تراكم حصون “إكودار” عديدة ويلات السرقة في مناطق متفرقة من جهة سوس ماسة؛ آخرها بقبيلة آيت عبد الله إقليم تارودانت، بعدما عمد مجهولون إلى هجوم ليلي مدبر خرب الممتلكات وسرقة معلمة ثقافية وتاريخية.
وناشد سكان المنطقة السلطات الأمنية بالتحرك للقبض على المعنيين وتقديمهم للعدالة ليكونوا عبرة لكل من سولت له نفسه العبث بالذاكرة الجماعية والمعالم التاريخية للمنطقة، مشتكين من سرقة منازل وإكودار أخرى وضياع أغراض تاريخية لها قيمة مادية ومعنوية.
ويعود تاريخ تأسيس أكادير منطقة آيت عبد الله بتارودانت إلى 700 سنة، وقد ذهب المتورطون بمخطوطات وحلي يتراوح عمرها بين 300 و400 سنة؛ منها مصاحف كتبت بخط اليد، وعقود زواج وبيع وشراء، وقلادات فضية، وخناجر.
أحمد عصيد، الباحث في الثقافة الأمازيغية، قال إن ظاهرة السطو على “إكودار” تكررت في الآونة الأخيرة لأسباب عديدة؛ أهمها تفشي البطالة بين شباب المنطقة جراء التهميش، وانتشار المخدرات والجريمة في مناطق كانت آمنة من قبل.
وأضاف عصيد: “تفككت الروابط القبلية التقليدية التي كانت تحمي “أكادير” باعتباره قلعة لحماية ممتلكات القبيلة والدفاع عنها. ولهذا، كان موقع أكادير دائما ممتنعا وصعبا، وكان محميا بنظام عرفي صارم من خالفه أو حاول السطو على ممتلكات الغير كان يحكم عليه بالنفي من القبيلة ولا يعود بعد سنوات إلا بشروط.
وسجل المتحدث أن “هذا النظام يجعل من أكادير مخزنا للادخار والدفاع؛ ولكن أيضا فضاء للقضاء والعدالة، حيث كان يضم الألواح التي دونت عليها القوانين العرفية التي يتم تسيير شؤون القبيلة اعتمادا عليها، وكانت الأحكام تصدر عن مجلس “إنفلاس” الذي يرأسه “أمغار”، وهذا هو أصل كلمة “مخزن” التي يتداولها المغاربة اليوم بمعنى السلطة، فالمخزن ترجمة لكلمة أكادير الذي
الذي كانت تصدر منه الأحكام ويضم القوانين”.
واعتبر المصرح أن “ظاهرة السطو تفشت مع تخلي الناس عن مؤسسة أكادير وإهمالها بسبب تراجع الزراعة التي كانت تعتمد على تخزين المحاصيل في إكودار. كما أن الهجرة ساهمت في تراجع دور “إكودار” حيث أخذ الناس مدخراتهم نحو المدن، ولم يعودوا يعتمدون على “الأمين” الذي هو حارس أكادير”.
وأشار عصيد إلى أن الكثير من إكودار بدون حارس، ولأن من بين النفائس التي يحرص عليها السكان في الماضي توجد صكوك الملكية والمخطوطات القديمة التي تركت مهملة في إكودار، ويتوجه إليه السراق الآن من أجل السطو عليها وبيعها، وكذلك الأبواب الخشبية للغرف التي يتم انتزاعها وبيعها للبازارات.
وحمل الباحث في الثقافة الأمازيغية مسؤولية ما يجري لأطراف عديدة؛ منها المنتخبون المحليون والسلطات وكذا وزارة الثقافة التي أهملت هذه المآثر العريقة، التي أصبحت بحاجة ماسة إلى رعاية خاصة وحماية وترميم ودعاية سياحية، مع توفير كل المعطيات العلمية المتعلقة بهذه المآثر ووضعها في بطائق رهن إشارة الزوار المغاربة والأجانب.
اكتشاف المزيد من azulpress.ma
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.
التعليقات مغلقة.