لما كنا شباب مراهقين ولما كنا في الاعدادي نتعلم عند الاجانب خاصة الفرنسيين والمشارقة، كانت في مدينتنا مؤسسة وحيدة للتعليم الخصوصي، وكنا نكد ونجتهد لكي لا نحصل على نقط “تؤهلنا” للسقوط في الامتحانات ونكرر المستوى وندخل الى “كلية البغال”، وهي الاسم ” المعروف ” الذي كنا نطلق، نحن وكل ساكنة المدينة، على تلك المؤسسة الخصوصية، التي لا يدخلها الا الكسلان منا، ممن تم طردهم من إعداديتنا العمومية، الإعدادية التي كنا نفتخر بالانتساب اليها، وندرس عند فلان أو فلانة من فرنسا أو من العراق أو من فلسطين ، أو عند الاستاذ ( ة) المغربي الذي كان ينتمي الى اليسار والى النقابة ولا يخاف من البوليس يوم الاضراب.
دار الزمن بنا، وأصبحت المدرسة أو الإعدادية العمومية في بلادنا بلا روح ولا معنى، وأصبح الشبان ، من تلاميذ هذه المؤسسات العمومية، لا يرضون بذكر أسمائها، ولا بالانتساب إليها، لأن الموضة اليوم أن يكون الشبان في المدرسة الخصوصية ويدرسون بكذا من المال، ويقرؤون في كتب ثمنها غال يرعب جيوب الآباء والامهات، ويتعلمون اللغة الاجنبية في كل المستويات، ويحصلون على النقط بدون الاجتهاد، ويفتخ أهاليهم بالمؤسسة الخصوصية، رغم أنها تثقل كواهلهم بالمصاريف، ويدفعون رغم ذلك ، ليضمنوا لأبنائهم النجاح ، ليرسلوهم الى الخارج للدراسة هناك، ويعادون لينخرطوا في نفس اللعبة مع أبنائهم، أو يمكثون هناك بعيدا عن بلدهم، التي أصبح فيها كل شيء بالمال والجاه.
دار الزمن بنا، لتتخلى الدولة عن واجباتها اتجاه الشعب، في مقدمة هذه الواجبات تعليم عمومي نافع لكل الأجيال ولكل الفئات وصحة عمومية للجميع، مقابل شعب يقدم الواجب اتجاه الوطن والمزيد، حتى يبقى بلدا مستقرا ينعم “بالحرية والأمن”، وحتى تفتح فيه مزيدا من ” كليات البغال ” لتصنع من الأجيال “روبوتات” بلا ثقافة وبلا وطنية وبلا انسانية .. أجيال من خريجي “كليات البغال” يعدمون القيم ويقتلون ما تبقى من التعليم العمومي.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.