خاطرة الحجر الصحي: كيف يكون يا ترى غدنا..؟

الكلمةالسحرية الساحرة في كل الأفواه، في كل القنوات دولية كانت او وطنية او جهوية تلكؤها الالسن كبلسم مر لا يطاق، فتغولت في كل الافواه و كل الالسن مطوقة مسيجة بهلع شديد و توجس مخيف عنيد، عابر البحار و القارات…

في الأزمات يظهر الأنبياء…البعض في نبوءات ابوكاليبتيكية ماحقة، طاحنة للاخضر و اليابس و البعض الآخر يستلذ الركوب على حصان طروادة منتصرا لاهواء و رغبات لا شعورية في انتصارات بهلوانية، دونكيشوطية تستبلد عقول الدهماء و الغوغاء و ذوي العقول المسطحة البسيطة.

و ينفلت السؤال من السؤال و يبقى حبيس المكان الممكن و يكون للنظرة رهان السؤال. النظرة من النافذة حبيسة السؤال رغم أنها تبارح المكان أكثر من الجوارح الأخرى ، تقتحم الفضاءات الممكنة خارج المكان المسيج بظروف الحجر بعد أن اعياها السؤال داخل أقبية الانعزال الاضطراري… فقد جالت في الدواخل ايما تجوال. فمن التجوال داخل الكينونة في انزياحات وجودية ملاءى بالسؤال الى التجوال و التدقيق في أغوار دقائق الأمكنة.

و يبقى السؤال الوجودي الراهن و السرمدي محيرا و قابلا لإشعال فتيل الحيرة و الحسرة الأبدية المدمرة . ففي داخل المكان المحدود المسيج بالجدران، يبقى الأفراد فرادى، منزوين لا يكلم الواحد الآخر بعد أن استردت الأمكنة جبروتها  في زمن الإنترنيت و في زمن كورونا. فقد أصبحت الأمكنة مخوصصة لا تبارح إلا قليلا و قد تكون مرهقة متوجسة بعد أن اعيتها الاجساد المترهلة المستلقية فيها بدون استئذان.

في داخل الامكنة، لم يعد للزمن إيقاع. لم تعد الجمعة جمعة و لا الأحد أحد. لا اعتبار لبداية الأسبوع و لا لنهايته. تتداول الأيام بلا رأس و لا عقب فاهتز المعتاد اهتزازا ومرغ في لعنة العناد. اليقظة و النوم سيان و الوجبات اليومية المعتادة  فقدت بوصلتها و أوقاتها و امكنتها و حتى نكهة مذاقعا و لذته.

و تستمر الشكوك و يستمر الهلع و تشرءب العقول الى الفضاء الأوسع و الى الأمكنة الرحبة المترامية الأطراف و لكن لا شيء في الأفق القريب إلا السراب الداكن المريب و المزيد من الشك و الارتباك بعد قضاء شهرين متتابعين بلا انقضاء في الحجر الصحي و الأرقام لم تستقر بعد على وضع محدد بل تزيد و تنقص حسب عشوائية تبقى رهينة كل الاحتمالات.

كيف يكون يا ترى غدنا مع هذا الكائن الخرافي العتيد العنيد الذي ملأ الدنيا زعيقا و نعيقا و مارس كل استبداده الجهنمي على ملايير البشر رغم جبروتهم و عتوهم و عتادهم؟ متى يا ترى سيجرد هذا الكائن الخرافي من تاجه و صولجانه و ينزل من عرشه و علياءه صاغرا ذليلا مثل كل الطغاة من فصيلته و عشيرته فيخر صرعى الموت الابدي كسائر أقرانه و عشيرته؟

——————————–
بقلم : الحسين أجكون ( ماي 2020 )

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد