زمن كورونا : هي فعلا لا تساوي جناح بعوضة تلك الدنيا الفانية

بقلم ذ.الفنان عمر أيت سعيد//

الأرض رغم جمالها ودقة نظامها فهي فعلا لا تساوي جناح بعوضة، هذه التي لطالما اعتبرتها جل الأدبيات الدينية  ضعيفة وتعتبرها مجرد جسر تمر عبره الأجيال . في حين هناك على العكس من ذلك تعظيم للإنسان وتمجيد لقدراته. هذا الإنسان الذي لا يشكل إلا نسبة قليلة جدا جدا ضمن مخلوقات الكون لكنه تدخل كثيرا في النظام البيئي وخلخله أدخل نيفه في كل شيء ، هذه الأرض  التي وصفها الخالق تعالى بكونها لا تساوي جناح بعوضة فبالفعل نجد فيروس كرونا أو غاز كرونا كما يسميه البعض لا يقايس هذا الجناح رغم كون البعوضة تشكل نظاما أخر معقد .

كرونا أوقفت العالم لأسابيع ، أوقفت المصانع لترتاح الأرض قليلا ، أوقفت عناد الإنسان وجبروته ، بعض خبراء العالم في البيئة استبشر بعضهم خيرا لما ألت اليه الصحة الجوية العالمية حيت بدأ ثاني أكسيد الكربون والأزوت ينقصان من الجو لأن الإنسان ابتعد وتوقف قليلا عن تلويث الهواء.

سترجع الحيوانات الهاربة من عقود من بطش الإنسان عافيتها بل بالفعل ففي المغرب مثلا هذه الحيوانات لأول مرة الى السهول،لتنعم بمساحات خضراء لطالما حرمت من نعيم الربيع والبرسيم فظلت لصيقة بالظلام والحجر والجبال.

كرونا فعلا تخلق ضغطا نفسيا وقلقا لأفاق الإنسان لكن هي كذلك أية من آيات الله على ضعفنا وعنادنا وشراهتنا حيت أصبحنا نعيش حياة دون معنى ، دون وجهة ، حياة تتسم بالتيهان l’errance  بمعنى لم نعد نعطي قيمة للأمور التي تستحق  ذلك ، مثل الحب والتضامن والصدق …أي تلك القيم التي لا تقدر بتمن بل بالعكس أولينا اهتماما كبيرا للأشكال والمظاهر واتبعنا الموضة في السيارات والهواتف والواجهات والمساحيق … نفكر في الشكل وننسى الجوهر والعمق.

كرونا ستعيده للتفكير من جديد في ما هو أعمق في ما هو إنساني، ستجعله يعطي القيمة  لأخيه الإنسان في إنسانيته لا في ممتلكاته في علمه وعلومه لا في أشيائه الاستهلاكية التافهة . ستجعله يعيد النظر في اختياراته في تخطيطاته ستعيد بناء نظرته للعالم الذي لا غرو ستتبدل ملامح اقتصاداته فمنها من ستبعث من جديد ومنها من ستتوارى الى الوراء .

بقلم ذ. الفنان عمر أيت سعيد 

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد