ماستر كلاص فيدادوك باكادير: كيف تكتب فيلما وثائقيا ؟

//محمد بنعزيز//

ضمن فعاليات الدورة السادسة للمهرجان الوثائقي بآكادير والتي تجري بين 28 أبريل و4 ماي 2014، احتضنت قاعة إبراهيم راضي بالقصر البلدي ماستر كلاس عن كتابة الفيلم الوثائقي. ماستر كلاس من تقديم رشا السلطي وهي من أصل فلسطييني تعمل مبرمجة لمهرجان تورينتو الدولي بكندا. وقد كانت سابقا مديرة فنية ومنسقة برمجة لمهرجان أرت إيست بنيويورك.

بدأت رشا السلطي حديثها بالتعليق على الأفلام التي عرضت وكشفت عن تتبعها للمخرجين الفلسطينيين جمال خلايل ومهدي فليفل. تحدثت عن جهودهما لتقديم وجهة نظر شخصية في أفلامهما. واعترفتْ بغزارة الأفلام الوثائقية عن الفلسطينيين، وقد ميزت في منهج الكتابة الوثائقية من جهة أولى بين من تخرجوا من مدارس السينما وهم يحرصون على كتابة أفلامهم قبل تصويرها، وبين عشاق السينما العصاميين الذين تتوفر لهم فكرة ويشرعون في التصوير من جهة ثانية.

وقد فتحت السلطي حوارا مع مهدي فليفل مخرج فيلم “عالم ليس لنا” الذي توج في الدورة السابقة من المهرجان. قال إنه يوجد إحساس وفكرة سائدة مفادها أنه عندما تكون فلسطينيا يكون لديك ما تحكيه. ردا على ذلك قال فليفل إن اللجوء يساعد. بل وتحدث عن اللجوء كمصدر إلهام. ذكر بالعالم الكافكاوي في مخيم “عين الحلوة” في لبنان. هناك يقطن سكان استيقظوا ليجدوا أنفسهم مطرودين دون أن يوجد شرطي يشتكون إليه ما حصل لهم.

فبالنسبة لمهدي فليفل كلاجئ تسمح له المسافة بإلقاء نظرة من بعيد. اللجوء قد يكون فخا وقد يكون محرّضا على الإبداع. ونفى أن يكون في ذلك أي شعور بوضع الضحية بالنسبة له. والسبب  حسب قوله “لم أختر أن أكون لاجئا”.

وقد حاورت السلطي جمال خلايل وهو مخرج الفيلم الوثائقي “شو قصتك؟” رفقة بولين كربوني. قال خلايل (من فلسطيني 48) إنه لم يرغب في تصوير أفلام عن الفلسطينيين. لأن هناك مآت الأفلام الوثائقية عن مخيمات اللاجئين. في كثير منها نظرة بكائية بينما هو يريد تجاوز تكرار نظرة الضحية. ولم يرد كذلك تصوير إسرائيليين من اليسار يتكرمون بمناصرة حقه في الوجود. يريد تقديم شيء مختلف. لذلك صور متشددين يمينيين ينكرون وجوده، صور الأشرار غير المتسامحين. صورهم يدافعون عن تصوراتهم المناهضة للحق الفلسطيني. لذا فإن فيلم “شو قصتك؟” فيلم سياسي، يقوم فيه المخرج، ومن خلال أسئلته المستفزة والعميقة بتفكيك الرواية الصهيونية…

في مداخلة لي سألتُ جمال خلايل عن مراحل وصعوبات كتابة السيناريو، فاعترف بصعوبة كتابة الوثائقي وأن ذلك يستغرق وقتا طويلا. لكن نصح بمراحل هي:

–        تسجيل المواضيع التي يعتبرها مهمة وساحرة بالنسبة له.

–                 كتابة سينوبسيس.

–                 القيام ببحث وتوثيق حول الموضوع المختار.

–                 القيام باستنطاق التجربة الشخصية لإيجاد صلة بينها وبين الموضوع المختار. فالتجارب الشخصية تضيء.

–                 القيام ببحث بالكاميرا. أي تصوير مادة الموضوع وتحْضُر هنا الكثير من الصدفة.

–                 مشاهدة ما تم تصويره للاشتغال على الفكرة الأولية وتحسينها. هنا يتم الانتقال من الصدفة للانتقاء. وهذا يأخذ وقتا كثيرا.

–                 وهذا خلاف نهج مدارس السينما حيث يكتب المخرجون السيناريو أولا.

تدخل المهدي فليفل وأضاف: لا تكتب منذ البداية، ابحث عما يستهويك. يسحرك. بعد التصوير ومشاهدة المادة يبدأ الخيال في إعادة كتابة. عادة تبدأ الكتابة في مرحلة المونتاج. وعندما يكون هناك في فيلمك صوت خارجي (voix off) يجب تدقيق الكتابة.

انتهى ماستر كلاص في جو ثقافي راقي. وجلست أحرّر تغطيتي. وقد لاحظت من خلال الأفلام التي عرضت لحد الآن تفاوتا في المستوى. سجلت في بعض الأفلام استسهالا للوثائقي. من خلال تدخلات المخرجين يتضح ان هناك جرعة زائدة من الصدفة. وهذا ما يجعل الكثير من الأفلام الوثائقية تشبه روبورطاجات كفيلم فلسطيني بعنوان “أبي ما زال شيوعيا، أسرار حميمية للجميع”. وهو عبارة عن فيلم فوتوشوب لصور العائلة غرضه كشف ما سماه المخرج أحمد غصين “الحميمي”. وبما أنه عمومي فهو مضجر.

في المهرجان هناك حضور كبير لأفلام كثيرة من الشرق الأوسط، من اللبنانيين والفلسطينيين، فلسطينيو المخيمات والشتات… كانت النكبة هي منطق سرديات الفلسطينيين. في أفلامهم الكثير من صور الجدار العازل. وبهذه الأفلام تستعيد فلسطين موقعها في المشهد بعد ثلاث سنوات من التواري… أفلام بدون حقد ويأس بل  أفلام تفاجئ بطاقة الأمل الكامنة فيها.

وللتأكيد على الحس النضالي صُوّرت الكثير من الافلام بمبادرة شخصية. يكاد التصوير يكون تضحية من جيب المخرج… وهذه مغامرات تثمر فنا، إذ يسمح التمويل الذاتي بحس تجريبي وبالتعبير عن رؤية ذاتية.

في المغرب وبسبب انتظار الدعم أصيب الكثير من المخرجين بالشلل الفني. ينتظرون الدعم ليصوروا.

تكاد التضحية وهي جوهر الابداع تنقرض. كل مخرج يرفع شعارا أنانيا “لم يعطوني دعما إذن لن أصور”. حتى الذين حصلوا على الدعم مرات عدة لا يغامرون حتى ب 20 ألف درهم لتصوير وثائقي على حسابهم… لو فعلوا لجاء الدعم. فهناك صناديق كثيرة خارج المغرب تدعم مشاريع الوثائقي. أعتقد أن المخرجين الموسميين الذين لا يصورون لسنوات ليست مشكلتهم نقود فقط. يبدو أن مشكلتهم أعمق.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد