القناة الأمازيغية وضرورة الإنتقال إلى الإحترافية

عبد الواحد بومصر-إعلامي//
عبد الواحد بومصر-إعلامي

رغم  تخبط القناة الامازيغية  في بعض المشاكل، لكن إحداثها يعد في حد ذاته مؤشرا على تحول جوهري وهيكلي شهده الحقل الإعلامي والمجتمع المغربي عام ، مع العلم أن نجاح القناة هو نجاح و استمرار  للتعددية التي تطبع الثقافة أو الثقافات المغربية ، لأنها ستمكن من  التعريف بالعمق التاريخي للمغرب وإعطاء صورته الحقيقية  الخالية من التشويه و التزوير المروّج لهما .

  إن القناة تشكل أداة لتقوية الانسجام والتضامن بين كل  مكونات المجتمع المغربي  وتجعلها ملتحمة فيما بينه، وهي تساهم أيضا بشكل مباشر في معيرة اللغة الامازيغية ، هذا الأمر الذي تعمل كل الجهات و المؤسسات على تطبيقه، لكي نتمكن من إنشاء لغة أمازيغية  ممعيرة يستطيع الكل التواصل بها، ولو سيستغرق ذلك وقتا أطول .

 في الآونة الأخيرة دخلت عدة شركات إنتاج حديثة غمار إنتاج البرامج بالامازيغية والتي يغلب على  معظمها الهاجس التجاري أكثر من أي شيء آخر ,هذا الأمر جعل بعض الأعمال التي تبث على قناة تامازيغت تفتقد إلى الموضوعية والجودة والاحترافية، بالتالي هذا ما يطرح سؤال الكم على حساب الكيف .

هناك بعض البرامج يمكن اعتبارها إنتاجات بدون هوية ،  تعمل على تكريس دونية الثقافة الأمازيغية، وفلكلرة تراثها دون السعي إلى الرقي بهذه اللغة و الثقافة إلى المستوى اللائق بهما ،وفق المنصوص عليه في دستور المملكة .

1

   كانت كل أطياف الحركة الامازيغية فيما مضى تناضل و تحلم بأن ترى لغتها وثقافتها تبث في  الإعلام سواء السمعي أو البصري ، فقد كان إحداث القناة الأمازيغية مكسبا من المكاسب التي تم تحقيقها من طرف الحركة الأمازيغية ،  إلا أن ذلك لا يعني وجود ديمقراطية إعلامية بالمغرب إذ ما يزال التمييز ضد الأمازيغية قائما وما تزال بعض الحقوق الأمازيغية تعاني من الإقصاء والتهميش خصوصا بعد ترسيمها في دستور 2011 .

  بعد إحداثها لازالت الحركات الديمقراطية  تناضل من أجل الكتابة بالحرف الامازيغي تيفيناغ  في القناة وفي سترجة الأفلام المدبلجة ، إلا أنه في الوقت الحالي بعد استعمال تيفيناغ نلاحظ  أن هذه المسألة تعترضها عدة عراقيل ، فسيلاحظ أي مهتم بالشأن الإعلامي الامازيغي أن هناك عشوائية وتخبط واضحين فيما يخص الكتابة سواء كتابة أيام الأسبوع بالامازيغية أو الترجمة ” السترجة”  التي تكتب  أسفل الشاشة في الأفلام أو البرامج الوثائقية ، حيث نرى أخطاء فاضحة بالجملة ، وفي بعض الأحيان يتم كتابة حروف تيفيناغ دون معنى محدد ، إضافة أيضا الى عدم احترام حالة الالحاق ، الى ما  لا نهاية من الاغلاط .  هذه المسالة إذ تعتبر إجحافا في حق اللغة الامازيغية ويمكن اعتبارها أيضا ضحكا على ذقون الامازيغ ، والسؤال المطروح هنا هو ما هي الجهة المسؤولة عن هذه الأخطاء و الهفوات في كتابة تيفيناغ في الاعلام السمعي البصري ؟ ؟  هل القناة بنفسها أم شركات الانتاج؟  التي لا هم لها و لا حس نضالي لها سوى الجانب المادي لا غير .

   رغم كل هذه الأخطاء التي نراها في بعض البرامج فقط ، بالمقابل هناك برامج أخرى يتم إعدادها بشكل احترافي في جميع الجوانب ومنها كتابة تيفيناغ التي يسهر معدوها على ألا يكون هناك مجال للخطأ ، هذا ناتج عن غيرة بعض المشتغلين في الميدان على الشأن الامازيغي ، الذين يعملون وفق اجتهادات ذاتية شخصية، في غياب أي مبادرة في مجال الدراسة والتكوين .

2
يجب  على القناة الأمازيغية والقائمين عليها العمل على تجاوز كل السلبيات المتراكمة ،ذلك  لتفادي السقوط مرة أخرى في نفس الأخطاء ، سواء من الناحية التقنية أو البشرية، أو المواد والبرامج المقدمة وأن يبتعد المكلفون بتدبيرالتوظيفات عن منطق الزبونية من علاقات شخصية إلى غير ذلك ،  وضرورة التفكير في اعتماد المهنية والشفافية والعمل باحترافية أكثر ، هذا  قد  يجعل القناة تقوم بدورها  المنوط بها ، كي تستطيع أن تنافس القنوات الإعلامية الأخرى و تتمكن بذلك فرض نفسها في الساحة الاعلامية المغربية عموما .

للإشارة فهناك افواجا من خريجي الدراسات الأمازيغية من الجامعات  ، منذ إنشاء شعب مهتمة باللغة و الأدب و الثقافة الأمازيغية , فمعظم هؤلاء الخريجين يعانون اليوم من شبح البطالة  جراء تجاهل الجهات الرسمية في إعطائهم حق الأولوية في ولوج الميادين ذات الصلة بالأمازيغية , و لاسيما المجال الإعلامي الذي يعتبر ,إلى جانب التعليم ,أهم وسيلة للنهوض بأي لغة و ثقافة لتطويرها , و الشركة الوطنية للإذاعة و التلفزة الأمازيغية , لم توظف لحد اليوم و لو خريجا واحدا من شعبة الدراسات الأمازيغية , سواء في قناة الأمازيغية أو الأولى , و كذلك نفس الأمر ينطبق على القناة الثانية  و هذا ما يزكي أطروحة الإقصاء التي تنهجها مؤسسات الدولة تجاه ماهو أمازيغي , فلولا غياب أطر متخصصة في اللغة و الثقافة الأمازيغية  داخل هذه المؤسسات, ما كنا سنشاهد هذه الأخطاء و الهفوات و الركاكة في بعض  البرامج التي تنتجها هذه المؤسسات , ، لذلك فوزارة الاتصال تتحمل مسؤولية كبيرة في ذلك نظرا لعدم إرغامها هذه المؤسسات التابعة لها على توظيف متخصصين في الدراسات الأمازيغي، وبذلك يستمر العبث بكل ماهو أمازيغي .


اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

التعليقات مغلقة.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد

اكتشاف المزيد من azulpress.ma

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading