” منتخب مراكش”  على لسان الصحافة الإيرانية.

 رشيد بولعود. //
ما كنت سأتحدث عن موضوع الكرة والرياضة ومنتخب المغرب وجمهوره ومديعيه وإعلامييه وصحافييه  في القنوات التلفزيونية وما يصاحبها من كثرة الأحاديث في المقاهي والشوارع  والمنازل والبيوت والأسواق… ، لولا أن  الصحافة الإيرانية  كسرت الروتين الإعلامي على  خلفية قرعة منتخبات كأس العالم الذي سينظم بروسيا 2018م  وإستعملت فيه مصطلح  ” منتخب مراكش ”  الذي سيواجه منتخب إيران ولفظة مراكش هنا ليس كما يعرفها المغاربة اليوم من جامع الفنا والحلايقية وعيساوة والمسيح  ( موراكش Morocos، Maroc ، أرض الله )  بل هو الإسم القديم للمغرب والذي يمتد حتى بلاد شنكيط  ، والقليل منا يدري أن الفرس(إيران) من الشعوب التي ترفض إلحاق المغرب بالدول العربية وإقحامه في صراعات أقطاب الشرق الأوسط التي بدأت منذ عهد قديم وهنالك من يربط أصولها بنزاع البكريين (تشيعو لأبي بكر) و العلويون  (تشيعو لعلي بن أبي طالب) وهو التفسير الأقرب لفهم المستوى السياسي الأول  من صراعات ونزاعات الشرق الأوسط وماهية الخليج هل هو فارسي أم عربي.
ومن الصدف أن توظيف مصطلح “منتخب مراكش”   تزامن مع ما طرحته السعودية وحلفائها كون الشيعة لهم إمتداد ب ” المغرب العربي الكبير ” في القمة الأخيرة لجامعة الدول العربية المنعقد بالقاهرة نونبر  2017م ، ومن الصدف كذلك أن تكون القاهرة أول مدينة سياسية قال فيها مهندس جامعة الدول العربية  شكيب أرسلان  ” الطائفة البربرية ” بعد ظهير ماي 1930م ودعى إلى محاربتها وهي نفس المدينة التي سيقول فيها علال الفاسي مقولته السياسية الشهيرة في سياق سقوط فرنسا أمام عسكر النازية الألمان 1940م ” أيها الإخوان إن جلاء الفرنسيين وشيك، مشكلتنا مع البربر فكيف إجلائهم ” و هي بداية الإعلان السياسي الرسمي للقوميين المغاربة الحرب على الأمازيغ وقد إتحظت معالم هذه الحرب السياسية منذ  تشكيل الدولة العصرية التي تحفظت إيران (الفرس) لغاية اليوم أن تسميها ” المغرب ”  كي تفهموا أن  مواقف حكومات المغرب المتعاقبة  لها مهندسون وإختصاصيون في قضايا الشرق الأوسط السياسية والدينية، لكن ما يهمنا هنا هو الأبعاد والدلالات السياسية لإحتفاظهم بلفظة مراكش كإسم قديم لبلاد المغرب الذي نعرفه اليوم والذي تسوق له الدعاية السياسية المخزنية وهو المغرب الذي رسم له الفرنسيون حدوده السياسية إبتداءًا من مؤتمر الجزيرة الخضراء  1906م وحوله إشتهر السلاويون العزيزيون(نسبة إلى المولى ع،العزيز )  والفاسيون كموقف لهم منه بتعويدة دينية شهيرة بالمساجد ” الخير فيما إختاره جناب السلطان ” وللإشارة هذه السلالتين السياسيتين هي من تتعاقب على الإدارة السياسية للمغرب منذ حكومة البكاي بن مبارك 1956م إلى اليوم.
ولابد أن نذكر كون قبل هذه الفترة لم تظهر الحركة الإسلامية بالمغرب والجزائر وتونس وليبيا  كي تتخذها السعودية كأداة وللدعاية الدين السياسي السني  ضد الدين الشيعي الذي له إمتداد إجتماعي بالمغرب منذ عهد الفاطميون (الدولة الفاطمية)  والمذاهب الأخرى كالبورغواطيون(تامسنا ) والصوفيون والأباضيون(الأباضية) لتفهموا الحرب على إغرداين (غرداية) العام الماضي بالجزائر  2016م وهي المناسبة التي تتزامن مع عيد المولد النبوي 2017م ويمكنكم الإطلاع على الثرات الديني وزيارة المواسم والأضرحة والسادات والصلحاء والزوايا كالدلائيين والناصريين والبودشيشيين والتجانيين والجزوليين والدرقاويين…  وإحتفال المغاربة بعاشوراء وحكايات الأجداد للأحفاذ حول  بومحند(أنسي،القنفذ، السنة ) وعلي (أوشن، الذئب، الشيعة ) … وهنا ندعوا عموم الناس  إلى زيارتهم كي تفهموا الغاية السياسية من الدعم المالي للإسلام الخليج(السعودية)  للجمعيات الخيرية الإسلامية (التوحيد والإصلاح،العدل والإحسان ) بالمغرب كالتي وقفت وراء سقوط 15 من نساء بوعلام  (الصويرة) الفقيرات و اللواتي لم يسعفهن الحظ في فهم السوق الدينية بالمغرب التي لها أسعار و تجار  وسماسرة قبل أن يكون المواطنون زبناء ومواليين ، وهو ما سيدفعنا   أن نطرح إشكالية في فهم بعض التوافقات السياسية لإسلام إمارة المؤمنين  وإسلام الحركة الإسلامية المغربية التي قد نحصرها في إذا  كان المخزن الديني يشدد الخناق على الإسلاميين الدعويين وحتى السياسيين منهم في غالبية المستويات السياسية والثقافية والأمنية لماذا إذن ترك الحركة الإسلامية تشتغل  في المستوى الإجتماعي الخيري و الإحساني ولما لم ينافسهم فيه ؟
كما تجدر الإشارة إلى كون الأغلبية الساحقة للمغاربة لا يفهم الغاية من قطع العلاقات السياسية مع إيران وإقحام المغرب في حرب الحوثيين باليمن وقضايا أخرى  ، كما سنشير  أن الكثير  لا يفهم  إسلام المالكية الذي ينسب المخزن الديني نفسه إليه ويحاول إلحاقهم به ولا إسلام الحركة الإسلامية التي يفرض بعض المنتسبين إليها أبنائهم  بالقنيطرة  (السي الطيبي) وسلا والدار البيضاء وفاس قول ” أبتي ”  بدل ” بابا ” ونماذج أخرى كثيرة ، وهنا ندعوا السوسيولوجيين والأنثروبولوجيين إلى دراسة ميدانية للحقل الديني بالمواسم والزوايا والأضرحة  لفهم المعطيات الإجتماعية والمتغيرات التي لحقتها منذ 1956م وتشكيل وزارة الأوقاف وظهور الحركة الإسلامية ،نعتقد أن ذلك ضروري كي يفهم الناس أن دين المغاربة ما هو خليجي وما هو مالكي(دين الدولة) ولا هو إخواني  (الحركة الإسلامية ) ولا يستند إلى أي أحد من هذه الأقطاب بل يختزن معطيات تجعل المغاربة تماما يختلفون عن المشرق وهو الغاية من توظيف لفظة ” منتخب مراكش ” ونتمنى أن يبقى كذلك ويدعوا له المغاربة في صلاواتهم وأحاديثهم وأذكارهم الدينية.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد