من ذاكرة  الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي 4/30 : أوسمان شرارة تحديث الأغنية الأمازيغية*

أزول بريس – الحسين أيت باحسين //

“الذي لا ذاكرة له، لا تاريخ له”

 بول ريكور
الحسين أيت باحسين
الحسين أيت باحسين
* أوسمان شرارة تحديث الأغنية الأمازيغية”: عنوان مقال ل”كلود لوفيبور” (Claude LEFEBURE)
كما تمت الإشارة إلى ذلك في الحلقة السابقة، حققت الدوريات الداخلية للجمعية (“النشرة الوثائقية” و”ءارّاتن”، من جهة، و”التبادل الثقافي” و”ءامود” فيما بعد، من جهة ثانية)؛ المبدأ العام للأهداف التي حددتها الجمعية في بداية تأسيسها والمتمثلة في الجمع والتدوين والتوثيق والتحسيس بأهمية الحفاظ على التراث الأمازيغي مع ضرورة العمل على تثمينه وتحديثه.
وكما تمت الإشارة كذلك سابقا، كان المناخ الثقافي السائد في أواسط السبعينيات ملائما للعمل على إخراج الأغنية الأمازيغية من الطابع التقليدي الكلاسيكي إلى النمط العصري الذي سيساهم على تثمين الأمازيغية وتحبيبها لشرائح اجتماعية عريضة إن هي استوعبت المهام المرحلية، آنذاك، لمفهوم “الثقافة الشعبية” المطروح في تلك الفترة في مختلفة أبعاده السياسية والاجتماعية والثقافية. ويهمنا؛ هنا؛ ما طرحه ذلك المناخ الثقافي، خاصة في بعديه الأكاديمي والفني. إذ بدأت البحوث الجامعة تهتم بالقضية الأمازيغية، خاصة في مجالات الأدب واللسانيات والتاريخ؛ كما ظهرت مجموعات عصرية ثارت على التقليد الكلاسيكي وعلى تقليد الشرق والغرب وتبنت الأغنية الملتزمة والكلمة الرصينة مثل مجموعة “ناس الغيوان” و”جيل جيلالة” و”لمشاهب” و”إزنزارن” و”إزنزارن الشامخ” وغيرها من المجموعات العصرية.
وبدون الخوض في تفاصيل ذلك المناخ الثقافي- الفني، تجدر الإشارة إلى أن الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي؛ منذ أواخر الستينيات (ضمن مبادرات في ندوات أولقاءات) إلى أواخر السبعينيات (مع تأسيس “الجمعية المغربية للموسيقى الأمازيغية”) مرورا بتأسيس مجموعة “أوسمان” في أواسط السبعينيات؛ بدأ يتشكل لديها، شيئا فشيئا، الوعي بأهمية توظيف الأغنية والموسيقى الأمازيغية التي تستطيع إحداث القطيعة مع التبعية للشرق أو للغرب وترتبط بالجذور الأمازيغية مع الانفتاح على الحداثة؛ وذلك من أجل دحض المواقف الدونية والتحقيرية التي طالت الغناء والموسيقى الأمازيغية.
وبدون الخوض، أيضا، في تفاصيل تأسيس مجموعة “أوسمان” من طرف الجمعية ومواكبتها ماديا ومعنويا طيلة الأربع سنوات التي شكلت عمرها؛ واستطاعت أن ترقى بالأغنية الأمازيغية من المحلي والوطني إلى العالمية، فقد ارتبطت فعلا بالجذور الأمازيغية وانفتحت على الحداثة، وقدمت موسيقى جميلة وكلمة شعرية رصينة وملتزمة. لقد استحقت “أوسمان”؛ رفقة مجموعة “ناس الغيوان” و”الأخوين ميكري”؛ شرف ولوج “مسرح الأولمبيا” بباريس أثناء جولة أوروبية قادتهم إلى كل من باريس بفرنسا وإلى بلجيكا سنة 1997. لقد أحدثت قطيعة مع نمط المجموعات العصرية التي اتخذت موضة الغناء بالفرنسية والإنجليزية، وتماثلت للاستيلاب والولاء إما للشرق أو للغرب؛ وتولد لديها الاتجاه السلبي نحو كل ما هو وطني، ثقافة وفنا، وتشكلت لديها النظرة التحقيرية والدونية، بل والسخرية نحو كل ما هو أمازيغي.
فبعد السهرات التي أقيمت لأوسمان بمسرح الأولمبيا بباريس (5و6 فبراير 1977) والتي أقيمت لها ببلجيكا بمركز ليمان ببروكسيل (18 فبراير 1977)، فُتِح لها باب مسرح محمد الخامس بالرباط (19 مارس 1977)؛ ودخل ألبوهم الإذاعة المغربية وفتحت التلفزة المغربية لهم شاشتها، واهمت بهم الصحافة بمختلف منابرها وباختلاف مواقفها (إذ نعتهم بعضهم، في منبر إعلامي مهتم بالفن، ب “إحياء الظهير البربري بالغناء”). لكن تم التصريح، أيضا، بأن أغنية “تاكنداوت” نالت إعجابا في أعلى هرم السلطة آنذاك. وبهذا ينبغي الاعتراف بالدور الإيجابي الذي ساهمت به مجموعة “أوسمان” في الانتقال من الوعي التقليدي الكلاسيكي إلى الوعي العصري الحداثي للثقافة الأمازيغية خاصة في شقه الغنائي والموسيقي (ألم يُطلق على المجموعة آنذاك: “ليبيتلز المغرب” (The Beatles du Maroc)؟
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد