مسيرة عيد الأضحى بالدار البيضاء

أحمد الدغيرني//index

وقعت مسيرة شعبية بالدار البيضاء يوم 18 شتنبر 2016 تنكرت لها الادارة المخزنية ،وأحزابها، ونقاباتها لانها حسب أقوالها لا تعرف من قام بها، وهناك من اعتبرها مؤامرة ،وهناك من اعتبرها غير محسوبة العواقب، وهناك من أشبعها قذفا وسبا واعتبرها لقيطة وخطيرة، وهناك من سكت عنها لانه اما لم يتابع أحداثها، او لم يستطع الكلام في موضوع مخيف ومحرج له، وتعددت المواقف والتأويلات، وهناك من تابعها باهتمام وصور من فوق السطوح وبالشوارع جميع جمهورها، وهناك من حرر بشأنها تقارير علنية او سرية للغاية، وهناك جهات مضللة تنشر في صفوف المشاركين في تلك المسيرة بأنها نظمت من اجل محاربة الاٍرهاب،او من اجل محاربة الإسلاميين المتحزبين ….

وظهر من الضروري ان يدرس الناس العاديون والمثقفون الديموقراطيون هذه المسيرة التي نبدأ الكلام عنها بتبيان خصائصها التي منها:

-انها شعبية، قام بها نساء ورجال من الشباب وغيرهم، ينتمون من الناحية الاجتماعية الى الشعب الفقير البسيط قدم من البوادي والمدن، ونعني بالشعبية غياب النخب التي تطبخ السياسة ظاهريا بالمغرب وتستثمرها وتربح منها الأموال والمناصب والنفوذ، كما نعني بالشعبية انها كثيرة العدد، ومثيرة لوسائل الاعلام بالداخل والخارج وشارك فيها البدو القادمون من مختلف الأقاليم …..

-انها وقعت في عيد الأضحى مما يخولنا اقتراح تسميتها في التاريخ السياسي “مسيرة عيد الأضحى، عيد اللحم Tafaska كما يعرف لدى بعض الامازيغ بالمغرب، وهو عيد هيجان الفقراء بسبب سفك الكثير من دماء الحيوانات، وكثرة دخان الشحم وحرق شعر البهائم، واضطرار الأسر الفقيرة الى شراء حيوانات لايمتلكون ثمنها، ومنها مانقلته الصحافة الالكترونية عن امرأة فقيرة هائجة تقول “عاش زروال لانه اشترى لي أضحية العيد” فهي لم تقل عاش اي حاكم او او زعيم او مرشح حزبي، انها امرأة مجهولة تحيي زروال المجهول كذلك

-انها متنوعة الشعارات والمطالب مابين الأغراض الشخصية للمشاركين في المسيرة مثل الذين نفذوا أوامر “المقدم” من مدينة بني ملال او من منطقة الخميسات لانه طلب منهم السفر الى الدار البيضاء واستجابوا له ليقضي لهم اغراضهم الشخصية مثل التستر على البناء العشوائي، وتسهيل الحصول على بعض الأغراض الإدارية،او الذين تقاضوا بعض المال الذي يحتاجون اليه في العيد ….. او الذين قاموا برحلة وزيارة للدار البيضاء لاهداف السياحة …. وشمل التنوع حمل صور ضحايا القمع مثل عمر بنجلون، والمناداة برحيل بنكران من الحكومة، اي الشعارات ذات الطبيعة السياسية، مثل ترديد كلمة :”ارحل” الراسخة في مظاهرات الجمهور منذ 20 فبراير 2011

-انها نظمت بعد ساعات معدودة من فتح باب الترشيح لانتخابات 7 اكتوبر 2016 مما يؤكد ان لها علاقة بالترشيح لهذه الانتخابات

-انها مسيرة نظمت في مدينة الدار البيضاء، بدلا من الرباط الذي عرف هذا العام المسيرة المخزنية ضد بان كيمون الأمين العام للأمم المتحدة، ولم تكن الدار البيضاء موقعا مفضلا لتنظيم المسيرات المخزنية باستثناء احدى المسيرات المليونية التي نظمتها ضد حزب إسباني يوم 28 نونبر 2010 والتي تغنى فيها المخزنيون بأنهم ساقوا ثلاثة ملايين من الشعب المغربي، وتحكموا فيه بصفة نهائية، مما يؤكد خاصة ان بعض اللوبيات الانتخابية بالعاصمة الاقتصادية مستاءة من توقعات فوز بعض المرشحين المحسوبين على الحركة الاسلامية التي تهدد بالسيطرة على مقاعد البرلمان في تلك المدينة

وبعد ذكر بعض الخصائص يمكن الانتقال الى عمق هذه المسيرة لنقول بأنها :

وقعت من طرف جمهور يحضر عادة عندما تسوقه السلطات الحاكمة بالقوة والأوامر، ولكنه جمهور يشبه مسيرات حركة 20 فبراير 2011، والمهم منه انه جمهور موجود وحاضر، يتكون من الأميين والفقراء، والمرضى عقليا، والمشردين، والسكارى والمخدرين، والعاطلين، ويمكن ان يكون بينه مناضلون شرفاء يغتنمون الفرصة لممارسة الاحتجاج ضد سياسة السلطة، وهو جمهور يمكن ان ينزل الى الشوارع من اجل الخير والشر حسب الأحوال، ويمكن ان يخرج من تلقاء نفسه لارتكاب الجرائم،او لأداء الطقوس الدينية، ويمكن ان يخرج بدوافع سلطوية، اوبدوافع القهر والجوع والبطالة، والذين يقولون بانه مجهول ولايعرفونه نعطيهم أمثلة بأنهم لم يكونوا يعرفون الجمهور الذي نظم مخيم أكديم ازيك في 10/10/2010، ولا عرفوا الجمهور الذي يسمى حركة 20 فبراير سنة 2011 وليس هذه الحركة بد ذلك العام، ولوا عرفوها لعرقلوها ونسفوها ولن تظهر في الشوارع

 

من المهم إذن ان يبرز وجود هذا النوع من الجمهور في عمليات التظاهر بالشوارع ليتعلم الاحتجاج، ويتعلم ممارسة السياسة العلنية، ويفضح الاحزاب السياسية التي تمولها السلطة، ويفضح المقدمين والشيوخ الذين كذبوا عليه، ويفضح الاحزاب التي تدعي انها تمثله

ومن النتائج الإيجابية ان الاحزاب والحكومة تجاوزتها هذه المسيرة ولو ظاهريا، واضطرتها الى الاعتراف صراحة بان هناك جمهور لاتعرف ولاتتوقع ما يمكن ان يقوم به اما لانه يساق كالبهائم الى الشوارع بسرعة، وإما لانه يستطيع ان يتحرك بسرعة تتجاوز قدرة المخزن على المنع، لان وزارة الداخلية لم تستطع على عادتها إرسال قواتها الى شوارع الدار البيضاء لتفرق المسيرة، فهي تعترف انها لا تعرف من قام بها وتركتها تمر ضد قانون الحريات العامة الذي يفرض التصريح بالمسيرات لدى السلطات المحلية، ولم تقل وزارة الداخلية بان المسيرة غير قانونية وإنما لاتعرف من قام بها ….. والفاهم يفهم كما تقول الدارجة المغربية

وقد قلت مرات عديدة بان الاحزاب المخزنية والنقابات المتواجدة حاليا لاتكفي لاستيعاب عناصر الشعب وفآته وطبقاته، وهو ماجعلنا نحاول تجديد الحزبية، والعمل على تطوير التنظيمات الحزبية والنقابية لتتوسع القواعد المنظمة لتلافي مخاطر المفاجاة التي تحدثها الجماهير التي تظن السلطة انها تابعة لها وتتحكم فيها.

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد