300 ألف حالة طلاق بالمغرب خلال نهاية هذه السنة..والطلاق الاتفاقي في تصاعد

ازول بريس

تشهد الأسر المغربية تحولات كبيرة تحتاج الى دراسات سوسيولوجية و سيكولوجية لفهم أسباب هذا التحول ، بعد إرتفاع حالات الطلاق من سنة إلى أخرى.

وتشير إحصائيات رسمية، أن حالات الطلاق في المغرب قد عرفت مستويات قياسية، جعلت حقوقيين ونشطاء يدقون ناقوس الخطر، بينما يُرجع خبراء هذه الظاهرة إلى عدد من الأسباب، من بينها المشاكل المادية وتراجع الثقة، وأسباب نفسية أججتها جائحة كورونا.

وكشفت الاحصائيات أن محاكم الاستئناف سجلت 20372 حالة طلاق بالمغرب خلال سنة 2020، بينما سجلت المحاكم الابتدائية 68995 قضية طلاق للشقاق فقط، فيما بلغ عدد حالات الطلاق الاتفاقي 24257 حالة، وطلاق الخلع 6611 حالة.

خبراء أكدوا أن حالات الطلاق تفاقمت بشكل كبير خلال السنة الجارية، ومن المحتمل أن تحطم الأرقام القياسية مقارنة بالسنوات الماضية، إذ حسب المعطيات المتداولة، فإن طلبات الطلاق قد تقترب في نهاية السنة من 300 ألف، في وقت لم تتجاوز 100 ألف حالة سنة 2021، وما يقارب 50 ألفا في سنة 2019.

الظاهرة يراها البعض أن مرتبطة بخلافات مادية والنزعة المزاجية وعدم اكتراث أحد الطرفين أو كلاهما للمسؤولية الأسرية، تجعل الزوجين يصلان إلى النفق المسدود، حيث إن تداعيات جائحة ” كورونا” فاقمت تلك العوامل، فضلا عن أثرها الكبير على مورد رزق العديد من الأسر المغربية.

ويرى مهتمون بالشأن الحقوقي والأسري أن بعض مظاهر الشك تخللت الأسر على خلفية ارتفاع منسوب الخيانة الزوجية التي أذكتها مواقع التواصل الاجتماعي. كما أن سهولة مسطرة الطلاق، جعلت جهود لم الشمل عبر مسطرة الصلح تبوء بالفشل في معظم الأحيان”.

– 18 سنة من مدونة الأسرة ماذا تحقق ؟؟

شكلت مدوّنة الأسرة (قانون الأسرة) قفزة نوعية في النهوض بوضعية المرأة المغربية، وبعد ما يقارب عقدين من إصدارها دعا الخطاب الملكي لعيد العرش إلى تجاوز بعض فصولها ما يعني أن مدوّنة الأسرة في المغرب تحتاج إلى مراجعة.

وأكد العاهل المغربي الملك محمد السادس في خطاب العرش أنه حرص منذ اعتلائه العرش “على النهوض بوضعية المرأة وإعطائها المكانة المستحقة”، مشيرا إلى إصدار مدوّنة الأسرة واعتماد المساواة في دستور 2011 والمناصفة كهدف للدولة، موضحا أن الأمر لا يتعلق بمنح المرأة امتيازات مجانية بل بمنحها المكانة التي تستحقها.

واعتبر الملك محمد السادس أنه “إذا كانت مدونة الأسرة شكلت قفزة إلى الأمام فإنها أصبحت غير كافية لأن التجربة كشفت وجود عدة عوائق أمام استكمال هذه المسيرة وتخوف دون تحقيقها ومن بينها عدم تطبيقها بشكل صحيح لأسباب سوسيولوجية متعددة، لاسيما أن فئة من المواطنين يعتقدون أن هذه المدونة خاصة بالنساء فيما هي تخص الأسرة كلها”.

ويرى خبراء أن مجموعة من التحولات الثقافية والاقتصادية والقيمية التي نتجت عن تأثير العولمة وتغلغل الفكر الرأسمالي الذي أزال القداسة عن كل المعايير والضوابط الاجتماعية التي كانت تعتبر مقدسة في تحديد شريك الحياة، والتي نتج عنها تفكك الضوابط والمؤسسات التقليدية وهيمنة الفردانية والأنانية على حساب المصلحة المشتركة للزوجين ، إلى جانب طرق العيش التي أضحت تعتمد على الشكل أكثر من المضمون، بالإضافة إلى غياب الوعي بالمسؤولية وطرق تدبير الاختلاف والتواصل بين الأزواج”.

– مواجهة هذه الظاهرة

و يرى مراقبون أن هناك طرق يمكن أن تقلص من تداعيات ظاهرة الطلاق، من ضمنها ضرورة تكوين وتأطير الشباب المقبل على الزواج وخلق أفكار إيجابية داخل المجتمع ومؤسسات التنشئة الاجتماعية. وكذا مواجهة الأفكار السلبية المنتشرة في مواقع التواصل الاجتماعي، ورد الاعتبار إلى المعايير التي كانت سائدة في اختيار شريك الحياة بعيدا عن المصلحة الفردية بالإضافة إلى تحديد الأدوار داخل المنزل قبل الزواج خاصة بعد خروج المرأة إلى سوق الشغل وتشبث الرجل بدوره السلطوي والمهيمن على الأسرة”.

بعض المجالس العلمية بالمغرب قامت بتحسيس المقبلين على الزواج ( نموذج المجلس العلمي بأكادير ) بعد تنظيمه دورة تكوينية لفائدة المقبلين على الزواج، وذلك بتنسيق مع المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية بالمدينة. وهي مبادرة تروم توعية الشباب بأهمية الزواج وتحصين النفس والمسؤوليات المترتبة عن الارتباط، وكيفية مواجهة المشاكل داخل الأسرة وتقوية العلاقة بين الزوجين للرقي بها وتلافي الوقوع في النزاعات المؤدية للطلاق.

كيف يتجاوز الشريك أزمة الطلاق؟

في المقابل، يطالب آخرون بتعديل مدونة الأسرة، لتتماشى مقتضياتها مع مضامين الدستور؛ فمع مرور 18 سنة على إقرار المدونة الصادرة في 3 فبراير 2004، تطالب فعاليات نسائية بإدخال تعديلات عليها، لتحقيق المساواة ووقف الحيف في حق النساء، وهو ما سيضمن استقرارا أكبر للأسر على حد تعبيرها.

مطالب التعديل هذه، قابلها وزير العدل عبد اللطيف وهبي بتشديده على أن أي تعديلات يجب أن تحترم التوافقات بين مختلف المكونات.

وأوضح المسؤول الحكومي، في معرض جوابه، أن قانون الأسرة لا يمكن تعديله إلا في إطار المسار الذي عرفه صدوره، أي التوافق بين الجهات الدينية والتشريعية والمدنية والسياسية تحت إشراف الملك محمد السادس.

– الطلاق الاتفاقي في القانون المغربي

يعتبر الطلاق الاتفاقي من أنجع الوسائل لإنهاء العلاقة الزوجية التي أتت به مدونة الأسرة المغربية بالمادة 114 التي تنص على انه : ( يمكن للزوجين أن يتفقا على مبدأ إنها العلاقة الزوجية دون شروط ،أو بشروط لاتتنافى مع أحكام هذه المدونة ،ولاتضر بمصالح الأطفال.

عند وقوع هذا الاتفاق،يقدم الطرفان أو أحدهما طلب التطليق للمحكمة مرفقا به للإذن بتوثيقه.

تحاول المحكمة الإصلاح بينهما ما امكن ،فإذا تعذر الإصلاح ،أذنت بالإشهاد على الطلاق وتوثيقه)

بموجب هذه المادة أمكن الاتفاق على الطلاق باختيار الطرفين ،مع أن الحالة التي يتفق فيها الطرفين على الطلاق بدون شروط لاتطرح اي إشكال لكن المادة 114 من مدونة الأسرة قيدت الأطراف بضرورة عدم المساس بحقوق الأطفال .

وذلك يقتضي أولا : تحديد مقدار نفقة الأبناء مع توسعة الأعياد بقدر معقول دون غبن أحد الطرفين للآخر ،وذلك باعتماد مبدأ التوسط والاعتدال مع الاستئناس بدخل الطرفين ومستواهما المعيشي .

ثانيا : تحديد تعويض عن سكن المحضون ما لم يتضح من خلال المناقشات أن الزوجة تتوافر على سكن وتتنازل عن التعويض بإرادتها الحرة.

ثالثا : تحديد حق الزيارة للأطفال وتنضيمها بين الطرفين بما في ذلك العطل المدرسية .

للزوجة كامل الصلاحية والحق في أن تتنازل عن مستحقاتها عن الطلاق دون قيد أو شرط ، شريطة أن يكون هذا التنازل صادرا بإرادتها الحرة دون إكراه أو ضغط.

الطلاق في حالة “الاتفاقي” لايعتد به إلا من تاريخ توثيقه برسم عدلي لذى العدول .

وذلك بعد صدور الحكم بالإشهاد على الاتفاق على الطلاق واستصدار شهادة بعدم الطعن بالاستئناف، بعد استنفاد أجل الاستئناف .

وإذا أغفل الطرفين توثيق الطلاق داخل أجل تحدده المحكمة لا يتعدى 15 يوما اعتبر كأن لم يكن .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد