كل شيء عن داء السكري وصيام رمضان
حاوره الحسن باكريم //
الدكتور محمد عبد الناجي التادلي، طبيب بمدينة اكادير، حاصل على دبلوم في الفحص والتشخيص العام بالصدى بباريس ودبلوم في امراض السكري، اخصائي في امراض وعلاج الارجل السكري( podologue ) صدر له كتاب ” الرجل السكري le pieds diabétique وهو ثمرة بحث علمي ميداني حول الامراض التي تصيب الارجل بسبب داء السكري. طبيب ملازم سابقا بالمستشفى الصحي الجامعي بتور بفرنسا
بالإضافة الى ذلك الدكتور التادلي فاعل جمعوي مؤسس وعضو عدة جمعيات ويشارك مند اكثر من 20 سنة في الحملات الطبية للتوعية والتحسيس وتقديم الخدمات للمرضى بالسكري، عضو بالجمعية الفرنسية لمرضى السكري، عضو سابق بجمعية سوس لداء السكري بانزكان ايت ملول، عضو مؤسس لجمعية تامونت لداء السكري باكادير وجمعية تافوكت بأنزا وجمعية القليعة وجمعية أزرو.
في هذا الحوار تقدم آخر ساعة لمرضى السكري ولعموم المتتبعين، بشكل علمي ودقيق، علاقة مرض السكري بشهر رمضان، وتأثير الصيام على المرض، وكدا انعكاسات الصيام على بعض مرضى السكري، وجديد الادوية وسبل الوقاية من الداء. الحوار أجرته الجريدة مع الدكتور محمد عبد الناجي التادلي، مباشرة بعد انتهائه من محاضرة ألقاها مؤخرا، بمدينة أكادير، قبيل انطلاق شهر الصيام للعام الجاري.
س- نحن في شهر رمضان المبارك ما هي النصائح التي تقدمها لمرضى السكري هل يصومون رمضان أم لا؟
ج- فيما يخص الصوم في رمضان وداء السكري نقسم الأشخاص المصابين الى فئتين حسب نوع داء السكري هناك المرضى المصابين بداء السكري المستوجب بالأنسولين وهناك أخرون مصابين بداء السكري غير مستوجب للأنسولين.
فيما يخص الأشخاص المصابين بداء السكري الموجب للأنسولين فنحن نمنعهم من الصيام خصوصا إذا كانوا يستعملون حقنتان فما فوق، لا يعقل أن يصوم هذا المصاب فهو يأخذ حقنتان فما فوق وينصحه الطبيب بتناول ست وجبات متفرقة على طول النهار فيها ثلاث وجبات رئيسية الإفطار والغذاء والعشاء وتصبيرة في العاشرة صباحا والرابعة بعد الظهر وتصبيرة ليلا إذا كان الشخص متعود على السهر.
هناك حالة وهي حالة خاصة ويتعلق الأمر بالمرضى الذين يستعملون ما نسميه “المشابهات للأنسولين” البطيئة، التي تستعمل مرة واحدة غالبا في الليل، وهنا فقط نسمح للمريض أن يصوم ولكن بموجب اتفاق وتعاقد بين الطبيب ومريضه، وقد اجريت أبحاث كثيرة في المغرب وخارج المغرب فاتضح أن المريض الذي يستعمل هذا النوع من الدواء مرة واحدة غالبا في فترة الإفطار يمكنه أن يصوم بعد عقدة شفوية بين المريض وطبيبه، يلزم المريض أن لا يعيش وحده حتى يجد من ينقذه إذا ألمت به أزمة، كما يجب أن يكون في متناوله آلة قياس السكري وفي حالة هبوط في السكري وجب عليه وباقتناع أن يفطر، ومن ناحية أخرى يجب على المريض أن يعرف كيفية التعامل مع أزمته أي أنه يجب في حالة هبوط نسبة السكر في الدم التي من بين أعراضه الارتعاش والتعرق، أن يقتنع بضرورة الإفطار، وأن يبدأ يتناول شيئا قليلا مما يقع تحت يده من حلاوة مثلا كأس من الليمون، قطعة سكر أو ملعقة من العسل، ويأكل بعدها النشويات، أغلب المرضى يقعون في حيرة وارتباك حين يقع لهم هبوط في نسبة السكر ولا يعرفون كيفية التعامل مع الأمر فيقعون في غيبوبة حيث لا يتوفرون على آلة قياس السكر، وهذا هو النوع الأول الذي لا نسمح فيه للمريض بالصيام.
الأشخاص الذين نسمح لهم بالصيام هم الاشخاص المصابون بداء السكري الذي لا يستوجب استعمال الأنسولين لاستقرار السكري لديهم، ليس لديهم نسبة 3 أو 4 الغرام وليست لديهم مضاعفات على الشرايين ولا على العيون هؤلاء يمكنهم الصيام وأخذ الاقراص. وينصح بتناولها خلال الإفطار أو أثناء وجبة السحور، ويستحسن الاستشارة مع الطبيب، لأن الدواء مهم والطبيب بمثابة صديق للمريض، حيث لا يضطر لإعطائه الأوامر بل يشرح له بكيفية سلسة كيفية استعمال الدواء وأوقات تناوله.
وفي هذه الحالة يمكن للمرضى التعامل مع السكري بقياس مستواه ومجابهة النوبات، ويمكنهم التغلب على الحالات التي يهبط فيها السكر أو يرتفع، إذا يمكن الصيام بالنسبة لمرضى السكري الذين يتبعون الحمية أو المرضى الذين يتناولون الأقراص وسكرهم بدون مضاعفات، أما المريض الذي يتناول الأقراص وعنده مشكل في شبكة العين مثلا ممنوع عليه أن يصوم، حين هبوط وطلوع السكر في الدم يكون هناك مشكل في البصر، هناك من يعاني مشاكل في الكلي أو هناك المصاب بالقرحة في المعدة، وهناك المصاب بالسكري رقم 2 أو من يستعملون الأنسولين ولهم مضاعفات لا يجب أن يصوموا.
س- ما هي أهم مضاعفات داء السكري؟
ج- نحن دائما في كل فرصة نتكلم على المضاعفات يجب فقط على الإنسان أن ينصت جيدا لكل ما يقال عن هذا الداء، وسيعرف أنه يمكن ان يصاب وعليه معرفة كيفية تجنب المرض، كما يجب الحث على المراقبة لأن هناك أمور يمكن تفاديها بالمراقبة الجيدة والمواظبة، كمرض الكلي الذي بالمراقبة يمكن تفادي الإصابة بمضاعفات يمكن أن تؤدي إلى مرحلة تصفية الدم، المضاعفات كثيرة ويمكن أن أقول أن الجسم يمكن ان يتعرض الى مضاعفات من الرأس إلى الرجلين، حيث يمكن لعروق الرأس ان تصاب مما يعرض الإنسان الى الشلل النصفي، يمكن أن تصاب العينين في الشبكة أو ضغط الدم في العينين أو الجلالة، واللثة، والقلب كذلك والشرايين، كالدبحة الصدرية، ومن الواجب أن يقوم الإنسان بالفحوصات اللازمة كل سنة أو سنتين، هناك أيضا احتمالات الإصابة بأمراض على مستوى المعدة والأمعاء والكبد وكذا الجلد حيث تقع التعفنات بين المطويات، فمثلا بين أصابع الرجلين يجب على المريض أن يحافظ على جفافهما من الماء، زيادة على الضعف الجنسي التي يصاب به حتى الشباب فلا يعقل أن يترك الإنسان نفسه حتى يغلب عليه داء السكري، فكل ما يفسده هذا الداء للأسف لا يعوض، والمضاعفات الخطيرة هو الإغماء والغيبوبة، وهذا متوقف على الشخص هناك أشخاص ب5 و 6 غرامات على وعي مقابل وجود آخرون بـ 3 غرام فقط ويقع في غيبوبة، هذا إذن مرتبط بالشخص وقوته وسلامة جسمه، والأخطر هو إصابات القدم التي تؤدي أحيانا إلى بتر الرجل، و50 في المائة من هؤلاء يموتون بعد مرور 5 سنوات على البتر، كما أن هناك معانات نفسية ترافق هذا حيث يصبح المريض مرهونا بمساعدة الآخرين.
س- ونحن نتكلم على السكري في هذا الشهر الكريم يظهر أن عدد المصابين يزداد كل عام وبصفتكم طبيب وتستقبل عددا مهما من مرضى السكري لماذا ينتشر هذا المرض بهذه السرعة ؟
ج- داء السكري من الأمراض المزمنة التي هي حاليا في تصاعد كبير، ويتوقع أن يصل عدد المصابين بهذا الداء في حدود 2025 إلى 500 مليون مريض بالسكري في العالم، ونحن نعرف أنه إذا أخذنا 100 مصاب بداء السكري سنجد أن 90 منهم يصابون بداء السكري بعد الأربعين و 10 بالمائة من المصابين أطفالا. والـ 90 بالمائة المصابون لا يتم تشخيص إصابتهم إلا بعد مرور 5 سنوات، ويذكر الباحثون أن داء السكري لا يتم تشخيصه أحيانا إلا بعد 10 سنوات، حيث يكون المرض قد بدأ يستفحل في الجسم، وتظهر مضاعفات مثل ارتفاع نسبة الدهون وارتفاع الضغط الدموي واصابت الاعصاب مضاعفات على العين والكلي.
هناك توريث المرض، لهذا يجب الاحتياط مثلا الاشخاص الذي يكون أحد الوالدين أو هما معا أو الأخوة مصاب بداء السكري، يجب أن نراقب السكري ابتداء من سن الأربعين، لنحاصر الداء قبل أن يسبب لنا مضاعفات، ثانيا السمنة لكون العديد منا يأكلون بطريقة غير صحية، حين تناول الشخص الدهون بكثرة والمثلجات والساندويتشات بكثير من الجبن، مما يسبب في اختلال حيث أن الخلية نفسها لا تتعرف على الأكل التي يعطى لها ويقع فيها خلل، فما بالك بالبنكرياس كيف سيستطيع أن يصنع الأنسولين، فأجسامنا كساعة بيولوجية تعمل بانتظام وتنتج الهورمونات في وقتها المناسب كالأنسولين والكورتيزون الذي يصل ذروته في منتصف الليل وهذه غدة ترفع نسبة السكر وفي الرابعة بعد الزوال تهبط إلى نسبة الصفر وهنا يقع التوازن، والأنسولين هو الهررمون الوحيد الذي يخفض نسبة السكر في الدم، في حين هناك هرمونات كثيرة ترفع نسبة السكر، السمنة مثلا هي من التفسيرات الأساسية التي تعطينا القابلية للإصابة بداء السكري، هذا هو سبب اكتشاف داء السكري عند الغربيين، وللأسف دخلت علينا مواد استهلاكية من الغرب، ولأن الصناعة الغذائية التي تتم بدون مراقبة تنتج أشياء لا تصلح ويجب أن ننتبه إلى الأكل الذي نتناوله، هناك أيضا عدم الحركة، كل شيء يشتغل اليوم إلكترونيا، وبالنسبة للنساء فأقراص منع الحمل التي يجب مراقبة استعمالها بعد سنوات طوال، عن طريق اجراء الفحوصات الضرورية، وارتفاع ضغط الدم يلزم على الشخص مراقبة نسبة السكر في الدم، وفي حالة وجود احد هذه العناصر التي تعطي القابلية للإصابة بالداء يجب المراقبة والتتبع.
س- دكتور حتى لا نثير الرعب في نفوس قرائنا هل هناك علاج لداء السكري؟ او على الاقل هل هناك أدوية للتخفيف على المرضى؟
ج- هناك علاجات كثيرة ومتوفرة إذا لاحظنا فقط تطور الأنسولين من سنة 1922 إلى اليوم، فمن أنسولين الخنزير لأنسولين البقر ومند عشر سنين أصبح الأنسولين يستخرج من الإنسان، وهناك اليوم شبيه الأنسولين ومزاياها كبيرة جدا. وهناك أنواع من الأقراص لا تؤثر على الكلي حتى وإن كان الشخص يصل إلى مرحلة قريبة من التصفية، فإننا نعطيه أقراصا لا تسبب في أي أذى أو أدوية تصفي عن طريق الكبد، فالطبيب المتمرن يتتبع مريضه ويراقب تحاليله ويصف أدوية لا تضره مع توالي السنين.
وأحسن دواء ظهر مؤخرا والذي اخترعه عالم ألماني، حين اكتشف خلال تحليله لما يسمى “مسار المريض بالسكري” أن هناك علاقة بين الجهاز الهضمي وداء السكري، كان يشتغل في أبحاثه منذ سنين لكن تقريبا في العقد الاخير أظهرت بحوثه وأنتجت أقراص هرمونة ، ودخلت للمغرب في الموسم 2015- 2016 .
اكتشف أن هناك هرمونة بالجهاز الهضمي هي المسؤولة في مرحلة انتاج الانسولين داخل البنكرياس، الهرمونة تلعب دورا مهما في البنكرياس، ينتجها الجهاز الهضمي، وتذهب للبنكرياس الذي بدوره يطلق الأنسولين، هذه الهرمونة لا تقوم الدور المناط بها عند المرضى بالسكري، تكون ضعيفة ولا تؤدي مفعولها بالكامل، أخذها العالم الالماني وصنع لها مضادا لكي تبقى مدة طويلة، لتنشط البنكرياس وتعطي الأنسولين الكافي للجسم، المضاد عبارة عن أقراص، توجد حاليا بالمغرب لكن باهظة الثمن ما بين 300 درهم و400 درهم، وهذه الهرمونة أيضا توجد على شكل حقن ثمنها 1400 درهم، نتمنى أن ينزل سعرها إنشاء الله بعد المنافسة بين المختبرات وصانعي الادوية.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.