زاينة همو الإعلامية..القريبة من هموم الناس

بقلم أحمد عصيد

زاينة همو Zaina Hemmou وجه إعلامي أمازيغي بارز، اشتهرت من خلال برنامجها « Anmuggar n tifawin d umarg » الذي كانت تبثه إذاعة Casa FM (أو MFM بعد ذلك) من الدار البيضاء، ثم من أكادير لما يقرب من 15 سنة.

غير أن ما لا يعرفه الكثيرون هو أن المهنة الأصلية لـ حبيبة الداموح (إسمها الحقيقي)، هي مصممة أزياء، حيث حصلت منذ حداثة سنها على دبلوم في هذا التخصص، واستطاعت أن تبدع أشكالا جديدة من اللباس تستلهم فيها الثقافة الأمازيغية الأصلية، وفتحت محلا بالدار البيضاء لبيع تلك الملابس التي لا يجد الناس مثيلا لها في أي محل آخر، وأطلقت عليه إسم « Timelsa » ، غير أن ظروفا طارئة عصفت بمشروعها وجعلتها تتخلى عن حلمها وتتوجه نحو حلم آخر طالما راودها ووجدته ذا جاذبية قوية، وهو مجال الإعلام التي ستنطلق فيه سنة 2001، حيث شرعت فيما بين 2001 و 2005 في تقديم برنامج يحمل إسم « Abaraz n umarg » من مقر المعرض الدولي، لتنتقل بعد ذلك إلى إذاعة Casa FM، لتقديم برنامج « Anmuggar n tifawin d umarg »، الذي كان برنامجا متنوعا تختص كل حلقة من حلقاته بمجال معين على امتداد الأسبوع، لكن خطه التحريري يظل هو الإرشاد والتوعية المواطنة والاهتمام بالفاعلين المنتجين في مختلف المجالات.

على امتداد سنوات البرنامج استطاعت زاينة همو أن تقدم لجمهورها وجوها أمازيغية فاعلة في مجالات الثقافة والفن والبحث العلمي والطب والإدارة والزراعة والتجارة، ومختلف قطاعات الحياة العامة التي يحتاج فيها المواطنون إلى إضاءات تساعدهم في قضاء أغراضهم الحياتية، وقد استطاع البرنامج بهذا التنوع أن يتابع مختلف قضايا المجتمع باللغة الأمازيغية، متوجها إلى الناطقين بهذه اللغة باعتباره البرنامج الوحيد الذي يبث باللسان الأمازيغي من الإذاعة المذكورة.

زينة همو مع الرايس مهدي بنمبارك

وقد ساعد زاينة على حسن مواكبة الإشكاليات الكبرى للمغرب انخراطها في العمل الجمعوي الجاد، كمثل “الجمعية المغربية للفنون والثقافة الأمازيغية”، و”جمعية أسغركيس للتنمية”، وهي جمعية القرية التي ولدت بها ، وكذا “جمعية تاوادا للتنمية والثقافة”، وكذا مشاركتها في تنظيم العديد من القوافل الطبية إلى البوادي المهمشة لصالح المرأة القروية.

ومن أبرز إنجازات برنامج « Anmuggar n tifawin d umarg » وأياديه البيضاء ما حققه على مستويات ثلاثة:

1) نفض غبار النسيان عن وجوه فنية وإعلامية وثقافية اعتقد الناس في وفاتها لزمن طويل، حيث ألقت الضوء على شخصيات طواها النسيان وأبرزت قيمتها وعطاءها من جديد، وما زلت أذكر استحضارها للرايسة فطومة تالكريشت (86 سنة آنذاك)، والرايس المهدي بنمبارك الذي أشيع أنه توفي، ولكثير من الفنانين والفنانات من الجيل المؤسس.

2) القيام بحملات العمل الاجتماعي التضامني والإحساني من خلال البرنامج، حيث قامت زاينا بمتابعة قضايا مواطنين وعائلات في حالة العوز الكبير بالمناطق المهمشة والنائية، مما أدى إلى تدخل أطراف عديدة للقيام بالواجب تجاه الحالات الاجتماعية التي نبه إليها البرنامج.

3) الاستجابة للقضايا الطارئة وتوعية المواطنين بصددها، مثل ما يتعلق بالظواهر الاجتماعية المستجدة أو مشاكل المواطنين مع الإدارة الناجمة عن قرارات أو قوانين جديدة وغيرها، ومن أهم المعارك التي انخرطت فيها مشكلة الأرض Akal وما ارتبط بها من مشاكل عويصة وحسّاسة بجهة سوس ـ ماسة مثل تحديد الملك الغابوي والخنزير البرّي والرعي الجائر واستغلال الثروات والمناجم.

4) مواكبة ورش مأسسة الأمازيغية ومسلسل إدراجها في مختلف قطاعات الدولة، مع التعرض للعوائق المختلفة وتقييم الإنجازات عبر استحضار طرفين: الفاعلين الرئيسيين للمجتمع المدني الأمازيغي من جهة، وباحثي المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وقد وضعت زاينة برنامجا مكثفا طوال السنة لهذا الموضوع، حيث تمكنت في سابقة من نوعها من استدعاء باحثي جميع مراكز البحث بالمعهد على مدار السنة، والذين هم من تخصصات مختلفة: لسانيات، تربية وديداكتيك، تاريخ، آداب وفنون، ترجمة، أنثروبولوجيا وسوسيولوجيا، آداب وفنون ومعلوميات، وتمكنت من تقديم صورة واضحة لجمهورها عن الاختيارات المنهجية والاستراتيجية التي انبنت عليها معيرة الأمازيغية وتهيئتها والبحث فيها، وكذا الصعوبات والعوائق التي يعرفها هذا الورش الوطني.

وكما هو شأن كل عمل جدي في بلدنا، سيتعرض برنامج زاينة همو لكثير من المؤامرات التي انتهت إلى إلغائه نهائيا رغم نجاحه المشهود له به من قبل جمهوره الواسع، برنامج « Anmuggar n tifawin d umarg » الذي هو البرنامج الوحيد الذي كانت تبثه MFM بالأمازيغية، لتصبح هذه الإذاعة بذلك خارج قانون السمعي ـ البصري الذي ينصّ على ضرورة احترام القنوات الإذاعية والتلفزية المغربية للتنوع اللغوي والثقافي الوطني، الذي ينصّ عليه الدستور المغربي.

حصلت زاينة سنة 2008 على جائزة الثقافة الأمازيغية صنف الإعلام والاتصال. كما تم تكريمها في عدد كبير من الملتقيات، وظلت تحتفظ لدى جمهور الإعلام الأمازيغي بصورة المذيعة الهادئة التي وقفت بجانب المحرومين والفنانين المهمشين، والتي واكبت مختلف قضايا المغرب المعاصر لسنوات طويلة.

زاينة اليوم ما زالت قريبة من جمهورها عبر قناة “بلانكا”، التي تستمر من خلالها في إثارة القضايا التي تشغل الناس في مختلف مناطق المغرب.

كما عادت إلى موهبتها الأصلية بالمساهمة في تنظيم « Fachion Amazigh » الذي هو عرض للأزياء التقليدية بأكادير. وما زالت تعمل على تغيير نظرة الناس الفولكلورية إلى اللباس الأمازيغي عبر تحديثه وتقديمه في قالب جديد يروق للشباب المعاصر.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد