لماذا نكره الوجاهة وصور النجاح؟

د/ عز الدين بو النيت
……
في هذا البلد نكره الوجاهة بكل تلقائية.
نكره السياسيين لأن لهم وجاهة نرى فيها وجوها مقصدرة لا حياء فيها تأتي إلينا كل خمس أو ست سنوات لتستجدي أصواتنا التي لا نعطيها لها طبعا ولم يسبق لنا أن أعطيناها لها.. ومع ذلك نطالب بالحساب ونلوم الآخرين على ما يجري ولا نلوم أنفسنا.
ونكره الفنانين لأن لهم وجاهة، تزداد لمعانا عندما يتم توشيح صدورهم في مناسبات وطنية بأوسمة على مرأى ومسمع من الناس عبر وسائل الإعلام. والحال ان عددا كبيرا من المواطنين يتم توشيح صدورهم كل سنة دون ان يثير ذلك امتعاض أحد. لكن الأمر مع الفنانين يختلف. نصير كلنا فجأة نقادا فنيين خبراء في الموسيقى والمسرح والسينما والأدب.. ونستكثر على الفنانين الشباب توشيح صدورهم، مغلفين ذلك بغلالة سياسية مصطنعة.
وإذا حدث أن سمعنا أسرة من الفنانين اقتنت بيتا فاخرا، انتابتنا حالة من الكمد ولا نتوانى في التعبير عن كرهنا لهذه “النعمة” التي صارت ترفل فيها هذه الأسرة المسكينة بعد طول كد وجهد. والحال أن جلنا لم يسبق له أن ساهم في مدخول أي فنان ولو بتذكرة دخول صغيرة إلى إحدى حفلاتهم. بل إن أغلبنا نكتفي باقتناء النسخ المقرصنة لإبداعاتهم غير آبهين بما يسببه لهم ذلك من ضرر وما ينتهي إليه من ضعف في السوق الفنية وضمور في الروح الإبداعية وروح المبادرة في المجال الفني.

نأكل الحلة ونسب الملة.

ما يحدث مع الفنانين والسياسيين، يحدث أيضا مع الرياضيين والناجحين في مجالات الاقتصاد والعلم وغيرها. هل يتعلق الأمر بنمط من التربية يعتبر النجاح والوجاهة انتقاصا من الذات كما كرست ذلك نظم التقويم التربوي في تعليمنا؟ أم يتعلق بكوننا لم ندخل بعد بشكل متكامل في مجتمع المتعة، الذي يهيء أفراده بعمق لتذوق الفن والإبداع واحترام المبدعين؟ 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد