حلمنا لا ينتهي ..لكن الثورة لا تأتي

fb_img_1478446813588

احمد نشاطي //

مهداة لروح الشهيد عبد السلام المودن ..

في ربيع 1992، تأبط القيادي الحزبي والفاعل السياسي والحقوقي والصحافي الرفيق الشهيد عبد السلام المودن بعض أوراقه الخاصة لزوم العمل، وخرج في اتجاه محطة القطار، في رحلته اليومية من الدارالبيضاء إلى الرباط، لكنه لم يصل إلى جريدة “أنوال” في التاسعة صباحا ودقائق معدودات كما هي عادته، لم يكن يتأخر عن عمله، ولم يخلف يوما مواعيده، لكنه في ذلك اليوم لم يظهر له أثر. ولا في اليوم الموالي ولا حتى الثالث.
أذكر حالة الرعب الإرهابي، التي انتابتني في تلك الأيام، بحكم العلاقة الوطيدة، التي كانت تربطنا، كان يسألني باستمرار عن الحب، وهو كان عليما بتلك العلاقة، التي كانت تستأثر بالقلب في ذلك الوقت، وكنا نسأله عن الثورة، وتلك قصة أخرى، كان يمازحنا، ويقول: هاهي جاية.. وكل منا كانت له قناعته بمجيء تلك الثورة الوطنية الديمقراطية: قد تأتي اليوم أو غدا، قد تأتي بعد هنيهة أو على حين غرة…
لا يمكن أن يدرك، إلا من جرب، حالة الرعب الإرهابي، التي يعيشها المختطف، وتلك التي تعيشها عائلته وذووه ورفاقه، هل يأكل، هل يشرب، هل ينام، هل هو حي أو ميت، هل يعذبونه، القرعة والتريسينتي والفلاقة والطيارة والجفّاف…، هل يعود على رجليه عاديا طبيعيا، أم معطوبا بكل تلك الأشياء التي نعرف والتي لا نعرف مما لا علاقة لها بالمطلق بالحياة الاعتيادية للبشر، أم يأتي محمولا على كفن، أو بكل بساطة لا ولن يظهر له أثر…
قبل لحظة الاختطاف في مارس 1992، كان الرفيق الشهيد كتب مقال رأي عن سطوة وزير الداخلية آنذاك إدريس البصري، وطالب بمحاكمته باعتباره يمثل رمزا لكل أشكال القمع والتزوير،،، كان ذلك في وقت لا أحد، يمينا ولا يسارا، كان بمقدوره أن يقول كلمة نقد ولو بالإشارة لمن كنا نسميه “كلب الملك”… ولم تمر سوى أيام حتى اختطف… ولم تمر سوى شهور حتى قتل… وقيل لنا إنه هلك في حادثة سير في بوقنادل… وإلى حدود اليوم، لم تعرف الحقيقة…
رفيقي الجميل، في ذلك اليوم، 5 فبراير 1992، بكيت كما لم أبك من قبل، أستأذنك اليوم في بعض من البكاء، حلمنا لا ينتهي، لكن الثورة لا تأتي…

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. الموافقة قرائة المزيد