من ليبيا : لا لعودة العسكر والديكتاتورية  ولا للإسلام السياسي ولا للتدخلات الأجنبية أيآ كانت

إن حكم القذافي الهمجي المفرط في الديكتاتورية الشخصية لم يتح أي فرصة لتكوين أي هيكلية سياسية قادرة على قيادة ليبيا بعد إنتهاء حكمه، كانت ليبيا خالية من آي تنظيم سياسي ذو ملامح ديمقراطية حديثة ولم يمن هناك حتى تنظيمات نقابية وكانت البلا تعج بما كان يسمى اللجان الثورية واللجان الإنتقامية التي كانت تسمى لجان التطهير والتابعين من اللجان الشعبية والتي كانت تخدم كلمة “القائد المعلم”.هذا كله إستمر لمدة إثنان وأربعون عام غيب فيها الليبيون عنم يجري حولهم في هذا العالم…

وعندما قامت إنتفاضة 17 فبراير ونادت بالديمقراطية والحريّة لم تكن هناك قيادة ثورية تواكب هذه الإنتفاضة لتقودها لتكون ثورة حقيقية ولتسير بها لما كانت تنوي الوصول الجماهير المنتفضة.

وتربص بها الإتجاه الإسلامي (الإسلام السياسي) الذي أصر على إقحام الدين في الدولة التي ستأتي بعد دحر القذافي،وكانت لهم جولات وصولات إبتداء من السيطرة على قيادة المجلس الوطني الإنتقالي بقيادة

السيد مصطفى عبدالجليل والذي صرح وبدون أي مبرر موضوعي أن الدولة ستتبنى الإسلام “الوسطي”.ولحق هذا السيناريو الذي هز نتيجة الإنتخابات التي كان الليبيون يريدون فيها المؤتمر الوطني (الپرلمان)  أن يكون پرلمانيآ ديمقراطيآ ولكن الإسلاميين أرادوا فرض رأيهم وتمت أ”أسلمة”الپرلمان وإستغلوا بعضآ من الإنتهازين الناجحين في وبالذات الذين لم يكن لديهم أي وعي أو إتجاه سياسي وإستعملت أصواتهم  للحصول على الأغلبية لتمرير مشاريع الإسلام السياسي وكمثال لا الحصر مشروع “العزل السياسي”.

كان هناك بعض من بقايا نظام القذافي الذين تسلقوا موجة إنتفاضة 17 فبراير ليتولوا عجلة القيادة في أماكن مختلفة  وكانت أطماعهم التي  تنحصر في الحصول على أكبر قدر من المكاسب المالية، هي التي تسيرهم سواء أيام الإنتفاضة أو فيما بعدها.

وكان هناك أيضآ من كان من المعارضين للقذافي (الذين كانوا مقيمين في الخارج) ولكنهم جائوا تحت سيطرة واعز الكسب وإستغلال الإنتفاضة للحصول على مكتسبات شخصية وبالدرجة الأولى مالية وتحقيق مصالحهم الخاصة.

وبالطبع لا يمكن نسيان ما كانت تخطط له المخابرات الأجنبية من أمريكية وأوروپية والتي إستخدمت ما يسمى بدول “عربية” وبالذات مصر ودوّل الخليج بالجزيرة العربية وبعض من هذه “القيادات”

مضافآ إلى هذا جماعات القذافي وعلى رأسهم “أحمد قذاف الدم” المقيم في مصر وله حماية مصرية..!!! هذه الجماعات التي لها إحتياطي كبير من الأموال التي نهبت من ليبيا أيام القذافي؛هذه الجماعات التي كانت وما زالت تريد العودة لحكم ليبيا.

أما بالنسبة للمثقفين وأصحاب الفكر،كانوا نتيجة لقهر القذافي ورميهم في السجون وإتهامه لهم بالعمالة والخيانة وكذلك عدم معايشتها ومن تم معرفتهم بالعمل السياسي وبالذات العلني والمفتوح ،فلم تكن لهم أرضية شعبية يستندون إليها وكثيرآ ما نشبت بينهم حتى الخلافات في عام 2012 ولم يتفقوا في إيجاد صيغة آنية أو برنامج عمل  للوصول إلى خلق ملتقى للعمل السياسي لكسب الليبين لمواجهة تيار الإسلام السياسي المتزايد والممول من الخارج ولم تكن لهم أيضآ إمكانية  كشف وطرح برنامج المواجهة مع التيار العسكري المغطى بالروح “الوطنية” والمتنامي والذي كان هو أيضآ ممولآ ومدعومآ من الخارج…

في هذه المعطيات فشلت الحكومات المتعاقبة من القيام بتحقيق أي هدف من تلك الأهداف التي كانت تصبو لها إنتفاضة فبراير وذلك بسبب العجينة الغريبة التي تشكل منها (الپرلمان) ؛وبعد فشل الإسلام السياسي أيضآ في تحقيق مبتغاه وبالذات مع تأييد دولة قطر وتركيا له،إلتفتت دول الخليج بالجزيرة العربية ودولة مصر إلى الدفع بالإتجاه العسكري محاولة الوصول به إلى السيطرة ولا شك أن هذا كان بتوجيه من بعض الدول الكبرى التي لديها الكثير من الإمكانات محاولة تزويدها بها لتحقيق هذا الغرض.

أختير العقيد المتقاعد الذي تمت هزيمته في عام 1988 عندما كان يقود جيش القذافي الذي كان يغزو التشاد الجار الجنوبي لليبيا؛وكان إختياره في بعد ظهور نتائج الإنتخابات التي إختار فيها الليبيون پرلمان رسمي في عام 2014, وبهذا الإختيار المشؤوم دخلت ليبيا الدهليز المظلم الذي أودى بها إلى الحرب الأهلية.أعلن حفتر تشكيل ما يسمى “الكرامة” والجيش “العربي” وإيقاف العمل بالدستور المؤقت وعدم إعترافه بالحكومة.

قامت الميليشيات والإسلاميين بحرق مطار طرابلس.

إدعى العقيد حفتر بعد أن نصب نفسه (مشيرآ) في عصاباته التي سماها الجيش “العربي” والذي تناسى فيه أن ليبيا هي دولة متوسطية مغاربية وليست عربية،ولكن سادته الخليجين بالجزيرة العربية ودولة مصر هم من أوحوا إليه بهذه التسمية.

أقول دخلت ليبيا دهليز الحرب الأهلية لتصبح مسرحآ لمعارك لقوى أجنبية  والمتمثلة في فأطماع ديكتاتور مصر في محاولة لحل  مشاكله الداخلية في بلاده من ديون متراكمة وبطالة متزايدة  وفقر وفي محاولة منه للحصول على جزء من الشرق الليبي وثرواته المعدنية المختلفة، وكذلك دوّل الخليج التي تنوي تحقيق أحلامها في السيطرة  على شواطئ البحر المتوسط الجنوبية والتي تطل بها ليبيا على بألفي كيلومتر على هذا البحر ،وكذلك ما هو مازال يدغدغ أحلام بقايا القذافي ولجانه المختلفة تم التحالف مع حفتر المتعطش إلى حكم ليبيا وفي محاولة منه لإزالة الهزيمة التي لحقت به في التشاد،فكانت هذه الحرب التي إستمرت زهاء الأربع سنوات  دمر فيها مدينتي بنغازي ودرنة وهاهو الآن مازال  يسعى لتدمير طرابلس بعد تسعة أشهر ،ليصل إلى الحكم ولو على جماجم الليبيين.

أما بالنسبة للميليشيات في طرابلس الغرب فإرتبط بعضها  مع حكومة الوفاق….

إستغلت تركيا وبالذات حزب العدالة والتنمية بقيادة السيد “أردوغان”هذه الظروف السيئة لتحقيق هدفها وحلمها ألا وهو إعادة دولة “الخلافة” العثمانية والتي إستعمرت ليبيا أكثر من أربعمأة عام أذاقتها فيها جميع أصناف التخلف الإجتماعي والثقافي والسياسي والإقتصادي فقامت بمساندة حكومة الوفاق لتحقيق مثل هذا الحلم…

وكان حفتر يقوم بإفساد كل المحاولات التي كان من الممكن أن يصل فيها قادة القتال إلى حل يتفقوا فيه وكان آخر ماقام به في هذا الشأن إفساده الإجتماع الذي كان سيعقد يوم 15.04.19 وقام بغزو طرابلس مدعيآ فتحها….ولكنه فشل في الدخول إلى طرابلس.وبداء في غاراته العشوائية مستخدمآ الطيران الإماراتي والخبرات العسكرية المصرية والفرنسية في الشؤن اللوجيستية ودافعآ بجنود روس من شركة “ڤاقنر” وكذلك ميليشيات من التشاد والسودان في معارك المواجهة اليومية….

قامت حكومة الوفاق بتوقيع إتفاقية أمنية مع تركيا لترد بها على هجوم حفتر.أما الأمم المتحدة وبالذات رئيس بعثتها السيد “”غسان سلامة” والدول الكبرى صاحبة القرار في تسيير العالم فيه الآن مازالت متفرجة ومترددة في إدانة أي طرف في هذه الحرب التي يحترق وقودها الليبين يوميآ كالغارات على مطار طرابلس  وكان آخر هذه  الغارات ما تم ليلة البارحة الذي تم فيه قتل ثلاثين طالب في الكلية العسكرية في طرابلس..والعالم مازال متفرجآ

محمد شنيب // طرابلس  5 يناير 2020

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد