“وايّـيـهــا” أو صرخة الأنا الإبداعية عند الفنان لعربي إمغران..

معه فيديو كليب العربي امغران

بقلم ذ. أحمد ادوخراز ..

فيديو كليب العربي امغران :

إنتاج العمل و الألبوم : محمد ايد يحيى @idyahia www.idyahia.com فكرة و إخراج : كريم جبران @KareemJabrane التوزيع الموسيقي : Redall@redallProd مدير الإنتاج : الحسين فوزي @faouzi_lahoucine مدير التصوير : حمزة بلحيداوي @Hamza.Belhidaoui مونتاج ومؤثرات بصرية : زكرياء بنهمو @benhammouzakarea تنفيذ الإنتاج : شركة فوزي فيزيون.

مقال ذ. أحمد ادوخراز :

بداية، اِغفروا هذا العبور الثقيل وتحملوا هذا التدخل الهَـرِمَ الفضفاض والثرثار.
أكيد أنني لن أكون منصفا إن حاكمت هذه التجربة بترسانة نقدية تشمل فارق السن والخلفية الثقافية التي تشابكت فيها تجارب تجمع بين رصيد التأطير الفكري والتربوي وطبيعة المقروءِ والمُشاهَـدِ وتَـشَكُّـلُ الذوق والموقفُ من الفرجة الاستعراضية التجارية….الخ. المنطق والموضوعية يُحتِّـمان بمقاييس معينة أن نقول: إن هذا العمل الإبداعي بنَـفَـسِـهِ الشبابي وبعيدا عن المحاكمات الأخلاقية فيه حِرَفية واشتغال على تحدي الإتقان والجودة ويجاري المنتوج العالمي بخطى تكشف الإصرار.
المخرج الشاب كريم جبران الذي يطور ذاته وتجربته ويرتقي بها رغم قلة الإمكانيات وتضاؤل مساحة الإبداع ظهر بمستوى مشرف يعكس تنامي خبرته، وأعطى لــ “ريبرتوار” الفنان العربي إمغران نكهة جديدة غير مألوفة في إبداعاته السابقة، وأتمنى أن تُمنح له فرصته من خلال عمل إبداعي أكبر. في هذا “الفيديو كليب” اشتغل الشاب كريم جبران بتصور محترم وبرؤية إخراجية، وليس مجرد تصوير آلي فوضوي للمناظر أو للعبث واللامعنى(غير الفلسفي طبعا). ربما قد نتجرأ مع كامل الاحترام والأخذ بعين الاعتبار الشروط الموضوعية للاشتغال، ونقول بأنه أغفل عناصر إبداعية أخرى أكثر جمالية، وابتلعه الشكل/التقنية أكثر من المضمون/الفكرة الثقافية. الفكرة(عصرنة وتطوير الموروث الثقافي والفني الأمازيغي الأصيل)جيدة ولكن التعبير عنها يحتاج إلى مزيد من الإنضاج حتى لا يتم تكرار واستنساخ نماذج مغربية سابقة(سعد لمجرد نموذجا) أو عالمية كثيرة، وحتى لا يتم الإساءة إلى رصيد تاريخي وثقافي هوياتي بوجود مشاهد تتطاول على الأصالة بشكل علني ومباشر كما هو الشأن في لقطة تضمنت سخرية إحدى الشخصيات الخيالية/الفانتازمية من آلة الرباب في وضعيتها التقليدية واعتبرتها تساوي التخلف، ولا بد من إخضاعها للعصرنة مع إيحاء لتمجيد حصيلة فعل العصرنة عبر الجهاز الآلي. نعم للعصرنة والتحديث، لكن لا للمسخ الهوياتي والتعسف الارتجالي. امتلاك الخبرة الفنية والرصيد الإبداعي المؤسَّس على المعرفة والبحث والتراكم ضروري لاقتحام تجربة التحديث، وتجربة رباب فيزيون وقبلها أماركَ فيزيون وتجربة الفنان علي فايق شاهدة على ذلك.
البناء الشعري لمحتوى كلمات الأغنية رغم قوة الأنا والذات فيها إلى حد الإيحاء الذي قد يُستشف في أحد المشاهد “وقالت نملة ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم إيمغران وجنوده” مع أن مشهد النمل يمنح إمكانية قراءة أخرى لاستلهام العمل الجماعي في خلية النمل وتوزيع الأدوار فيها لاعتماد هذه القيم في معمل إعادة إنتاج الموروث الثقافي والفني الأصيل، إضافة إلى التأكيد على حرية الاختيار، وهذا يحيلنا إلى الانقطاع الفني للفنان لعربي إمغران وغيابه عن الساحة الفنية لدرجة الحديث عن اعتزاله، فكانت العودة قوية كما تحاول الإقناعَ بذلك كلمات الأغنية والمَشاهد الحوامل لها. كان من الممكن أن يساهم البناء الشعري في منح قوة إضافية للعمل لو كانت هناك استشارة أهل الصنعة الشعرية. لا بد من التخلص من عقدة “أنا وحدي نضوي البلاد” من خلال القيام بمهام كثيرة(كاتب كلمات، ملحن، موزع موسيقي ومغني، بطل الفيلم/الكليب)، ولا بد من توزيع الأدوار، فهذا زمن التخصص.
نفس الأمر نقوله في اللحن والتوزيع الموسيقي، فالفنان إمغران في لحظات كثيرة غاب صوته أو لنقل بهُت وضعفت قوته وانعدمت نبرته التي تميزه أمام طغيان الموسيقى.
بالنسبة لمجموعة أو لنقل أسرة “بانغ بانغ فاميلي” أثبتت مرة أخرى حِرَفيَّـتها وارتقاء تجربتها والسير بخطى واثقة نحو التألق رغم أن حضورها مقارنة بعدد مقاطع ومشاهد الكليب كان نسبيا ضعيفا، وكان من الممكن أن يغطي الكثير من مساحات البياض أو بياضات الخيال أو “الفّيكسيون والفانتازي” المبالغ فيه لدرجة نحس فيها أننا نشاهد فيلما للخيال العلمي.
كل هذا لا ينقص من القيمة الفنية والإبداعية لهذا المنتوج الذي أراد منه الفنان إمغران أن يمنحه ظهورا جديدا قويا، وأن يشكل منعطفا نوعيا في مسيرته الإبداعية، كما شكل للمخرج الواعد كريم جبران تجربة تؤكد مؤهلاته لاكتساب مزيد من الثقة فيه في ميدان الإخراج، والعمل لقي وسيلقى مزيدا من الإعجاب والإقبال الجماهيري(الشبابي بالخصوص) وبشكل غير مسبوق لإبداع أمازيغي(الوصول إلى قمة “الترند” المغربي وتصدر “الطوندونس”)، ونتمنى أعمالا أخرى تتوفر لها نفس الشروط الفنية والتقنية وتحتضن قضايا لها ثقلها ووزنها وطنيا واجتماعيا وثقافيا وإنسانيا. وددت لو وجد ـ نموذجا ـ المشروع الإبداعي “إيـكَـيـدار أو إيـكَـودار” الذي يحمل رمزية غنية جدا لمجموعة شابة مناضلة “إمزالن” نفس الإمكانيات ونفس الدعم ونفس الاحتضان سواء من طرف المخرج الشاب كريم جبران أو من طرف المنتج والمسوق التجاري الشاب محمد إيديحيا لكي نرى توجها تجديديا آخر في الأغنية الأمازيغية.
أجدد اعتذاري، فهذه مجرد محاولة متطفلة غير متخصصة وغير مستوفية لكل العناصر في قراءة العمل الإبداعي “وايّـيـها”، وإسهام في النقاش الحر وإبداء الراي في إنتاج فني تضاربت حوله الآراء.
اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد