مارْشِـي غِـيتْ

numérisation0353توجس “صالح الدحا” عامل إقليم سيدي إفني خيفة من الحشد الذي حج إلى مصلى لابياسون صبيحة يوم عيد الفطر، وهو يتوقع أن تنقلب السنة المؤكدة إلى ثورة مؤكدة قد تقلب الهدوء الإفناوي المخاتل 360 درجة، جراء التعميم الواسع لمارشي وزارة الداخلية الرامي إلى تأثيث إقامة العامل بمبلغ فلكي وصل إلى 360 مليون سنتيم.

       بيد أن ثورة لم تقم، ولم يَشِ الصباح الرمادي الإفناوي بأية مقدمات قد تزلزل الدنيا من تحت أقدام العامل والمنتخبين الذين حفوا الوفد العاملي، في إشارة دالة على اللحمة المخزنية التي لا انفصام لها. وازداد المشهد جنائزية بإقحام طالْب الجامع في الوفد العاملي، حتى يصمن السيد العامل عدم انفراط السبحة المخزنية ويحصل ما لا تحمد عقباه. ولأمر ما عرَّج الطَّالْب على نبي الله صالح في معرض تعريجه على الأنبياء، كيما يفهم الفاهم أن من ذكر اسمه في القرآن لا يأتيه الباطل من قبله ولا من دبره، ولو فرش إقامة ب 360 مليون وسط ساكنة لم تذق شرابا غير ماء الكْرِيفُو، ولم تعرف من خيرات المرسى غير كَابَايْلاَ وجانْخَارَّا.

       لم تقف مخاوف النبي العامل صالح عند اندلاع “ثورة الفراش”، بل اشْتَمَّ رائحة الغدر الجاثم في أعين ومقل المصلين، وراعه أن يصاب بضربة عيْنِ قد تأتيه من معطل كَشَطَتْ جلده وعود التشغيل أو أرملة أعيتها أكاذيب مندوبية الكثيري أو مريض يموت بخطى ثابتة في المستشفى الإقليمي على مرمى حجر من مكتبه بلابلازا دي اسبانيا، فأوعز للطَّالْب بالدعاء لرجال السلطة والمنتخبين والعَيَّارِين، وبأن الدعاء لهم خدمةُ للصالح العام.. أو على الأقل خدمة لِصَالِح بشكل عام. 

       الظاهر أن مارشي السيد العامل – الذي لم يحاول إصلاحا ما استطاع طيلة مدة ولايته– لم يثر حفيظة الوزارة الوصية بل مر على أنظار لجان الصفقات بردا وسلاما، ربما لأن حكومة الفراش هاته، لم تعد جراحها قابلة لأن تٌنَكَّأَ وهي الخبيرة بتدبير أزمات الفراش منذ أزمة بيت نعاس عبد القادر اعمارة، حيث لم نفهم إلا مؤخرا أن دفاع الحكومة عن الرجل كان لحفظ مقصد دراسة مارشي زبل الطليان، إلى أزمة الشوباني وسمية بنخلدون الذيْن كثر بينهما الهراش في الفراش. الحاصل أن الكثير من التفاصيل السياسية تمر لزوما عبر بيوت النعاس فلا لوم بعد اليوم على فرويد وتهيؤاته الجنسية.

     مع الأنفاس الأخيرة من الدعاء الصالح – نسبة إلى العامل بالتأكيد – للقواد والبشوات والمقدمين والشيوخ، يصعب تذكر ما إذا تم الدعاء للرسول وسط هاته الغابة من التابعين وتابعي التابعين، وقف المصلون الذين أنهكهم سغب رمضان يرمقون الموكب العاملي يجر وراءه جيشا من المنتخبين والمسؤولين لا يظهرون إلا مع طلة العيد، تشيعهم سيارات الإسعاف والوقاية المدنية التي لا تظهر لا في الأفراح ولا في الأتراح.   

       هذا الموقف سبق أن وقفته ” كريستين دُورْ السرفاتي” بمحطة القطار وهي تراقب الجحافل البشرية تتلظى بصهد الصيف أمام تأخر القطار، وهو الموقف الذي ولَّدَ إحدى أهم انطباعاتها بشأن سلوك المواطن المغربي، ” فأن يتعطل القطار أو يتأخر، فهذا قد يقع في كل بلاد الدنيا، ولكن أن يصمت البشر أمام سوء التدبير هذا فهو الذي لا يمكن أن يقع إلا في بلاد كالمغرب“. 

الحسين أبليح

 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد