الدكتور عبد الله الحلوي
يعرف الأخصائيون “الإغتيال السياسي” بأنه هو الإقدام على قتل قائد سياسي لأسباب سياسية أو لجعل المغتال يدفع ثمنا سياسيا. سأبين في هذا المقال/الشهادة أن مقتل الشهيد عمر خالق ليس نتيجة ل”مواجهات بين الطلبة” كما تحاول بعض المنابر الإعلامية أن توهمنا، بل اغتيال سياسي إرهابي أنجزته جماعة تابعة للبوليزاريو.
من هم؟
يوم السبت 23 يناير على الساعة 11:30 دخلت من الباب الرئيسي لكلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة القاضي عياض ــ مراكش لألاحظ انتشار مجموعة من الشباب الملثمين يتحركون بشكل سريع ومثير للإنتباه داخل بناية الكلية وبالضبط عند مدخلها وفي اتجاه المقصف. كان يبدو من حركتهم السريعة والمثيرة أنهم يبحثون عن شيء ما .. لم أفهم ما يحدث بالضبط! ظننت في لحظة من اللحظات أن بعض الطلبة كانوا يستعدون ربما لنشاط ثقافي أ يتدربون عليه.
لم أهتم بالأمر كثيرا بل اتجهت نحو مكتبة الكلية حيث كنت سألتقي بمجموعة من طلبة شعبة اللغة الإنجليزية على الساعة 12:00 في إطار التحضير لنشاط ثقافي في هذه الشعبة. في طريقي إلى المكتبة التقيت بأحد الطلبة المنتخبين إداريا ورسميا والذين كانوا يمثلون الطلبة عند الإدارة، فكان من بين ما قاله لي أن الإنفصاليين (الپوليزاريو) هم الملثمون الذين يقفون عند مدخل الكلية وأنهم يتربّصون بطلبة الحركة الثقافية الأمازيغية الذين كانوا يتواجدون داخل بناية الكلية ليهجموا عليهم هجوما عنيفا .. أحسست بالذعر عندما سمعت هذا الكلام، وخصوصا أن هذه الجماعة الإنفصالية تروج دائما في أدبياتها أنها لن تسمح للحركة الثقافية الأمازيغية (الذين يسمونهم بالشوڤين!) من التواجد في “القلعة الحمراء” (أي مراكش)، لكني استغربت أني لم أجد أي طلبة من الحركة الثقافية الأمازيغية (الذين كنت أعرف بعضهم من وجوههم) داخل الكلية … لم أكن أعرف أن هؤلاء الطلبة كانوا يجتازون الإمتحانات غير عالمين بالمصير الذي ينتظهرهم بالخارج. لذلك فقد توجهت إلى المكتبة حيث كان اجتماعي ببعض طلبة شعبة اللغة الإنجليزية وبقيت هناك حتى الساعة 01:00 تقريبا. لأعود بعد ذلك إلى البيت دون ألاحظ وقوع أي شيء.
حركة سلمية مضطهدة
رغم أن لا شيء وقع لحد الآن أحسست بشيء من الحزن خصوصا أني كنت أعرف أن الحركة الثقافية الأمازيغية حركة سلمية، بل هي الحركة الوحيدة في الجامعة المغربية التي تقدمت بميثاق شرف يجمع جميع الفصائل يتعهدون فيه بالعمل السلمي وبالتأكيد على أن الجامعة مجال للمعرفة والعلم والتداول العقلاني … إلا أن هذا الميثاق رُفض من طرف الفصائل الأخرى! .. كنت أحس بالحزن لأني كنت أفكر في الثمن الذي ينبغي أن تدفعه كل حركة سلمية في مناخ يطغى عليه العنف.
الإغتيال
في اليوم الموالي بدأت أستقبل مكالمات من زملائي وأصدقائي الذين روَوْا لي ما حدث بعد مغادرتي: كيف أن جماعة الإنفصاليين هجموا على طلبة الحركة الثقافية الأمازيغية بعد أن أنهووا اجتياز امتحاناتهم، كيف أنهم استدرجوا عمر خالق رحمه الله تعالى وزميلا له إلى مكان قريب من الكلية، فانهالوا عليهما بالسيوف والمزابر، وطعنوا عمر بسيف اخترق جدار رِئَتيْه وهشموا ذراعه وجمجمة رأسه، مما مزق أنسجة دماغه وعطل عملها. بعد أربعة في مستشفى ابن طفيل سيعلن الأطباء وفاة الشهيد.
مقتل عمر إذن لم يكن “مواجهات بين الطلبة”، كما تحاول بعض المنابر الإعلامية أن توهمنا، فلم تكن هناك أية مواجهات أصلا، .. ما شهدته وأشهد له هو أن جماعة من الملثمين الإنفصاليين ترصدوا طلبة آخرين ليعنّفوهم، وتربصوا بهم إلى أن أنهووا امتحاناتهم, فهجموا عليهم هجوما عنيفا، بل قتلوا أحدهم بدم بارد.
لقد كان مقتل عمر اغتيالا سياسيا محفِّزه الأساسي إصرار جماعات الپوليزاريو على السيطرة على كليات مدينة مراكش والهيمنة عليها بشكل كامل. لقد كانت نية الجماعة الإنفصالية والمتعاطفين معها أن تجعل قائدا من قادات الحركة الثقافية الأمازيغية يدفع ثمن إصرار فصيله على التواجد بكليات مراكش.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.