مسرحية كونيكسيون من إنتاج فرقة المسرح الطلائعي بأكَادير..
.عبداللطيف الكامل
مسرحية كونيكسيون من إنتاج فرقة المسرح الطلائعي بأكَادير :
“مسرحية كونيكسيون تجربة جديدة ومغايرة تكشف عن برودة في العلاقات الإنسانية بسبب غياب التواصل المباشر الواقعي بعد ذوبان الجميع في عوالم فتراضية”.
قدم المسرح الطلائعي بأكَادير،مؤخرا بالمركز الثقافي بمدينة أيت ملول عرضا مسرحيا جديدا ومغايرا اختارله عنوانا موسوما بالجدة والراهنية”كونيكسيون”للدلالة به على ما شغل الناس صغارا وكبارا في السنوات الأخيرة حتى جعلهم منشغلين على الدوام يلهتون بحثا عن آمال وأحلام بل أصبحوا ذائبين في عوالم افتراضية لا نهاية لها وتائهون في عالم الصفحات الزرقاء والبرامج الإلكترونية المتطورة صوتا وصورة.
وتدور مسرحية كونيسكيون التي أخرجها المخرج حسن بديدة وشخصها كل من حسن عليوي ومحمد أوراغ سيموكا،في محطة للقطار،حيث التقى شخصان غريبان وكان كل واحد منهما ينتظر وصول القطار في أية لحظة:علال شاب في عقده الثاني يحمل معه عدته للإلتحاق بثكنة عسكرية للقوات المساعدة قصد التدريب،والعربي شاب تائه يبحث دوما عن نقطة ضوء تنير له مساره لعله يهتدي بها إلى حلمه.
فالشخصان الغريبان عن بعضهما البعض،يجمعهما صدفة تواصل مباشر من حسن حظهما،بسبب انقطاع الكونسيكيون وإلا لكانا سيذوبان في عالمهما الإفتراضي لو تمكنت هواتفهما النقالة من التقاط إشارة من الشبكة العنكبوتية.
ولهذا دخل هذان الشخصان في حوارمتقطع وتواصل مباشر،كلما انقطعت شبكة التواصل عبر المواقع الإلكترونية،ومن خلال هذا التواصل يحكي كل واحد عن تفاصيل حياته عن ماضيه وحاضره وحلمه وطموحه،ويتم سرد هذه التفاصيل دون أن ينقطع هوسهما في انتظار الكونسكيون من جهة والقطارمن جهة أخرى،لكن لا شيء تحقق من هذا وذاك.
وتتوخى الفكرة المحورية والأساسية للمسرحية تسليط الضوء على المخاطرالعديدة التي تتربص بمجتمعنا وتقتل علاقاته الإنسانية وتفتت أواصرالرقابة بسبب غياب التواصل المباشرالصادق الواقعي وذوبان الناس في عالمنا الحالي في العوالم الإفتراضية مما قد يهدد هذه العلاقات الإنسانية في دفئها وتواصلها باستمرار.
المسرحية التي ألف نصها الكاتب علي الداه لها رسالة مشفرة وخلفية تدعو من خلالها إلى مراجعة قيم المجتمع المغربي الذي بدأت تعرف تصدعا في بنيته والمحافظة على الهوية المغربية ومقوماتها وخصوصيتها من حيث العلاقات الأسرية والإجتماعية بشكل عام بعيدا عن مظاهر الإنفصال و الإنفصام وتعدد الأقنعة والوجوه والبرودة في العلاقات الإنسانية التي خلقتها للأسف هذه البرامج الإلكترونية.
وكانت فرقة مسرح الطلائعي بمدينة أكادير،قد قدمت عملها المسرحي الأخير بمدينة أيت ملول والموسوم ب “كونيكسيون”في إطارالاحتفال باليوم الوطني للمسرح،وهي من تأليف علي الداه،وإخراج حسن بديدة وتشخيص كل من الفنانين محمد أوراغ وحسن عليوي، سينوغرافيا البشير إركي وإدارة الخشبة لإبراهيم فم غليل.
هذا وفي قراءة له،أكد الناقد المسرحي محمد أيت لحساين أن مسرحية كونيكسيون” تستمد مقوماتها الجمالية والفكرية من خلفيات فلسفية متنوعة خاصة مسرح العبث وفلسفة الوجود،إنها منجزمسرحي قوامه الأداء الفرجوي الحي القائم على استرشاد عميق بتقنيات المسرح الطلائعي،وذلك فاء لنهج المايسترو حسن بديدة الذي يؤمن دائما بأن المسرح يجب أن يكون مشاكسا لكل الطابوهات”.
مضيفا أن نهج المخرج حسن بديدة هو نهج قائم دائما على “مشاغبة الفكر،ومخاطبة العقل،واستفزازالإحساس،كما نجد عند الآباء الروحانيين للمسرح الحديث كالرواد الطلائعيين كبرتولد بريخت وبيسكاتور وألفريد جاري وغروتوفسكي وأرطو…وكذلك لدى رواد مسرح العبث كصامويل بيكيت ويوجين يونسكو،هذا الأخيرالذي أكد أن أساس مسرح العبث هو محاولة تعرية الواقع وكشف زيف الشعارات”.
واعتبرالناقد في هذه القراءة أن مسرحية”كونكسيون”شبكة رمزية من الدلالات،لا تطرح تيمة موضوعاتية واحدة بل شبكة من الموضوعات،نجح العرض إلى حد كبير في التطريز بينها، من خلال طرح العديد من القضايا بالاستناد إلى الرمزية ودلالة الموقف الدرامي، فهنا مشكل التنمية وهناك آفة ما أضحي يعرف بظاهرة”المؤثرين الاجتماعيين “وهنالك إشكالية الثقافة والفن والتعليم والبطالة والوعي…كلها مواضيع نجح العرض في مشاكستها وطرحها بطريقة كاركاتورية مما جعل العرض متشعبا موضوعاتيا وفنيا.
وتجدرالإشارة إلى أن جمعية نادي المسرح الطلائعي من الجمعيات الرائدة على المستوى الوطني تأسست سنة 1990 بمدينة أكادير،جاعلة من أهدافها العناية بالثقافة المسرحية والسينمائية ودمج الشباب وتشجيعهم على الإنخراط في الحياة الفنية من خلال ورشات تكوينية أكاديمية.
واستطاعت هذه الجمعية ضمان مقعد لها وسط الحركة المسرحية المغربية خلال الفترة الذهبية لمسرح الهواة بالمغرب كما شهد لها بذلك كبار نقاد المسرح بالمغرب نظرا لكفاءة تحربتها وعمق المواضيع التي اشتغلت عليها من خلال العروض التي قدمتها.
وقدمت فرقة المسرح الطلائعي العديد من العروض المسرحية التي نالت إعجابا كبيرا من لدن الجماهير،ونالت بصددها جوائز في العديد من المهرجانات الوطنية نذكر من بينها لا الحصر:جوائزمهرجانات طنجة،تطوان،تمارة،مراكش،الداخلة.
ومن أشهرمسرحيات فرقة المسرح الطلائعي:ثرثرة في المقبرة،البركاصة،أمدوز،حظي راسك…بحيث تم تقديم مسرحياتها وعروضها بكل اللغات بالعربية والدارجة المغربية والأمازيغية والحسانية.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.