عبد الله حتوس : “تاضا” ممارسة ثقافية أمازيغية مغربية لتوطيد الأحلاف والعيش المشترك (حوار)

أزول بريس – الحسن باكريم //

جرت العادة أن نجري حوارات دورية  مع الأستاذ عبد الله حتوس الباحث حول القضايا المغربية والأمازيغية ، لهذا نستضيفه مرة أخرى، لاستطلاع رأيه حول العلاقة بين  تكتل “تاضا تمغربيت” واليمين القومي المغربي (Les Moorish) وحول بعص المستجدات في الساحة السياسية المغربية ..هنا أجوبة الباحث عبد الله حتوس على أسئلة الموقع: 

في البداية نود معرفة السر وراء اختيار “َتَاضَا تمغربيت” كاسم مختصر لمشروع تنظيمكم “تكتل تمغربيت للإلتقائيات المواطنة”؟

الأمر لا يتعلق بسر او ما شابه، اخترنا “تاضا تمغربيت” ليس فقط كاسم مختصر للتنظيم بل كعنوان لمشروع نريده قيمة مضافة إيجابية للعمل المدني المغربي. فمشروعنا كما سبق وأن أشرنا إلى ذلك، ينهل من معين الثقافة المغربية، ف “تاضا” تحيل إلى ممارسة ثقافية وتقليد ضارب في القدم تلجأ إليه القبائل الأمازيغية المغربية كلما كانت هناك حاجة إلى توطيد الأحلاف والعيش المشترك. فهو تجديد للمواثيق والمعاهدات والإلتزامات الإجتماعية والسياسية من أجل تدبير ناجع للمشترك وتأمينه وتحصينه، سواء تعلق الأمر بالمجال أو الموارد أو العلاقات المشتركة بين القبائل أو غيرها من عناصر المشترك.

” تاضا” تحيل إلى ممارسة ثقافية وتقليد ضارب في القدم تلجأ إليه القبائل الأمازيغية المغربية كلما كانت هناك حاجة إلى توطيد الأحلاف والعيش المشترك

فكما سبق وأن أشرنا في مجموعة من المناسبات، للأنماط الثقافية بعد نفسي إذ أن لها مضامين نفسية، فهذه المضامين النفسية في اعتقادنا، هي التي تساهم بشكل كبير في تحصين الخصوصية والإستثنائية الوطنية. فآيت “تاضا” في الثقافة المغربية الأمازيغية، يعتقدون بأن لهذه الرابطة قدسية وكل إخلال بها يعرض صاحبه لعقاب غيبي ” تَاكَاتْ ⵜⴰⴳⴰⵜ ” وهذا الإعتقاد جعل من تاضا ميثاقا صلبا وذي فعالية في تحصين المواثيق والعيش المشترك ورابطة الذم والملح.

اليوم وأمام التحديات التي تواجهها بلادنا بسبب زحف نموذج مُعَوْلَمْ يريد من كل واحد منا أن يكون نسخة من إنسان معولم ومُؤَمْرَكْ، يزدري ثقافته وهويته ولغته وتاريخ بلاده ومصالحها، وأمام الحركات المؤمنة بإمكانية مقايضة الإنتماء إلى الأمة المغربية مقابل “حلم” الإتنماء إلى أمة عابرة للدول والقارات، نجد أنفسنا في حاجة إلى النهل من معين ثقافتنا المغربية حتى لا نفقد البوصلة. فإن كان أسلافنا يعتمدون على طقوس “تَاضَا” لتحصين قرابة الذم والملح والعيش المشترك، فإنه  يمكن لنا اليوم تحصينها إعتماد على “تاضا” مجددة تعتمد على الذاكرة التاريخية والإمتداد التاريخي وعلى خصوصية مؤسسات تدبير مشتركنا الوطني وعلى مكونات ثقافتنا وفي صلبها الأمازيغية.

هل من علاقة بين مشروعكم وحركات اليمين القومي المغربي (Les Moorish) نموذجا؟

باستثناء كونهم يدافعون ايضا عن الإستثنائية المغربية، فلا علاقة بين مشروعنا و مشروع اليمين القومي المغربي، الذي يعبر عن نفسه على منصات التواصل الاجتماعي، لأسباب عدة:

  • اليمين القومي المغربي، تيار (Les Moorish) نموذجا، بقي حبيس سديم “فكري” شعارتي على منصات التواصل الاجتماعي (Une nébuleuse d’idées et de slogans)، ولم يقرر بعد النزول إلى العمل المنظم. وبالتالي كل ما نعرفه عن هذا “التيار الفكري” لا يتجاوز ما ينشر على العديد من الحسابات المفتوحة على الشبكات الإجتماعية، حتى المنابر الصحفية التي اشتغلت على هذا الملف لم تضف شيئا إلى ما ينشر على هذه الحسابات.
  • لا نشاطرهم أيضا دفاعهم عن الإختيارات الاقتصادية اللبرالية والنيولبرالية، فنحن نؤمن بالدولة الاجتماعية، فمواجهة تداعيات وباء كورونا تفرض عودة الدولة الاجتماعية القادرة على توفير مناح تنافسي للأعمال جذاب للإستثمار ومحترم لمقومات التنمية المستدامة.
  • نختلف معهم أيضا في العلاقة مع الجوار وبناء التكتلات الإقليمية والجهوية، فنحن مفتنعون بأن المغرب في حاجة إلى الإنفتاح الذكي على دول الجوار سواء تعلق الأمر بالجوار المغاربي، الإفريقي والمتوسطي، كما نعتبر الإندماج الإقتصادي بين دول شمال إفريقيا مشروعا استراتيجيا يجب التشبت به في اتنظار انتصار الحكمة والتبصر وبعد النظر عند أشقائنا في الجزائر.
  • كما لا نشاطرهم مواقفهم من المهاجرين ببلادنا، فنحن نعتبر بأن دفاعنا عن الخصوصية والإستثنائية الوطنية لا يتناقض مع التزامات بلادنا في ما يتعلق بقضايا الهجرة وأوضاع المهاجرين ببلادنا، بل عنوانا لتميزنا كأمة جعلت من التفاعل مع باقي الأمم والشعوب مصادر قوة.

اليمين القومي المغربي تيار فكري افتراضي .. لا نشاطرهم مواقفهم من المهاجرين ببلادنا، فنحن نعتبر بأن دفاعنا عن الخصوصية والإستثنائية الوطنية لا يتناقض مع التزامات بلادنا في ما يتعلق بقضايا الهجرة وأوضاع المهاجرين ببلادنا،

 نريد منكم كذلك استاذ حتوس التعرف على موقفكم من بعض مستجدات الساحة الوطنية ونبدأ بالزلزال الذي هز بيت حزب العدالة والتنمية؟

ليس هناك زلزال و لا هم يحزنون، لان السايسة والتواجد في الحكومة والبرلمان والمجالس المنتخبة في إطار الدولة الوطنية (Etat-nation ) عند الإسلاميين، مجرد لعب ولهو وتفاخر بين نخب الحزب في الأموال والأولاد. فهم يؤمنون بأن السياسة التي لا تؤذي إلى إعادة بناء الخلافة الإسلامية تحت قيادة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، مجرد تكتيك مرحلي  وتزجية للوقت، ليس إلا، في انتظار إنضاج الشروط الضرورية لقيام دولة الخلافة.

فالزلزال الذي كان سيصيبنا جميعا هو ذاك الذي كان سيحدث لو أن الدستور المغربي نص على  وضع البيض كُلهُ في سلة حكومة يرئسها حزب العدالة والتنمية. فتدبير القضايا الإستراتيجية من طرف المؤسسة الملكية، كان صمام أمان للمغرب. فتركيا العثمانيين الجدد أقرب إلى قلوب إسلاميي العدالة والتنمية من وطنهم المغرب، وفي تعاطيهم مع إتفاقيىة التبادل الحر بين المغرب وتركيا وإعادة العلاقات الدبلوماسية بين المغرب وإسرائيل ما يؤكد ذلك، فهم حريصون على مصالح العثمانيين الجدد، بقيادة الإخوان المسلمين الأتراك، أكثر من حرصهم على مصالح المغرب.

الحكومة والبرلمان .. عند الإسلاميين، مجرد لعب ولهو وتفاخر بين نخب الحزب في الأموال والأولاد..في انتظار الخلافة الإسلامية

وما تعليقكم على الجدل الذي خلقه مساندة اللاعب المغربي السابق عبد السلام وادو لرئيس الإتحاد الجزائري خير الدين زطشي؟

بما أن الرهانات التي كان قائمة تتجاوز الأشخاص ولها ارتباط مباشر بملف وحدتنا الترابية (تعديل الفصل الرابع من النظام الأساسي للكاف…)، فإن قرار لاعب المنتخب المغربي سابقا، السيد عبد السلام وادو كان في غير محله، وكان فيه سوء تقدير للمرحلة ورهاناتها. غير أنني اتضامن مع عبد السلام وادو ضد كل أولئك الذين قاموا بتخوينه وممارسة كل أشكال العنف المعنوي ضده. أتمنى أن يكون عبد السلام وادو موفقا في تواصله على شبكات التواصل الاجتماعي…فالوطن في حاجة لكل أبنائه.

قرار عبد السلام وادو كان في غير محله

كنتم صديقا للراحل دا حماد الدغيرني، ما تعليقكم على “النقاش” والإنفعالات التي عقبت ترميم قبره من طرف عائلته وبعض أصدقائه؟

أظن أن جميع أصدقاء الراحل دا حماد الدغيرني مطالبون باحترام إرادة عائلته الصغيرة، هذا هو الصواب والمتعارف عليه على الأقل في بلادنا. كما أن احتكار الحديث باسم الراحل من طرف هذا أوذاك مجانب للصواب وفيه إساءة للراحل. دا حماد كان أخا عزيزا وصديقا لأجيال من المناضلين ولا يجوز لمجموعة من هذا الجيل أو ذاك احتكار ذاكرته وذكراه. لا يجب اختزال دا حماد في تجربة الحزب الديمقراطي الأمازيغي المغربي، فالراحل كان من أهم أطر منظمة تاماينوت، ورئيسا للجنة الجماعية لتسييرمجلس التنسيق الوطني الأمازيغي، ومؤسسا للفضاء الجمعوي بالمغرب، وعضو في اتحاد كتاب المغرب ومن قيادات الإتحاد الوطني لطلبة المغرب سابقا…فلنكن جميعا في مستوى هذا الهرم الأمازيغي المغربي، ولنُنَوه بكل المبادرات الرامية إلى تكريم روحه وأعماله.

دا حماد الدغيرني كان أخا عزيزا وصديقا لأجيال من المناضلين ولا يجوز لمجموعة من هذا الجيل أو ذاك احتكار ذاكرته وذكراه

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد