويتم التعامل معه بقليل من الجدية. فإلى جانب الأخطاء الكثيرة التي تعتري الكتابة ب “تيفيناغ”، لا تكلف بعض الأحزاب نفسها حتى عناء ترجمة اسمها العربي و تكتفي بكتابته بالحروف الأمازيغية إضافة لأسماء المرشحين (بالنسبة للبعض) ولا تدكر أي شيء عن تصورها لهذا الموضوع في حالة تسييرها للجماعة أو الجهة.
و دون ذكر الأحزاب التي لم تش قط للأمازيغية، فمن فطن منها بضرورة إثارتها استعمل عبارات بعيدة كل البعد عن التطورات التي عرفتها هذه القضية وضل حبيس المعجم الاثنوجرافي- السياحي فالتزم ب”جعل الثقافة الأمازيغية (الفولكلور،وخصوصية العيش)فضاء رمزيا لخصوصية الجهة يكون مناسبة لإثارة فضول السواح وحفزهم على الإقبال على المنطقة” في حين حضرت الأمازيغية لدى البعض فقط ك “تراث و إبداع ثقافي يجب الاهتمام به” في حين أن الحزب الأكثر تقدما في هذا الموضوع فقد كتب جزءا من برنامجه الجهوي بالأمازيغية والتزم في إحدى الجماعات ب”العمل على تعميم اللغة الأمازيغية في لوحات التشوير واللوحات الاشهارية والإعلانات داخل تراب الجماعة“.
انطلاقا من هذه النماذج، يتضح جليا أن رسمية اللغة الأمازيغية لم يستوعب بالشكل المطلوب من طرف الأحزاب السياسية التي من المفروض أن يكون لديها تصورها لتفعيل هذا الوضع الجديد الذي حظيت به الأمازيغية إن محليا، جهويا أو وطنيا. أكيد أن نقاش القوانين التنظيمية المتعلقة يهذا الموضوع له بعد وطني لكن بإمكان المنتخبون محليا و جهويا، في إطار الصلاحيات المعطاة للجماعات والجهات، واستنادا على الفصل الخامس من الدستور، أن يتخذوا إجراءات عملية لتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في مختلف المجالات. وهنا لابد من طرح السؤال حول مدى تأثير مناضلي القضية الأمازيغية المنخرطين مؤخرا في بعض الأحزاب السياسية في تعامل هذه الأخيرة مع هذا الموضوع وهل بإمكانهم أن يفعلوا رسمية الأمازيغية في وثائق و اهتمامات أحزابهم؟
وفي انتظار أن يقتنع السياسيون بذلك يطرح نفس التحدي لدى الجمعيات المهتمة وشعب ومعاهد الدراسات المعنية بهذا الموضوع لجعل الأمازيغية لغة الكتابة والاستعمال في مختلف المجالات بدل أن تكون فقط لغة كتابة العناوين والشعارات وموضوعا للنقاش والبحث بلغات أخرى.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.