نكتة انفراد الحكومة بإعداد قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية

الكاتب مهدي مالك الذي تحدى الاعاقة من أجل ترويض الفكر بالكلمة
الكاتب مهدي مالك الذي تحدى الاعاقة من أجل ترويض الفكر بالكلمة

نحن الان في يناير 2016 اي شهور قليلة قبل نهاية ولاية الحكومة الحالية التي بذات اليوم ظاهريا على الاقل تتحدث عن نيتها اعداد القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية كمشروع استراتيجي ذو رهانات كبرى و تحديات جسام بالاعتبار ان الامازيغية بالنسبة لنا ليست لغة او ثقافة او فنون فقط بل هي مشروع مجتمعي علماني اصيل الذي تم اغتياله سنة 1956 من طرف السلطة وحركتها الوطنية المزعومة بغية تعريب البلاد والعباد البسطاء عبر التعليم والاعلام والخطاب الديني الرسمي.

إن هذه اعتبرها شخصيا مجرد نكتة مضحكة و سخيفة بحكم ان الحكومة كانت ذكية للغاية باختيارها هذا التوقيت الضيق لصياغة قانون ضخم و مصيري لتفعيل ترسيم الامازيغية لكن بشرط ان يكون هذا القانون على مقاس حزب  العدالة و التنمية الايديولوجي و على مقاس بعض اطراف المخزن العتيق بكل الموضوعية باعتبارها مازالت متشبثة بإيديولوجية الظهير البربري و المدبرة لحقلنا الديني الى حد هذه اللحظة علما ان الملك محمد السادس كان واضحا و صريحا في خطاب 9 مارس 2011 حيث رفع الامازيغية من اطار مكون اساسي للهوية الوطنية الى اطار  صلب الهوية الوطنية استجابة لمطالب حركة 20 فبراير المباركة و استجابة لمطالب الحركة الامازيغية بمختلف توجهاتها  حيث اتذكر جيدا كيف كان النقاش العمومي حول الوثيقة الدستورية حيث كان نقاش رائع بدون اية خطوط حمراء حتى تدخل حزبا العدالة و التنمية و الاستقلال في اللحظات الاخيرة لصياغة الوثيقة الدستورية النهائية لتدمير و تشويه روح خطاب 9 مارس 2011 بخصوص الاطار الجديد للأمازيغية باعتبارها صلب هويتنا الوطنية بصريح العبارة ..

و بعد الخطاب التاريخي ليوم 17 يونيو 2011  بغية شرح الخطوط العريضة للدستور الجديد آنذاك خرج الاستاذ عبد الاه بنكيران بصفته الامين العام لحزب العدالة و التنمية في لقاء  كبير لمهاجمة حروف تيفيناغ العريقة ببلادنا حيث وصفها بالصينية علما ان إيركام بالرغم من كل انتقاداتنا له غير انه اي المعهد الملكي للثقافة الامازيغية قام بمجهود عظيم حيث ادمج اللغة الامازيغية في التعليم منذ سنة 2003 بحروف تيفيناغ بعد موافقة الملك محمد السادس و اغلب الطبقة السياسية بمعنى ان حرف تيفيناغ كان موجود و معروف في سنة 2011 في التعليم و الاعلام عبر القناة الامازيغية التي كانت موجودة وقتها غير ان الاستاذ بنكيران منذ ذلك الوقت الى الان يسخر من الامازيغية و الامازيغيين حيث لعل اهانته الاخيرة لأهل سوس هي اكبر دليل على قولي هذا.

ان التيار الاسلامي المتحالف اصلا مع التيار العروبي بدا يحاول انفراد بإعداد قانون تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية على مقاسه الرجعي بغية وقف النقاش العمومي حول القضايا الكبرى ذات الاهمية القصوى مثل تاريخنا الاجتماعي و الشرعية الدينية لدى الامازيغية و مناقشة ايديولوجية الظهير البربري التي كتبت حولها كتابا منذ 2013 و راجعته عدة مرات حتى نشرته في موقع اهل القران في يوم 17 اكتوبر الماضي تحت عنوان عريض الا و هو الامازيغية و الاسلام من اجل اسقاط ايديولوجية الظهير البربري نهائيا كشعار هذه المرحلة  بامتياز حيث قررت نشره في الانترنت لعدة اسباب:

اولا عندما افتح الملك محمد السادس البرلمان اوائل اكتوبر الماضي دعا الى تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية .

ثانيا احتفال المعهد الملكي  للثقافة الامازيغية بالذكرى 14 سنة على انشائه في اكتوبر الماضي .

ثالثا اعلان حزبنا الامازيغي الجديد انه سيجتمع اجتماعا تحضيريا بمدينة مراكش يوم 7 نونبر الماضي لكنه تعرض للمنع من طرف السلطات.

ينبغي ان نكون واقعين و نعترف اخيرا ان لا يمكننا ان نحقق اي تقدم جوهري في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية الا بإسقاط هذه الايديولوجية الحقيرة نهائيا من حقلنا الديني الرسمي بالاعتبار ان الامازيغية تتوفر على الشرعية الدينية حيث انها  ثقافة اسلامية لكن في نطاقها العلماني المغربي بمعنى ان الامازيغية حسب خطاب 9 مارس 2011 اصبحت صلب الهوية المغربية لكن الحزب الاغلبي و بعض اطراف المخزن العتيق لا يريدان الاعتراف بالاطار الجديد للأمازيغية بحكم ان منذ سنة 1956 حاولت السلطة بناء شرعيتها الدينية على العروبة و الاسلام السلفي حسب التأويل الايديولوجي للسلطة و حركتها الوطنية دون اية اشارة للأمازيغية نهائيا حيث ان هذا التأويل الايديولوجي قد تعايش مع مختلف تفاصيل الدولة الحديثة التي تركتها فرنسا بعد سنة 1956 الا ان هذا الاخير قتل هويتنا الاصيلة سياسيا و دينيا و ثقافيا من خلال خلع القانون الوضعي الامازيغي و وضع في مكانه القانون الوضعي الفرنسي و تدمير البنيات السياسية و المدنية الامازيغية تحت ذريعة انها عادات جاهلية و مسخ الوعي  لدى نخبتنا الدينية و خصوصا في منطقة سوس تجاه الامازيغية منذ الاستقلال الى الان و جعل هويتنا الاصلية شيطان لعين في وعينا الوطني و الديني …

انني  شرحت هذه النقط بالتفصيل في كتابي الجديد بالقول ان العاقل سيقول كان من المفروض على المغرب بعد حصوله على الاستقلال ان يطبق الشريعة الاسلامية بحكم ان ملكها يسمى بأمير المؤمنين و بحكم ان الحركة الوطنية حسب زعمها حاربت الاستعمار المسيحي و حاربت الجاهلية أي الامازيغية في قاموسها  الدائم منذ سنة 1930 الى حدود الان من خلال استحضار اكذوبة الظهير البربري عبر وسائل الاعلام المختلفة عندما تحل ذكرى وفاة الملك محمد الخامس في يوم 10 رمضان او عندما تحل هذه المناسبة التاريخية أي ذكرى صدور ظهير 16 ماي الوطني  خصوصا في بعض المواقع الالكترونية و بعض الجرائد الناطقة باسم الاسلاميين .

لكن الواقع يقول ان المغرب لم يطبق الشريعة نهائيا في الحياة العامة منذ الاستقلال و انما طبق قوانين وضعية من فرنسا الكافرة حسب منظور ما يسمى بالحركة الوطنية ذات المرجعية السلفية و العروبية .

قلت في كتابي الجديد كذلك ان المقاس الايديولوجي للمخزن التقليدي و لحركته الوطنية  بعد الاستقلال سمح ببقاء ثانوية في مدينة الدار البيضاء تحمل اسم المقيم العام الاول للاستعمار الفرنسي ليوطي و سمح لوجود الصحافة الناطقة بالفرنسية و سمح ببث الاخبار باللغة الفرنسية داخل التلفزيون المغربي حيث وجدت التلفزة المغربية منذ اواخر الثمانينات  تبث الاخبار بالفرنسية و الرسوم المتحركة بالفرنسية و المسلسلات البرازيلية المترجمة الى الفرنسية و سمح في سنة 1989 بتاسيس قناة تلفزيونية لنشر المنظور الحداثي للدولة آنذاك والقائم على تشجيع الفرنسية لغة و ثقافة و تشجيع التعريب الهوياتي لجزء كبير من المغاربة خصوصا في المدن الكبرى بحكم ان البث التلفزي الارضي كان ضعيف للغاية خصوصا في البوادي حتى عرف الناس هناك البث الفضائي عبر الصحون .

إذن اعتقد ان من الغباء الفكري ان ننتظر المعجزة من هذه الحكومة بمختلف مكوناتها الحزبية حيث حتى حزب الحركة الشعبية الذي اعتبره شخصيا حزب بدائي بالنسبة للأمازيغية الان باعتباره يقارن بين تسييس القضية الامازيغية و تيارات الاسلام السياسي كأن الفكر السياسي الامازيغي يدعو الى تكفير الناس في العالم  باسره والى تطبيق الشريعة كما هي بدون اي تجديد بينما القانون الوضعي الامازيغي يمكنه ان يتجدد وفق ظروف الزمان و المكان حيث ان هذه المقارنة السخيفة تبين ان حزب الحركة الشعبية فاته القطار منذ تبني الحركة الامازيغية المطلب العلماني علانية سنة 2003 حيث اتذكر في سنة 2011 صرحت قيادات هذا الحزب للقناة الثانية ان ظهير 16 ماي 1930 وقعه سلطان المغرب فقط و لكم حرية التعليق.

المهدي مالك

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد