كلمة والي جهة سوس ماسة بمناسبة افتتاح المؤتمر الدولي حول شجر الأركان بأكادير:  أركان رافعة للتنمية المُندمجة المُستدامة

 كلمة والي جهة سوس ماسة بمناسبة افتتاح المؤتمر الدولي حول شجر الأركان بأكادير: 

يُسْعِدُنِي أنْ أُرَحِّبَ بِكُم جَمِيعًا بأكادير حَاضرة جهة سوس ماسة، وأن أعرب لكم عن اعتزازي الفائق بمشاركتي لكم فعاليات افْتِتَاحِ النسخة الخامسة للمؤتمر الدولي لشجر الأركَان، الْمُنَظَّمة، تحت الرعاية الملكية السامية لِصاحب الجلالة الملك محمد السادس أيده الله، مِن طَرَف الوكالَة الوطنية لتنمية مناطق الواحات وشجر الأركان، تحت عنوان: ” الرأسمال الطبيعي للمحيط الحيوي للأركان: القيمة والتثمين”، بِمُشاركة نخبة من الباحثين والأخصائيين من تِسْع دول، لِتناول مُختلف المواضيع المرتبطة بِشجرة الأركان، وتدارس السبل المثلى لتثمين محمية محيطها الحيوي، من خلال تقييم المنجزات، وعرض خلاصات آخر ما توصلت إليه الدراسات و الأبحاث العلمية والأكاديمية بشأن اِسْتِشْراف آفاق هذا القطاع وطُرُق تطويره.

مما يُشَكِّل، حضرات السيدات والسادة، مُنَاسَبَة بالِغَة الأهمية، لِتَسِليط الضَّوْء من جديد على الدَّور الأيْكولوجي الفائق الحيوية لشجرة الأركان في استمرارية التوازن الطبيعي،  وما تشكله من حاجز طبيعي في وجه التصحر وزحف الرمال، ودورها في إضْعاف قوة الرياح والإبقاء على رُطوبة الجو، والمحفاظة على التُّربة من التعرية، وتوفير المادة العضوية لهذه التربة بما يَتَساقط منها من أوْراق وما ينمو في ظِلِّها من أعْشاب.

إلى جانب أهميتها القصوى في الحياة الاقتصادية للساكنة،  فهذه الشجرة، التي تشكل كَلَأً مُفَضَّلًا للماشية، تُوَفِّر البذور التي يُسْتَخْرَج منها زَيْت الأركان الشهير ، ذِي القيمة الغذائية العالية والمنافع الطبية والتجميلية الْمُتعددة، وسلاسِل تَحْصيله كمنتج محلي أصيل يَرْمُز إلى الدِّرايَة العريقة والمهارة العالية لِساكنة المنطقة في تدبير الموارِد وعَقْلَنة وترشيد استغلالها.

وذلك عِلاوة على قيمتها الاجتماعية الْمُدْهشة، ذات الأبْعاد الإنسانية الْمُتعددة، من حيثُ مكانَتِها في نسيج العلاقات الاجتماعية والذاكرة الجماعية، وحضور مُنتجاتها البارِز في العادات والتقاليد المحلية ورَمْزِيَّتَها الثقافية العالية في آداب الضيافة والْمُؤَاكَلَة والإهْداء وأساليب العَيْش وسائِر التَّعْبيرات الثقافية اللامادية ، فضلًا عن تجسيدِها للدور الاقتصادي الهام للمرأة القروية في الحياة الاجتماعية.

ويُشكل تنظيم المعرض الدولي الأول لشجر الأركان، بِموازاة عَقْد هذا المؤتمر ،  في الفترة ما بين 7 و11 دجنبر الجاري، فُرصةً ثمينة لتمكين السيدات والسادة الخبراء المشاركين، وعُموم الزوار، من الاطلاع عن كَثَب على مختلف القضايا المتعلقة بالمحيط الحيوي لشجر الأركان وبِمنظومته السوسيو اقتصادية.

أيها الحضور الكريم

إن الأخْطار التي تَتَهَدَّدُ بقاء شجرة الأركان مُتعددة وبالِغة الحدة،   وذلك لكونها مَوْروثة أصلا عن فترات مَطِيرَة تعود  إلى الزَّمَن الجيولوجي الثالث، وتُعاني حاليا من التغيرات المناخية وتوالي سنوات الجفاف والتدخل البشري العشوائي ، من رعي جائر واستغلال مُفْرط ، عِلاوة على نُشُوب الحرائق.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن المساحة الإجمالية لِغابات الأركان في المغرب قد تَقَلَّصَت من مليون ونصف المليون هكتار في الماضي القريب، إلى حوالي 830 ألف هكتار حاليا .

ومن هنا تأتي الأهمية التي يَكْتَسِيها عَقْد هذا المؤتمر الدولي العلمي ، في دوراته المتتالية، لِتَبادُل الخبرات والتجارب الناجحة، من أجْل بَلْوَرَة برامج ومشاريع عِلْمية لِمكافحة هذه الأخْطار ومواجهة التحديات التي يطرحها رِهان اسْتدامة وتثمين هذه الشجرة كرافعة للتنمية المُندمجة المُستدامة، وبحث الإمْكانيات العلمية والتقنية اللَّازِمَة لاستعادة ما يُمْكن استعادته من مساحة انْتِشارها الأصلية.

وذلك اعتبارًا للأهمية الْقُصْوى للبحث العلمي في الجهود المبذولة من أجل إحْداث طَفْرَة نوعية في ميدان تطوير السلاسل الإنتاجية للأركان، وإعطاء دَفْعَة قوية لها في إحداث فُرص الشغل المباشرة وغير المباشرة، والنهوض بها بِما أنَّها تُعَدُّ من أهم مكونات الاقتصاد الاجتماعي في مجالِها الحيوي، وتَهُمُّ جُزْءًا كبيرا من ساكِنَتِه التي يتجاوز تِعْدادُها 3,5 مليون نسمة.

والارْتِقاء بالتالي بِمُواكبة ودَعْم القطاع التَّعاوُني وسائر الفاعلين المعنيين لِتنفيذ مشاريع تنموية مُندمجة ومُبتكرة تفتح آفاقًا جديدة لاستثمار سلاسل إنتاج الأركان وتضمن تَدْبِيرَه التَّدْبير الْمُستدام.

وهذا ضِمْنَ مُقَارَبَةٍ مُنْدَمِجَة تأخُذ بِعيْنِ الاعتبار عَامِلَ المُحافَظَة على البيئة واسْتِدَامَة الْمَوَارِد، بِما يَحْمي  المهارات البشرية المُتوارثة المُرتبطة بِطبيعة تُراب الجهة وعَراقة طُرُق تَدْبير ِموارِدها ويَضْمَنُ اسْتِمْراريتها، ويُعَزِّز الجهود المبذولة على كل المستويات من طرف القطاع الوصي في سَبِيل المزيد من تطوير سلاسل تحصيل وإنتاج الأركان، وتثمين مُنتجاته المحلية الأصِيلَة في كل مراحِلها من الإنتاج إلى التسويق، ولاسيما في ظل الطلب المتزايد على هذه المنتجات وتَعَدُّد الْوُسطاء،  من أجل اِقْتِصَادٍ اجتماعي  أكْثَرَ كفَاءَةً واِبْتِكارًا.

وإننا هنا، بجهة سوس ماسة، لَنَتَطَلـَّعُ بكل اهتمـام، إلـى مـا سَيُفـْرِزُهُ هـذا المؤتمر الموقر، مـن خُـلاصـات وتـَوْصِيـَّاتٍ بَنـَّاءَة، تَتـَوَخَّـى مُواكبـة الدِّينـاميـة الحاليـة التـي يشهـدهـا هذا القطاع.

وخِتـامـًا، أجَدِّد تَرْحيبي بكم بأكادير، مدينة الانبعاث والتَّجَدُّد ، مُتمنيـا لكـم طِيـبَ المقـام بيننـا، ودَوام التوفيق والنجاح لأشغالكم.

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد