كورونا و رفع الحجر الصحي في المغرب .. بين نجاعة الصين و مجازفة الغرب

بقلم : اسماء علالي ، 01 ماي 2020

وجب اليوم فتح النقاش في المغرب حول تمديد الحجر الصحي او رفعه بتاريخ 20 ماي الحالي ، كما هو الحال في كل دول العالم اللتي وجدت نفسها امام اجبارية و استعجالية فرض الحجر الصحي اثر ظهور الفيروس و تجد بالتالي نفسها اليوم امام اشكالية تاريخ و كيفية رفع الحجر دون المجازفة من جديد بحياة المواطنين و انطلاق موجة ثانية من انتشار الفيروس تصب في الرمل كل المجهودات و الاموال اللتي انفقت في مواجهته عبر فرض للحجر الصحي ..

و اعتبر انه من حقي كمواطنة انتمي لهاذا الوطن ان ادلي بوجهة نظري في قرار تمديد او رفع الحجر لانه يخصني و يخص اسرتي و احبابي و اصدقائي ، و يخص قبل كل شيء وطني، و اود ان اوضح ان رأيي الشخصي لا يعبر عي اي جهة و لا اي حزب و لا اية مؤسسة ..

ان الارقام الحالية في بلدنا تبرز بشكل واضح نجاعة الاحراءات السريعة اللتي اتخدها المغرب عبر اغلاق الحدود و فرض الحجر الصحي و الاجراءات الاخرى، و تبرز كذلك ان لطف الله و رحمته كانتا ايضا الى جانب المغرب و جعلتنا نتفادى الوقوع في الانزلاق الحتمي نحو الكارثة ، سواء باعتبار معدل الانتشار و نسبة الفتك و نحاعة الدواء .. الحمد لله كل هذه المعطيات ايجابية الى حدود الساعة و مرشحة الى الاستمرار في التفاؤل و الايجابية .. و لكنها بالرغم من ذلك لا زالت غير كافية للجزم بان المغرب تجاوز مرحلة الخطر و ان رفع الحجر يوم 20 ماي لن يعيدنا الى نقطة البداية من جدبد ..

ان دول اوروبا التي بدات برفع الحجر تدريجيا ، بالرغم من استمرار تسجيلها لآلاف الاصابات يوميا و مئات الوفيات يوميا ، هو مجازفة لا زلنا لا نعرف ما هي نتائجها الى حدود الساعة ، بل و ان معطيات قادمة من المانيا تشير الى عودة انتشار الفيروس من جديد .. و من جهة اخرى ، فإن هذه الدول اللتي تصارع الفيروس منذ شهر فبراير ( اولى الحالان في فرنسا و ايطاليا و المانيا تعود الى اوائل شهر فبراير) قد انهكت مواردها و فتكت بها الازمة الاقتصادية و اصبحت مجبرة و اقول مجبرة على المجازفة برفع الحجر قصد تدوير عجلة الاقتصاد ، بل و اصبحت مجبرة على المجازفة بالاطفال و ارجاعهم الى المدارس كي يتمكن البالغون من العودة الى الشغل ..
صراحة ، اجد في رفع الحجر في دول اوروبا ، بل و حتى النقاش حول رفع الحجر في امريكا و كندا و حتى في دول الخليج حاليا ، مجازفة صرفة قد تكون عواقبها الصحية و الاقتصادية اوخم من خيار الاستمرار في الحجر بضعة اسابيع اضافية ..

دعونا نرى كيف تعاملت الصين ، و هي في نظري انجع دولة تعاملت مع اشكاليات فيروس كورونا ، و هي النموذج الذي يستحق ان نراقبه و تستلهم منه نموذجنا الخاص ..
الصين دخلت في الحجر الصحي بمجرد اكتشافها ان الامر يتعلق بفيروس شديد العدوى ، ليس له لقاح و لا دواء ، فاخذت بسرعة قرار الحجر الصحي و كانت سابقة في هذا العصر الذي لم يعرف هذا النوع من الكوارث بحجم فيروس كورونا .. و استمرت الصين في الحجر الصحي الى حين السيطرة التامة على انتشار الفيروس ..
و السؤال الاهم هو متى بالتحديد اخذت الصين قرار رفع الحجر الصحي ؟؟

ان الصين وصلت عتبة 80.000 حالة يوم فاتح مارس ، و استقرت تقريبا على هذا الرقم الى حدود الساعة .. في دولة تعدادها 1،4 مليار نسمة ، و في مدينة يوهان اللتي يبلغ تعدادها 8،6 مليون نسمة .. و في دولة يتوقف على اقتصادها كل اقتصاد العالم ، فنحن اذن نتحدث عن مصالح اقتصادية قيمتها اليومية تريليارات الدولارات .. تخيلوا معي الضغط المالي و الاقتصادي الذي تشكله كل دقيقة حجر صحي على الصين و كم يكلف كل يوم حجر صحي و كم يكلف كل اسبوع حجر صحي على الصين ..
كان من الممكن ان تضحي الصين بالارواح مقابل الاقتصاد ، و ماذا تمثل 4.000 من الوفيات و ماذا يمثل 80.000 مريض بكورونا في ساكنة الصين المحسوبة ليس بالملايين و لا عشرات الملايين و لا مئات الملايين بل بالملايير ، 80.000 مصاب لا تكاد تكون نقطة في بحر بل في محيط .. لكن الصين لم تدخل في المجازفة و لم تفكر حتى في تكلفة الحفاظ على الارواح .. بل اخذت القرارات اللازمة للسيطرة على الوباء ، موقنة ان العجلة الاقصادية ستعود الى الدوران لاحقا بمجرد السيطرة على الوباء ..

نعود للسؤال و هو متى رفعت الصين الحجر الصحي على مقاطعة يوهان ؟

بعدما استقرت الحالات حول رقم 80.000 منذ 01 مارس ، بعد ان لاحظت السلطات تسجيل 3 حالات فقط خلال 21 يوم ، بدات السلطات بتخفيف القيود في ووهان ، ثم بدات اولى اجراءات رفع الحجر يوم 8 ابريل، اي 40 يوما تقريبا على استقرار الوضع الصحي حول رقم 80.000 اصابة ..

من جهة اخرى ، فان الصين صاحبت رفع الحجر باجراءات رصدت لها امكانيات ضخمة ، اولها الكشف السريع و الواسع على كل المواطنين ، و برنامج تتبع رقمي لتحركات المواطنبن داخل نطاق مكاني و زماني محدود ، و تعقيم ممنهج للاماكن العمومية .. و اظن اغلبكم شاهدتم في اليوتوب الامكانيات الضخمة اللتي واجهت بها الصين فيروس كورونا ..

خلاصة القول ، ان الجدية في التعامل مع الفيروس ، و تغليب الضمير الانساني و واحب السيطرة على الفيروس على اية حسابات مالية او اقتصادية ، و الاختيار الصائب للوقت المناسب لقرار رفع الحجر ، و مصاحبته بالوسائل الناجعة لضمان القضاء التام على الفيروس و ضمان سلامة المواطنين اولا و قبل كل شيء، هو ما مكن الصين ان تكون اليوم ، الدولة الوحيدة اللتي نجحت في السيطرة على الفيروس ، هو ما يجعل الصين اليوم ، الدولة الوحبدة اللتي تستحق ان نعتبرها نموذجا في التعامل مع الفيروس ، و تجعل اعتبار اي نموذج آخر غير النموذج الصيني الذي اثبت جديته و نجاعته ، هو مجازفة بحياة المواطنين ، بل استهتار ..

اذا اختارت فرنسا ان تضحي باطفالها عبر ارسالهم الى المدارس ، ففرنسا بعيدة كل البعد ان تشكل نموذجا يحتذى به .. و مجرد التفكير فيها غباء !!
و اذ اختار دونالد ترامب رفع الحجر على نيوبورك في اصعب وقت في تاريخ التفاحة الكبيرة ، فهو اما اهبل ، او مجرم !!
و اذا اختارت السعودية رفع الحجر ، فالسعودية لم تكن ابدا بلد النجاح و لا بلد تقديس الحياة و حقوق الانسان !!

اتمنى ان يثبت المغرب عن النجاعة و عن استقلالية الراي و القرار ، كما اثبت في الاجراءات السابقة .. و يستمر في طريق السيطرة التامة على الوضع الصحي ، و ان يستغل هذه الفرصة التاريخية ليثبت انه بلد قوي و ذكي و مستقل .. مصداقيتنا على المحك و ثقتنا التامة في حكمة السلطات المغربية !!

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد