فرنسا ستكون هامشية بدون إفريقيا
يوسف الغريب
( العلاقة بين باريس والدول الإفريقية يجب أن تأخذ وجهًا جديدًا، وأن فيها أخطاء متعددة): هو اعتراف صريح للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون على هامش مؤتمر إفريقيا وفرنسا في نسخته الأخيرة التي نظَّمتها باريس، في 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، والذي تحول إلى محاكمة علنية قوية المرافعات والأحكام ضد فرنسا الاستعمارية بين رئيسها ماكرون، والشباب وقادة منظمات المجتمع المدني الإفريقي.
لتكتشف فرنسا والعالم بعد القمة حجم هذا الغضب الإفريقي ويعبِّر عن نفسه في قلب فرنسا؟ وأيّ أفق لهذه العلاقة الضاربة في عمق التاريخ والمتآكلة الآن في فضاءات المستقبل؟ إذ لا يمكن فصل حاضر النفوذ الفرنسي الإفريقي عن حقبة الاستعمار وهيمنتها حتى بعد الإستقلال الشكلي حفاظاً على مكاسبها بمختلف الاصعد والمستويات حتّى قيل بأن كل الإقتصاديات الإفريقية تحت السيطرة الفرنسية بل إن فرنسا نفسها ستكون هامشية بدون إفريقيا كما قال الرئيس السابق جاك شي اك في لحظة صدق نادرة..
لا مبالغة في ذلك ففرنسا التي تُصنَّف ضمن الدول الأولى في إنتاج الطاقة، وتعتمد في هذا المورد الاقتصادي المهم على الثروات الإفريقية، وخصوصًا في النيجر. كما أن بنوك 15 دولة إفريقية تتبع باتفاقية شراكة مجحفة للبنك المركزي الفرنسي، الذي يحتفظ بودائع هذه البنوك، مقابل نسبة فوائد عالية؛ حيث تلزم فرنسا شركاءها الأفارقة بإيداع 50% من احتياطياتها من العملات الأجنبية لدى البنك المركزي الفرنسي، وبنسبة فائدة أقل مما تمنحه بقية المؤسسات النقدية، كما يحتل الجانب الثقافي مساحة عالية من الرؤية الاستعمارية الفرنسية،وصناعة النخب كحصانة قوية للحفاظ على هذه المكاسب الإقتصادية.
ورغم كل ذلك، فإن هذا النفوذ بدأ يتآكل خلال هذه السنوات الأخيرة ويتعرض للتوتر والتقلص شيئًا حيث أن فرنسا أخفقت في تدبير علاقة إيجابية مع إفريقيا؛ ولم تتحرر بعد من هذا الاستعلاء السياسي والاستنزاف الاقتصادي إلى جانب دخول لا عبين دوليين جدد إلى الساحة الإفريقية وخاصة المغرب الذي تزايد حضوره في السنوات الأخيرة، بعنوان كبير العودة لأفريقيا ثقافيا وسياسيا واقتصاديا. حيث تركز السياسة المغربية على المجال العسكري والاقتصادي والسياسي والروحي والاجتماعي. وينظر الأفارقة إلى أن الاستثمار المغربي بالقارة الإفريقية يسمح بشراكة أكثر توازنا ضمن العلاقات جنوب- جنوب.
وينظر الأفارقة إلى أن انتشار المجموعات الاستثمارية المغربية بالقارة الإفريقية يسمح بشراكة أكثر توازنا، لكونها شراكة متماثلة بمنطق جنوب – جنوب.
ويتابع المهتم هذا الحضور القوي للمغرب ضمن الأسباب المباشر الذي جعل العلاقة المغربية الفرنسية تعرف هذا الفتور خلال منتصف هذه السنة حيث أصبح المغرب لاعبا أساسا وحاسما بقارته الإفريقية وأصبح نمودجا إفريقيا فقد صار للمملكة رصيد من المصداقية في غرب ووسط إفريقيا فهي أول مستثمر ولها حضور قوي على المستوى الدبلوماسي والديني.
كل هذا جعل البعض وخاصة فرنسا تنظر بعين القلق والريبة إلى المغرب كما جاء في حديث صحفي لوسائل الإعلام المحلية أثناء زيارته لمدغشقر 2016 :
( إنّ نمودج التعاون الذي نأمل إنجازه هنا مماثل لذلك الذي نعمل على تطويره في عدد من البلدان الإفريقية.
في الواقع أتطلّع لإقامة نمودج للتعاون جنوب – جنوب قويّ ومتضامن بين عدد من البلدان الإفريقية.. وكما قلت في خطابي بأبيدجان فبراير 2014 أفريقيا مطالبة اليوم بأن تضع ثقتها بافريقيا وفي إطار تعاون خال من العقد يمكننا جميعاً بناء المستقبل.. وهذا بالطبع قد لا يعجب البعض.. بل يزعجه).
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.