عيد 20 عشت :قراءة في خطاب الملك

med 6

ريناس بوحمدي//

على عكس خطابه في السنة الماضية المقرع للجزائر والذي كانت نتائجه وخيمة على أكثر مت مستوى، توفق الملك بشكل كبير في خطاب أمس (20 غشت)، بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب ، وهو يتحدث عن الجزائر وظروف التنمية في افريقيا، إذ تجلت الحكمة والرزانة السياسيتين الكبيرتين وهو يذكر الجزائر بالروابط المشتركة بين البلدين وتاريخهما النضالي في مقاومة الاستعمار الفرنسي، وفضح الدور الفرنسي في إطالة أمد التوتر بين البلدين، وكذا استعدادها المستمر ووقوفها الدائم ضد تحقيق أي تنمية أو ديمقراطية في القارة الإفريقية.

   بيد أن حديثه عن الخطر الإرهابي الحائم حولنا، وكذا هلوسات الإرهابيين ، وإن أصاب كبد الحقيقة باعتباره ” بضاعة مشرقية”، كان سيكون أفيد وأوضح لو ذهب بعيدا في شرح للشعب المغربي جذور الإرهاب والبيئة الحاضنة له والتي للدولة وأجهزتها الإيديولوجية دور أساسي ومسئولية كبيرة في نمو هذه الأفة التي تهدد الأمن والسلام العالميين حتى.   

     فالدولة التي تؤشر على مقررات مدرسية حافلة بنصوص تشيد بالكراهية والعنف والتطرف. وتاريخ مزور يغرس في الناشئة الدونية والخنوع والانبهار بالأخر، كيف لها أن تنجو من الإرهاب ولا تنتج مواطنين أدنى ما يمكن أن يقوموا به لعن انتمائهم وسب وطنهم؟.

   الدولة التي تنزع وتجرد السكان الأصليين من أراضيهم بظهائر استعمارية، ويتم تشريدهم ليتحولوا إلى “أحزمة البؤس” حول المدن، كيف لا تجد ” البضاعة المشرقية ” زبائن ضمن من فقدوا الأمل بعد أن كانوا يوما أسيادا، وقد أوهمتهم بالأفضل مما اغتصبته الدولة منهم من جنان الفردوس وحور عين؟

  الدولة التي تخاطب الشعب بغير لغته، وتسير شئونه المالية والاقتصادية والإدارية بلغة المستعمر، وتفاضل لغة رسمية على أخرى، بل وتشرعن التمييز إلى حد إبادة الأمازيغية ( مشروعي  16-26 و16-24) ، كيف لا تهدد السلم الثقافي والاجتماعي؟

الدولة التي تستغل الدين لمئاربها السياسية ( دعوة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية المغاربة إلى التصويت على الدستور المغربي – إخراج زاوية البودشيشيين إلى الشارع للتظاهر …الخ) ؛ كيف لا تدفع بالمستلبين من طرف الإخوان المسلمين والوهابيين استغلال الدين في السياسة ؟

  الدولة التي تعبئ بعثات إلى الخارج، تلقن لأبناء جاليتها هوية ولغة غير التي رضعوها من أمهاتهم، ما المنتظر منها غير أمثال أباعود ومن على شاكلته ؟

 الدولة التي تحارب الأمية بغير اللغات الأم لغير المتمدرسين، كيف لها أن لا تنجو من الإرهاب ؟  

الإرهاب أصله تزوير هوية وانتماء مما يؤدي إلى السهولة في الارتماء بين أحضان الأخر بعد الحرمان والإقصاء والتهميش الذي أنتجته السياسات العمومية للدولة، وبالتالي مسئولية الدولة لا غبار عليها عن إنتاجها في إيجاد الظروف الملائمة على صنع الإرهابي في آخر المطاف.

لعل تفاصيل الحل عديدة ومتشابكة ، تبتدئ من ثورة ثقافية لمصالحة المغربي مع ذاته وإعادة كتابة تاريخه تاريخه ، وإحياء ذهنيته القريبة من الذهنية الإغريقية، واعتباره غاية كل تنمية، ثم حصل الدين على الدولة، وخلق أحزاب سياسية حقيقية مبادرة يدون خطوط مرسومة خارج القواعد الدستورية، وتعليم عصري غايته الإنسان الخلاق والمبدع والطموح. إيقاف كل أشكال نزع الأراضي من السكان الأصليين وإرجاع المنزوعة إلى أصحابها ززضع سياسات عمومية تساعدهم على الإستثمار وتطوير معارفهم ومداركهم الموروثة ، ومصادرة كل العقارات والأموال التي عجز أصحابها عن تبرير مصادرها والمحصلة من اختلاس المال العام.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد