أقاإيغان ( طاطا ): مهد العاصفة المستبدة.
يعتبر الصراع حالة من عدم الإرتياح أو الضغط النفسي الذي ينتج بسبب التعارض وعدم التوافق بين رغبتين أو أكثر من رغبات الفرد وحاجاته، وتعد الصراعات من الظواهر التي انتشرت بوتيرة كبيرة عبر التاريخ بين بني البشر، فالصراع ليس وليد اللحظة كما يعتقد البعض، ومن أخطر أنواع الصراعات، الصراع السياسي الذي يعتبر حالة من التنافس بين البشر على الحكم والتربع على السلطة؛ حيث تكون أطرافه على علم بوجود الاختلافات في المواقف المستقبلية المحتملة، ويضطر أحد الأطراف إلى تبني واتخاذ مواقف لا تتوافق مع مصالح الطرف الآخر، نظرا لاختلاف الرؤى والأفكار السياسية واختلاف مبادئ كل تيار سياسي عن الآخر، ويتأثر حجم الصراع بحجم أهدافه فكلما كان الهدف كبيرا كان الصراع أكبر والعكس صحيح.
شهد مدشر أقاايغان إقليم طاطا في بداية الثمانينات ولادة هذا الصراع، لكن لم يكن بشكل فعلي الا في بداية التسعينات، وبالضبط في الانتخابات الجماعية 1992؛ إذ شهدت هذه الانتخابات التأسيس الفعلي للاتحاد الإشتراكي( الحزب الوحيد آنذاك بالمنطقة)، ودخل في خضم الإنتخابات مع أحزاب خارج أقاايغان خصوصا الأحزاب الإدارية كالأحرار، الإتحاد الدستوري، والحركة الشعبية.
خلال هذه المرحلة وفي ظل الكم الهائل من الصراعات الحزباوية بين الأحزاب الكائنة آنذاك، كان لابد من ظهور حزب جديد من شأنه توحيد الرؤى ولم شمل أبناء المدشر ولو بعد حين، فتم تأسيس الفرع المحلي لحزب الاستقلال ودخوله في غمار انتخابات 1997، ومن تم بدأت الندية بين التيار الاستقلالي والاتحاد الاشتراكي على مستوى المحلي ولازالت قائمة إلى يومنا هذا، لتعرف المنطقة انجذابات جدية بفعل المؤسسات الموازية للحزبين في شخص ج م المحسوبة على حزب الاستقلال و ج و المحسوبة على حزب الاتحاد الاشتراكي، علما أن ج م انشقت من ج و، فكانت هي النواة الأولى لتأسيس حزب الاستقلال، إلا أنه مع كامل الأسف ومن خلال الملحوظ حاليا أن هذين الحزبين لم يتحملا كامل المسؤولية المنوطة إليهما في تأطير المواطنين، واكتفيا بالاعتماد على الجمعيتين السالفتي الذكر من أجل إشعاعهما، وانحصر الصراع في هذين القطبين المدنيين بغية انعكاس هذا الاشعاع على الحزبين، والنتيجة : أن المواطنين لبثوا إلى يومنا هذا متقوقعين في ظل هذا الصراع غير المبني على مرجعيات سياسية صرفة، وينعكس هذا الفراغ الإيديولوجي على التركيبة الفكرية للمستهدفين، بل يتعداه الأمر إلى حد الاعتماد على الموروث التقليدي لتعبئة المواطنين وإستقطابهم للتصويت ليس إلا.
في ظل هذا الوضع المؤسف له، أصبح مركز أقاايغان مرتعا لتصريف المتاهات عبر افتعال صراعات و عداوات مجانية بين المواطنين بشكل عام، ليتعداه الأمر إلى انتقال العداوة إلى الأسر ذاتها، ومن تم إلى الفخذات، ليعرف المجتمع المحلي شرخا كبيرا يصعب ترميمه، ومن خلال التقصي اليومي للأحداث التي يعرفها مركز أقاايغان، لوحظ أن حزبا واحدا هو الذي يحاول التواصل مع الكتلة الانتخابوية، لكن مع كامل الأسف بشكل غير لائق، وبشكل تضليلي، والهدف من حملته هذه حشد الداعمين لتصور شخصي يخفي من ورائه دسائس ومؤمرات في العمق ضد المواطن نفسه، وضد محيطه الجغرافي، وضد مستقبل الأجيال القادمة، لأن واقع الحال أثبت فشل الحزب الذي يتبنى هذه المنهجية في تدبير الشأن العام انطلاقا من تسعينات القرن الماضي، والنتيجة: أن المواطنين الناخبين يبدو أنهم واعون وعيا عميقا بهذه الوضعية المزرية، مما حدا بهم إلى عقاب هذا الحزب بإسقاط عضويته في المجلس الجماعي خلال الانتخابات الجماعية الأخيرة.
التعليقات مغلقة.