كتاب صدر : “التفسير التاريخي .. تأصيل ابستيمولوجي وتطبيق ديداكتيكي” لمؤلفه د.شكير عكي

بقلم : ذ. محمد أمداح

نحتفي هذه السنة بالاصدار الجديد للدكتور شكير عكي تحت عنوان “التفسير التاريخي: تأصيل ابستيمولوجي وتطبيق ديداكتيكي.

الذي صدر ضمن سلسلة ابحاث ودراسات في ديداكتيك التاريخ :صادر عن مطبعة نادية للنشربالرباط في 240 صفحة ومن تقديم الدكتور مصطفى حسني ادريسي .

والدكتور شكير عكي التحق بمركز مفتشي التعليم بالرباط تخرج منه سنة 1995م ‘اهتم بالبحث الديداكتيكي والتفسير التاريخي ‘في الوقت الذي اشتغل فيه الدكتور محمد صهود على التحقيب التاريخي سنة 2003م رافقهما الدكتور مصطفى حسني ادريسي في مشروعيهما الى ان ناقشا اطروحتيهما لنيل الدكتوراه في علوم التربية سنة 2011 بالكلية اي كلية علوم التربية التي جمعتهما
يقول الدكتور مصطفى حسني ادريسي في تقديم الكتاب “بعد مناقشتها لم تقتصر مهمتها على منح صاحبها شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا لتلزم مكانها في رفوف خزانته بل ظلت حاضرة ومسثتمرة في المسار المهني لصاحبها على مختلف الاصعدة ذلك ان الدكتور شكير عكي اشرف منذ التحاقه بسلك الاساتذة الباحتين في ديداكتيك التاريخ لسنة 2012م اشرف على عدة ابحاث لتاطير طلبته في سلك الاجازة المهنية او الماستر او في مركز تكوين مفتشي التعليم انصب معظمها في موضوع تعلم الفكر التاريخي القائم على اشكالية تستدعي تفسيرا مستندا على التعريف والتركيب والمفهمة .
كما ان هذه الاطروحة يضيف الدكتور مصطفى حسني ادريسي مكنت صاحبها في التغيير الذي عرفه الكتاب المدرسي مؤخراوالذي يعتمد على المقاربة البنائية ‘التي عوض ان تقدم تفسيرا تاريخيا جاهزا للتلميذ ‘تمكن هذا الاخير من الوثائق ومن التعلمات الفكرية ليقوم بتفسير تاريخي لنفسه بنفسه .”
هكذا ساير الدكتور عكي التوجه الحديث للتاليف المدرسي مواكبا وبحدية الاصلاح التربوي الذي عرفته المدرسة المغربية منذ سنة 2012م .
ومما لامندوحة فيه ان الرهان المجتمعي لاصلاح واعادة اصلاح المنظومة التربوية المغربية قايم على الاستثمار في التعليم النافع الذي ترجع اسباب نجاحه الى الاستثمار في العنصر البشري الذي يعد ركيزة اساسية لكل اسثتمار تنموي ونهوض اقتصادي واجتماعي.
ولقد تحدث الدكتور عكي في هذا الكتاب الذي قسمه الى اربعة فصول عن المحاور الاساسية وهي .
الفصل الاول خصصه للحديث عن التفسير التاريخي في الرؤية الابستمولوجية صفحة 13قسمة لمباحث ‘ركز في :
المبحث الاول عن التفسير التاريخي :مقولة ابستيمولوجية جدالية تشرع عملية التاريخ .
المبحث الثاني :مقولة ابستيمولوجية محكومة بالثالوت المفاهيمي المهيكل للخطاب التاريخي “ان العملية التاريخية ثلاتية الابعاد’اذ انها تقوم على العلاقة الحدلية بين الانسان في علاقته وبيئته ومجال استقراره الجغرافي مستحضرا علاقته بالزمن .يقول مارك بلوخ “‘المؤرخ هو في ان واحد ‘اشتغال بالزمن واشتغال عليه “نقلا عن هذا الكتاب صفحة 28.
المبحث الثالث تحدث فيه المؤلف عن “التفسير التاريخي “مقولة ابستيمولوجية متفصلة مع النسق اللولبي لنهج المؤرخ “انظر “ي”خطاطة صفحة 37النمدجة التي وضعها المؤرخ مارو .صفحة 37مبينا ان ان الاشكلة والتفسير هما العنصران الاساسيان في ولوج عملية البحث التاريخي فلاتاريخ بدونهما “كما ان التاريخ تنطق لمن يعرف كيف يستنطقها “صفحة 39 والمؤرخ بول فين يرى بان الاشكلة لايمكن فك محتوياتها ليس عن طريق الاجوبة وانما عن طريق عملية طرح الاشكالية التي تتضمن مجموعة من الاسئلة يتم الاجابة عنها بطريقة بنائية بعد تصنيفها في التمهيد الاشكالي .انظر خطاطةصفحة 45تحت عنوان “التفسير من داخل النهج التاريخي .
علما ان المؤرخ يتمكن من تفسير وفهم الوضعيات التاريخية التي يدرسها بناءعلى تجربته الغنية التي راكمها في فهم الوضعيات التاريخية وفي قلب العلاقة التي تربطه بمحيطه الا جتماعي .حيث يخضع التفسير التاريخي لتحديات الفهم وطريقة التعامل مع الوثيقة والشيم البنيوي وللمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع “انظر”ي”‘صفحة 61و صفحة 63.
الفصل الثاني خصصه الدكتور شكير عكي للحديث عن محور “التفسير التاريخي في الرؤية الديداكتيكية وقسمه الى مباحث علمية :المبحث الاول :’خصصه للحديث عن رهان التنقيل الديداكتيكي في مجال تعلم التاريخ :اية تحديات .مركزا على نقطة ذات اهمية بالغة في علم التاريخ .وهي تحديات التنقيل الديداكتيكي.
في حين خصص المبحث الثالث موضوع تعلم التفكير في منطوقات البيداغوجيا المعاصرة .
المبحث الثالث تطرق فيه المؤلف لمناقشة عملية التفسير التاريخي في المقاربات البحتيةالديداكتيكية التاملية والتطبيقية وهي مقاربة تناولت “التفسير التاريخي في سياقه المدرسي انطلاقا من السؤال الاتي كيف تتم ممارسة التفسير التاريخي في القسم؟ومالسيناريوهات التفسيرية التي تخترق هذه الممارسة ؟صفحة 98.
في المبحث الرابع والاخير في هذا الفصل الثاني تحدث الدكتور عكي عن نقطة مهمة جدا تتعلق بالمقولة التفسيرية في خطاب مناهج وبرامج التاريخ المدرسي صفحة 116″حيث تتداخل في قراءة التاريخ المدرسي شبكات تحليل من مجالات بحثية متعددة منها ابستيمولوجية التخصص وسوسيولوجية المنهاج التربوي وتاريخ التربية وفلسفتها …ثم ياتي الديداكتيك التخصصي باعتباره مجالا للبحث في العمليات التي تحدث اثناء تعليم وتعلم التاريخ “صفحة 116.
الفصل الثالث والاخير خصصه المؤلف الديداكتيكي شكير عكي لموضوع “التفسير التاريخي :محاولة ديد كتيكية في البناء والتطبيق في القسم ويكتسي اهمية كبرى في الحقل الديداكتيكي لانه “يتناول البناء الديداكتيكي لحظة تعلمية تكوينية ‘هدفها المندمج اكساب المتعلم ة القدرة على المعالجة التفسيرية المنتظمة والممنهجة للحدث الناريخي وفق اطار اجرائي يقضي به الى بناء معرفة تاريخية ذات معنى .ذصفخة 133.
وبات هذا البناء الديداكتكي الوسيلة الاساسية لتطوير النموذج البيداغوجي لمدرسة المستقبل وبات تطبيقه امرا حيويا وضرورة حتمية لاتحتمل التاجيل في عالم سريع التطور وكثير التغير .
ولقد قسم المؤلف هذا الفصل الى ثلاث مباحث الاول مخصص للحديث وباسهاب عن مرجعية ومرتكزات البناء الديدا كتيكي موظفا خطاطة التفكير التاريخي او النهج التاريخي الذي اورده الدكتور مصطفى حسني الادريسي في كتابه المميز والذي قدمنا قراءة تركيبية في مضامينه نشرت في مجلات ورقية ورقمية وفي بعض مواقع التواصل الاجتماعي وعنوان الكتاب هو “تعلم التاريخ والفكر التاريخي “انظر “ي”صفحة 136و 137فخطوات النهج التاريخي يضيف الدكتور عكي يعيشها المؤرخ بشكل لولبي لا بشكل تعاقبي “وركز المؤلف على مسالة مهمة وهي تنزيل النموذج الديداكتيكي بماهو من صميم الخلفية الابستمولوجية والسيكو بيداغوجية والديداكتيكية لبناء وتعلم المعرفة التاريخية وذكر المؤلف الاشتغال على بعض الوضعيات التعليمية التعلمية مع الاشتغال على احداث تاريخية تستدعي معالجة تفسيرية صفحة 143.
المبحث الثاني خصصه المؤلف لمسالة مهمة جدا وهي مسالة توصيف البناء الديداكتكي وتدخل هذه التجربة حسب المؤلف “تجربة نموذجية في اطار الارتقاء بدرس التاريخ ليصبح درسا يتعلم فيه المتمدرسون والمتدرسات في سلك الثانوي التاهيلي منهجية التفكير التاريخي بالتدرب على ممارسة مجموعة من العمليات الفكرية ‘تؤهلهما لبناء معرفة تاريخية تفسيرية ذات معنى تنطلق سيرورة بنائها من لطرح مشكل ‘وتنتهي بتقديم جواب عليه كل ذلك بالاعتماد على مشاركتهما النشيطة في بناء المعرفة والتركيز على مجهودهم الذاتي والاسترشاد بتوجيهات منهجية وعملية ‘تيسر لهما الاشتغال المنظم على قاعدة وثائقية ‘منتقاة ‘لاجل بلوغ الاهداف التعلمية المسطرة لهذه التجربة “صفحة 152.
ولقد اشتغل الثلاميذت على موضوع من تاريخ المغرب في بعده الاقليمي والدولي خلال القرن السادس عشر ‘ويتعلق هذا الموضوع بحملة احمد المنصور الذهبي على بلاد السودان في زمن حكم السلطان السعدي احمد المنصور الذي ازدهرت صناعة السكر المغربي في عهده من خلال ماتنتجه معامل الشكر بتازمورت بتارودانت وشيشاون “شيشاوة حاليا”لكن هذا الازدهار تراجع بعد وفاة احمد المنصور بالوباء 1603م
ومن خلال موارد وثائقية تعامل معها الثلاميذت مؤطرين باساتدتهم ن وبعض مفتشي التعليم واطر ادارية ‘وتربوية لمود الاجتماعيات بمديريات ‘الخميسات ‘الرباط وتمارة ومن خلال عينات من الاسئلة واجوبة كان الهدف من وراء معالجتها بعد الاشتغال الديداكتيكي عليها التوصل بمخرجات يمكن تلخيصها اجمالا فيما يلي :’
التمكن من طرح اشكال تاريخي من خلال الابعاد الثلاثة “الزمن ‘المكان والمجتمع .
التمكن من تحليل وثائق منتقاة لتمحيص فرضيات تفسيرية منبثقة من الاشكال التاريخي موضوع الاشكالية المكروحة
التمكن من تركيب جواب تفسيري للاشكال التاريخي المطروح .
استناج امتدادات تاريخية للحدث التاريخي المطروح في الاشكلة .ولتحقيق هذه الغاية استعملت مواد وثائقية تاريخية مهمة صفحات من 162الى 168 وقصة مصورة صفحة 163هي وثائق ودعامات ربط حملة احمد المنصور ببلاد السودان بالتوصل الى معيار تمييز الوثائق والدعامات في زمن اواخر ملوك مملكة سنغاي ووثائق اخرى تربط الحملة السعدية بمعطيات الواقع الدولي في نهاية القرن السادس عشر وتحديد كيفية تعامل المتعلمين ت مع وثائق ودعامات تحدد اسباب الحملة بعد تصنيفها مستخبصا ة نتائجها .
اما المبحث الثالث والاخير خصصه المؤلف لخطة التجريب الميداني للبناء الديداكتيكي حيث سيتناول “خطة التجريب الميداني لمخطط تعلم التفسير التاريخي في فقرة اولى ‘على ان تكون الفقرة الثانية مناسبة لعرض وتحليل النتائج المحصل عليها في التجريب ومناقشتها “صفحة 168
ويظهر من كل ماسبق ان هذا العمل التاريخي يروم الى تحقيق عدة اهداف وهي كمايراها المؤلف :”صفحة 188
التمكن من طرح اشكالية للمعالجة انطلاقا من وضعية تاريخية معينة وانتقاء المعلومات المناسبة لذلك .
التمكن من وضع مجموعة محددة من المصادر في سياقها التاريخي وتحليلها وانتقادها من خلال تساؤل معين .
التمكن من اعمال النهح التاريخي في دراسة احداث تاريخية من زاوية المفاهيم المهيكلة للمادة .
ويظهر مماسبق ان كفاية التفسير التاريخي تجد مكانتها في صلب مواصفات التعلم الناريخي في” الجدع المشترك لانه ليس متبوعا بالامتحانات الاشهادية من خلال الاشكلة والمفهمة وتحليل الوثائق ونقدها ”
ختاما يعد هذا الكتاب اضافة نوعية في حقل الكتابة التاريخية على المستوى الديداكتيكي والمنهجي يجيب عن كثير من الاشكالات المنهجية التي كانت تطرح امام الفاعلين ت التاريخيين ت ويحدد حسب وجهة نظري التفسير التاريخي وعلاقته بالزمان والمكان في علاقة ذات فعالية مع المجتمع البشري و تنشط في تحديد التفاعل بين الابعاد التاريخية للتفسير التاريخي من خلال تحديد العلاقة بين المثلت الديداكتكي للزمان والمجال والانسان داخل المجتمع وتحديد العلاقة الابستمولوجية بين هذه الابعاد وبين جدلية الفهم والتفسير والتركيب الذي ركز عليهما كذلك الدكتور مصطفى حسني ادريسي في كتابه المشار اليه سابقا ومن خلال الية التجريب استخلصنا تحديد الحلول البديلة للوضعية المشكلة من خلال حملة احمد المنصور على السودان في عهد مملكةسونغاي وكيف استطاع المنصور استمالة مملكة بورنو لتحقيق اهدافه الاقتصادية والسياسية والدينية والاجتماعية ليس للمغرب فحسب بل في ارجاء المحيط المتوسطي خلال القرن السادس عشر للميلاد ؛وبذلك فالتفسير التاريخي قد حقق مهارات تقدير الذات وبناء الثقة وتقوية شخصية المتعلم “ة” المهارية والمعرفية .وسيساعد التعلم”ة” بشكل جلي في ااكتساب منهجية
ادماج مهاراته ليس في مواد الإجتماعيات فخسب بل في حياته المستقبلية بشكل عام علماانه يمكن التمييز بين ثلاث انواع من المهارات:مهارات التواصل والعلاقات بين الاشهاص ثم مهارات صنع القرار والتفكير النقذي ‘ومهارات ادارة التعامل مع الضغوط . ولذلك ‘فاذا تمكنا من توظيف التفسير التاريخي كما اكدت عليه محاور هذا الكتاب توظيفا جيدا فاننا سنتجاوز النظرة التقليدية للتعامل مع مادة التاريخ القائمة على شحن الذاكرة وجعل المتعلم “ة” ببغاوي يستهلك المعارف ولايكتسب ادوات انتاج ونقد هذه المعرفة ‘وسنحقق مضامين الرافعة 16من الرؤية الاستراتيجية 2015/2030اي تحقيق التطلعات المتجددة للمتعلم ة في استحضار تام لتطلعات المجتمع وضرورة التمكين من الاندماج.المدرسي والاندماج المجتمعي.
شكرا للدكتور المقتدر السيد شكير عكي على هذا الكتاب التاريخي المميز.
بقلم الاستاذ محمد امداح باحث في التراث الثقافي والتاريخ الحديث والمعاصر .29غشت 2021م .

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد